«زيتوت» لـ«الخليج العربي»: 2017 ستشهد سقوط عواصم عربية جديدة

– المنطقة العربية تتجه إلى أوضاع أسوأ والثورة المضادة ما زالت على أشدها
– خرجنا من مرحلة الاستقرار الاستعماري للاستبداد الطاغي
– تفتيت العالم العربي ليس حتمًا ولكنه ممكن
– الانتفاضات العربية بريئة من تمزيق السودان والعراق
– حلب عرَّت المنطقة والأنظمة العربية
– الجامعة العربية هيكل فارغ وأقرب لمكتب تابع للسيسي
– «قوة عربية مشتركة» و«جيش إسلامي» مشروعان أنتجتهما أنظمة تعيش لحظاتها الأخيرة
– الاستعمار اختفى خلف ستار وكلائه بالمنطقة ويعود الآن بشكل فاضح
– النظام الجزائري يعيش لحظاته الأخيرة و2017 أو 2018 النهاية الحتمية له
– ليس لدينا دول عربية بمعنى حقيقي ولكن لدينا إقطاعيات عسكرية أو أسرية ملكية أو جمهورية
«الخليج العربي» – الزهراء عامر
فجر محمد العربي زيتوت – الدبلوماسي الجزائري السابق – مفاجآت من العيار الثقيل ستهز أركان دول وأنظمة، وعلى رأسها مصر والجزائر خلال عام 2017، بعدما شهدت المنطقة العربية مستجدات جديدة تتعلق بتغير موازين القوى في ظل عودة روسيا لاحتلال مكانتها كقوة عالمية، وتدخلها في حلحلة كثير من أزمات المنطقة، وكذلك التمدد الإيراني الصفوي الذي يسعي لتفتيت العالم العربي.

وكشف – في حوار حصري لـ«الخليج العربي» – أن العالم العربي على أبواب سقوط عواصم عربية أخرى في الفوضى قبل أن تحرر، مشيرًا إلى أن كبرى العواصم العربية قد تكون القاهرة والجزائر، نتيجة طبيعية للتعمق وكبر الاستبداد بها، حيث يقدم رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي أكثر الأمثلة بروزًا في هذا الاتجاه.

وإلى نص الحوار:
** بداية كيف ترون الواقع العربي في عام 2017م بعد عام حافل بالمفاجآت والصراعات الدامية؟
– صراحة أنا لست متفائلا إطلاقا، وقد يكون عام 2017 أسوأ حالاً من عام 2016، وقد تلتحق مناطق ودول عربية أخرى بحالة الفوضى التي تتوسع وتتمدد وتكبر في المنطقة العربية، وهذا أمر طبيعي جدًا؛ لأننا عشنا في المناطق العربية ما يقرب من 50 عامًا تحت حكم أنظمة طاغية استبدادية ورثت الاستعمار الذي كان يسود المنطقة عموما، وإذا بالمنطقة بعد أن تحررت شكليًا من الاستعمار خضعت لاستبداد أحيانًا أشد وأنكى، وتبين هذا منذ أن حرق البوعزيزي نفسه في تونس قبل 6 سنوات من الآن.

للأسف نتجه إلى أوضاع أسوأ، والثورة المضادة ما زالت على أشدها في المنطقة العربية، ويقودها حكام عرب ومعهم قوة خارجية سواء كانت غربية أو روسية أو فارسية.

** الواضح أن مخطط تفتيت العالم العربي دخل حيز التنفيذ.. والحديث عن سوريا الموحدة أو اليمن الموحد أو ليبيا الموحدة والعراق الموحد صار نسجًا من الخيال، فهل سينتقل المخطط لدول عربية أخرى؟
– مخطط تفتيت العالم العربي ليس جديدًا، وليس حتمًا كل الدول العربية يراد لها التفتيت، ولكن نحن نخرج من مرحلة الاستقرار أو الاستمرار الاستعماري التي دامت نحو 50 عامًا منذ خروج الاستعمار من منتصف الخمسينات إلى منتصف الستينات من المنطقة العربية.

نرى الحكام الذين مثلوا الاستعمار كوكلاء له يتساقطون، كهروب بن علي من تونس، ثم انكسار مبارك بمصر، ثم اليمن ثم سوريا، وبينها ليبيا.

