كتب أحدهم في صحيفة بريطانية مقالا أقل ما يقال عنه إنه مخادع وتافه، يتنبأ فيه بأزمة شبيهة بأزمة اللاجئين السوريين ستصيب أوروبا عندما يغادر فخامة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة هذا العالم.
يتوقع هذا المتحذلق أن يتداعى الاتحاد الأوروبي قريبا، ولن يكون ذلك بسبب تداعيات انسلاخ بريطانيا عن هذا الكيان بعد التصويت المعروف باسم (البريكسيت)، بل لسبب أشد وأعظم هو تمكن الإسلاميين في الجزائر من السلطة بعد وفاة الرئيس بوتفليقة. ويستمر الكاتب في الادعاء، نقلا عن أحد المراقبين، أن فخامته في وضع “عقله صار أسوأ حالا من جسده”، حتى أنه لم يبق أمامه إلا أياما معدودات. وقبل أن يستفيق الجزائريون من صدمتهم سيكون المارد الإسلامي قد خرج من القمقم، الذي وضعه فيه صاحب الفخامة لسنوات طوال، ساعيا إلى الاستيلاء على السلطة ثم بعد ذلك تبدأ أكبر موجة نزوح من شمال إفريقيا نحو أوروبا هربا من اندلاع حرب أهلية في البلد.
ترددت كثيرا قبل أن أعلق على هذا المقال، وأنا أدرك يقينا أن حكومتنا الرشيدة تعمدت عدم الرد عليه، لا لأنها عاجزة عن ذلك (حاشا!)، بل إيمانا منها أن أحسن رد على الحمقى هو السكوت. لكني مع ذلك أجد نفسي مجبرا على مخاطبة هذا السفيه لأقول له أولا: خسئت. وثانيا: أنت لا تعرف شيئا عن الجزائر ولا عن رئيسها. وبدلا من أن تذهب لتسأل المراقبين والمتابعين كان جديرا بك أن تتابع ما ينشر وما يقال داخل الجزائر بلسان الجزائريين النبلاء.
ألم تسمع أن البساط الحريري من أجل الولاية الخامسة لفخامته قد بدأ يُفرش؟ نعم، لا يزال الوقت مبكرا لذلك، لكن مثل هذه المسائل عندنا يتم تحضيرها على نار هادئة حتى تنضج جيدا، كما أن الناس تتسابق لتجديد العهد والولاء والسابقون السابقون أولئك المقربون. لا تقل لي إن الذين يباركون من الآن للولاية الخامسة هم أناس تافهون أو سياسيون مبتدئون. لأني سأفاجئك بالقول إنهم أناس مثقفون تقلدوا عدة مناصب برلمانية وحكومية وحزبية. تريد أن تعرف من هو أولهم؟ هو شخص حائز على درجة الدكتوراه من إحدى الجامعات الفرنسية وكان رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية في البرلمان وعضوا في قيادة حزب جبهة التحرير الوطني ووزيرا ثم وزيرا. عندما تسمع شخصا مثل هذا يقول في تصريح تلفزيوني (المقطع أدناه من قناة البلاد لمن لم يشاهده) إن الولاية الخامسة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة ضرورية وواجبة، فلا بد أن لا ينطلق لسانك. في بلدان أخرى، ولنأخذ مثالا فرنسا التي درس فيها الدكتور الوزير نلاحظ أي أحد مثله جامعيا وبرلمانيا ووزيرا سابقا يسارع إلى ترشيح نفسه لمنصب الرئاسة لأنه يعتقد أن له حظوظا متساوية مع كل السياسيين الآخرين وحتى مع الرئيس نفسه.
لكن عندنا الأمر مختلف تماما، الأميون والطماعون والانتهازيون والدكاترة كلهم يقفون في صف واحد يلحون على فخامته أن يستمر رئيسا مدى الأزمان. لماذا؟ يقول لك الدكتور الوزير: لأن أمام فخامته عمل لم يكتمل. ولا يقولنّ لي أحدكم إن هذا دليل على أن فخامته مقصّر وكان أجدر به أن يكمل عمله في الولاية الأولى أو الثانية على أكثر تقدير. لم يصدر عنه أي تقصير، بل كان في كل مرة يكمل المهمة وينجز الوعود التي أطلقها لشعبه، لكن ما إن تكتمل فترة حتى يُسقط الشعبُ نفسه في متاهات وضائقات لا يقدر على إخراجه منها إلا واحدٌ أحدٌ هو صاحب الفخامة عبد العزيز بوتفليقة، ولذلك تجد كل الشعب على قلب رجل واحد يدعوه لإنقاذ الجزائر وإكمال المهمة، وبما أنه رجل طيب القلب فإنه لا يجد سبيلا أمامه إلا القبول على مضض بالمهمة وتأجيل انسحابه إلى أجل لاحق.
تتوقع أيها الكاتب أن يغادر فخامته في أجل قريب، وكأنك لم تسمع الدكتور الوزير السابق الآخر وهو يبشّر الجزائريين أن رئيسهم سيقف على قدميه خلال بضعة أشهر، ونحن نعدّ الأيام والساعات على أحرّ من الجمر. أقول لك ولكل من يتمنى الموت لفخامته، ادفنوا أمانيكم، لأن ذلك أضغاث أحلام. عليكم أن تفهموا أنّ الذين يطالبون بولاية خامسة وسادسة وعاشرة يريدون أن ينبهوكم إلى أن فخامته لن يموت، وغيابه عن الساحة ليس معناه أنه يعاني من شيء لا في عقله ولا في جسده، بل هو فقط منشغل في حل المشاكل التي لا تنتهي وهو يتولى الأمر لوحده بعد أن رمى عليه كل الشعب غبنه عليه.
ولنفرض جدلا أن هؤلاء الدكاترة والوزراء على خطأ وأن الموت سيدرك فخامته عاجلا أم آجلا، فإن نبوءتك أيها الكاتب ستتبخر، لأن فخامته قد نجح في وضع القطار على السكة وبنى بلدا قويا شامخا يسوده السلم والوئام وعلّم أبناء شعبه كيف يتحابون بينهم ويعشقون وطنهم ومحال أن يفكروا يوما في النزوح أو الهرب لا إلى أوروبا ولا إلى أي بلد آخر، لأن وطنهم صار جنة على الأرض، وليس هناك أي عاقل بإمكانه الهرب من الجنة إلى الجحيم. وإن لم تصدق فتعال لتتأكد.
www.atrashfizzaffa.com/single-post/2016/12/09/نبوءة-كاتب-كاذب
Donald Trump réclame les deux tiers de la richesse saoudienne, et l’Algérie qui n’a rien à donner, doit vendre
Seul les adorateurs du feu seront en paix.