ورأينا في مصر عودة النظام السابق بأسوأ وأقبح صور ممكنة له، متمثلة في السيسي، وفي تونس أيضا تم إعادة إنتاج النظام السابق بشكل مختلف جزئيًا، أو نقول مرن جزئيًا، وفي ليبيا لم يتمكنوا حتى الآن من إنتاج النظام السابق، فهناك دعم للانقلابي الخليفة حفتر، وإن لم يتمكنوا من عودة النظام القديم، فإنهم سيعملون على نشر الفوضى.

عمومًا.. التفتيت ليس حتمًا ولكن ممكن جدًا، وإن كان التفتيت قد بدأ من قبل، ولعل الدولة التي بدأ تفتيتها حتى الآن رسميا هي السودان، ولكن بشكل ربما واقعي دولة العراق، وفي كلتا الحالتين جاء التفتيت ليس نتيجة للانتفاضات العربية، وإنما نتيجة لتدخل خارجي مباشر كما هو في العراق، وتدخل خارجي غير مباشر كما هو في السودان.

** كشفت مأساة حلب هشاشة الوضع العربي، وأن كل الحلول تتم على حساب الدول العربية.. فأين جامعة الدول العربية؟ وهل وجودها صار كالعدم؟
– في الحقيقة حلب عرَّت المنطقة والأنظمة العربية وأسقطت واحدة من آخر أوراق التوت عنهم، وأثبتت أن هؤلاء الحكام العرب إما متواطئون مباشرة مثل النظام الجزائري والعراقي، واللبناني والإماراتي مع سفاح دمشق، أو بشكل غير مباشر.

كل الدول العربية باستثناء بلد أو بلدين في حقيقة الأمر يدعمون الشعب السوري، والباقي متورط بشكل أو بآخر، حلب أثبتت هذه الحقيقة وإن كانت لم تنتجها.

الجامعة العربية هي هيكل فارغ، وهي أقرب منها إلى مكتب تابع لوزارة خارجية الانقلابي السيسي، كما كانت دائما تابعة لوزارة الخارجية المصرية، من كونها معبرة حقيقة عن إرادة الشعوب، هي لا تعبر حتى عن إرادة الأنظمة كلها، فما بالك أن تعبر عن إرادة الشعوب العربية!

هناك قطيعة كاملة بين الأنظمة العربية وشعوبها، والانتفاضات العربية ابتداء من 2011 أثبتت ذلك.

** الحديث عن قوة عربية مشتركة تبخر كما تبخرت اقتراحات أخرى بوحدة عربية.. فهل صارت استعانة الأنظمة العربية بالقوة الأجنبية هي الأسهل؟
– بالنسبة للحديث عن قوة عربية مشتركة وعن جيش إسلامي موحد، هذه كلها مشروعات أنتجتها أنظمة ربما تعيش سنواتها ولحظاتها الأخيرة، تحاول أن تجد كيف تنجو من السقوط، والسقوط في اعتقادي محتوم، وكلما تأخر هذا السقوط، كلما كان مكلفًا جدًا.

أتوقع أننا على أبواب سقوط عواصم عربية أخرى، ستسقط في الفوضى قبل أن تحرر، وكبرى العواصم العربية، وقد تكون القاهرة والجزائر على أبواب انهيار في 2017، وذلك نتيجة طبيعية للتعمق ولكبر الاستبداد بها، حيث يقدم السيسي الآن أكثر الأمثلة بروزًا في هذا الاتجاه.

** نحن نرى عودة الاستعمار القديم للعالم العربي لحماية الأنظمة مقابل رسم الحماية.. فهل يعود الاحتلال؟
– في الحقيقة الاستعمار لم يخرج من المنطقة العربية، إنما حسن وجهه، وحسن تصرفاته، بحيث أوجد وكلاء معه يتشاركون في إدارة البلدان، بشكل أو بآخر على درجات مختلفة، ولكن الأنظمة العربية هي وكيلة لتلك الدولة الاستعمارية.

الوكلاء في المنطقة أكثر لأميركا، وفي الدولة المغربية الوكلاء لفرنسا، وما إلى آخره، وفي سوريا واضح جدًا أن نظام بشار ليس فقط وكيلاً للروسي، وإنما جاء بهم علنًا لاحتلال سوريا.

إذن، فالاستعمار يعود بشكل فاضح وواضح وسافر وإن كان لم يخرج، وإنما اختفى خلف الستار، وعندما اضطرته الانتفاضات العربية ها هو يعود لكي يضع يده على البلدان بشكل مباشر.

أعتقد أن هذا بالنسبة للشعوب أفضل حالاً من قبل؛ لأننا كنا نظن أننا مستقلون وأننا أحرار وأننا تحكمنا أنظمة وطنية، ولكن في واقع الأمر إننا كنا نحكم بـ«الريموت كنترول».

** كيف ترون دور الجزائر في إيجاد حل للأزمة الليبية؟
– نظام الجزائر لم يستطع حل مشكلاته الداخلية، وهناك توترات هائلة في الجزائر وصراعات بين الأجنحة، هناك ملايين انضموا إلى قوائم الفقراء، هناك انهيار اقتصادي نتيجة انهيار أسعار البترول، أوضاع مزرية اجتماعية اقتصادية، إذن النظام الجزائري نفسه يعيش لحظاته الأخيرة، وربما سنة 2017 ستكون الأخيرة لهذا النظام، وعلى أقصى تقدير 2018 سينهار هذا النظام، ولكن سيخلف كوارث وآثارا هائلة بكل ما تعنيه الكلمات، وبخاصة أن الجزائر ليست بالبلد الصغير، فهي من أكبر الدول العربية مساحة، وهي ثاني أكبر دولة عربية سكانًا بعد مصر.

الجزائر ليس لها دور حقيقي في الأزمة الليبية، فهي تحاول أن تجد لها دورا، لكن الدور الأساسي تقوم به القوى الكبرى، وهذه القوى تريد أن تنتج نظاما جديدا تابعا لها، وإن لم تستطع فإنها لن تترك ليبيا.

والغرب طبعا يريد أن تستقر ليبيا لمصالح تتعلق بالاقتصاد وبالطاقة، وذلك من خلال الحد من الهجرة والحد مما يسمونه الإرهاب، ولكن إذا لم يستطع أن يضع يده عليها فإنه يفضل أن تكون الفوضى فيها.

** لماذا كل الحلول تكون على حساب الدول العربية؟
– ليس لدينا دول عربية بمعنى حقيقي، ولكن لدينا إقطاعيات عسكرية أو أسرية ملكية أو جمهورية، ولكنها في نهاية المطاف لا تحكم بالإرادة الشعبية، ليس هناك ديمقراطية حقيقية في أي بلد عربي، حتى وإن اختلفت الدرجات، ولكنها تحكم بشكل أو بآخر بحكم استبدادي طغياني، والاستبداد بطبعه أنتج الفساد، والفساد عندما يعم يولد كوارث.

الدول العربية ضعيفة جدًا، وكلها ما بين دول عربية فاشلة ودول في طريقها للفشل، وبكل ألم.

** كيف ترون خطر التمدد الإيراني الصفوي على الدول العربية السنية؟ وكيف يمكن مواجهته، ومن يستطيع أن يقف في وجه طهران؟
– التمدد الإيراني الصفوي خطر قديم، ولكنه تجدد مع الغزو الأميركي للعراق الذي ساعدته إيران، مثلما أميركا في أفغانستان، وها هي تشاركها احتلال العراق، وسوريا محتلة مشاركة بين روسيا وإيران، وإيران تريد أن تصفي حسابات تاريخية طائفية مذهبية جغرافية مع المنطقة العربية، وهي بذلك تسعى ربما لإسقاط النظام التركي؛ لأنها تعرف أنه أكثر الأنظمة السنية قوة، فإذا ما أضعفته أو أسقطته فستكون المنطقة العربية سائغة أمامها.

أعتقد أن خلال عامين أو ثلاثة ستظل إيران قوية، ولكنها مع الأيام ستضعف وتضعف أكثر، وبخاصة أن وضعها الداخلي ليس مستقرا، ووضعها الاقتصادي ليس قويًا جدًا، وتبدو قوية في منطقة وضعيفة في منطقة أخرى.

إيران الآن تشكل مع إسرائيل خطرًا حقيقيًا وكبيرًا جدًا على المنطقة العربية، لا يمكن مواجهتها بالأنظمة القائمة.

الأنظمة الحالية ليست أنظمة عقائدية تواجه النظام العقائدي الإيراني، وليست لها قدرة عسكرية لتواجه نظاما عسكريا له قوة عسكرية مثل إيران. الوحيد الذي يستطيع أن يواجه إيران تركيا، ولكن لا نعتقد أن تدخل تركيا حربًا مع إيران من أجل الدول العربية، وإن كانت ربما ستتناوش معها بحروب بالوكالة في العراق وسوريا، وفي السعودية والبحرين في السنوات القادمة، لذا يجب أن تتغير هذه الأنظمة لكي تنجو دولنا وأوطاننا.

http://www.alkhaleejelarabi.com/ar/articles/5976