استغرب العضو المؤسس في حركة “رشاد” الجزائرية المعارضة، الديبلوماسي السابق محمد العربي زيتوت، بشدة إقدام الاتحاد الإفريقي على تعيين الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة منسقا إفريقيا لمكافحة الإرهاب، في ظل الغموض الذي يلف صحة بوتفليقة.
ووصف زيتوت في حديث مع “قدس برس” القرار الإفريقي يتعيين بوتفليقة منسقا إفريقيا لمكافحة الإرهاب، بأنه “رشوة إفريقية للاستمرار في الاستفادة من أموال الجزائر لا غير”.
وأشار زيتوت إلى أن الحياة السياسية في الجزائر، تعيش حالة من العبث، بدءا بصحة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وصولا إلى الصراعات الحزبية عشية الانتخابات المرتقبة، مرورا بمعركة وراثة بوتفليقة على الحكم.
وقال: “هناك مجموعة من الدلائل التي تشير إلى أن غياب بوتفليقة عن الظهور ليس عاديا، فقد تم إلغاء عدة لقاءات معلنة له، مع المستشارة الالمانية والرئيس الإيراني ووزير الخارجية الإسباني ووزير الداخلية الفرنسي، بعد أن تم الإعلان عن أنه أصيب بشعب هوائية حادة”.
وأضاف: “وما يزيد من حالة الغموض هذه، هو التردي السياسي الذي تعيشه البلاد، والذي وصل فيه الصراع بين الأحزاب إلى سقوط قتيل وجرحى، دون أن يدفع ذلك بالمقربين من بوتفليقة إلى ترتيب إظهاره كما اعتادوا إظهاره من قبل مرة في الشهر”.
وكشف زيتوت النقاب عن أن “الوضع السياسي في الجزائر ازداد تعقيدا، مع عدم التوصل بين أجنحة الحكم إلى توافق حول من سيخلف بوتفليقة على رأس الحكم”.
وقال: “هناك من العسكريين الفريق قايد صالح، وعبد الغني الهامل وبن علي بن علي، جميعهم له الرغبة في خلافة بوتفليقة، وكثير من السياسيين يطمحون أيضا لذلك، ومنهم علي بن فليس و مولود حمروش، على الرغم من أن الغرب معني بدعم عسكري قادر على فرض الاستقرار بالمفهوم الغربي ومنع تدفق اللاجئين الجزائريين إلى أوروبا”.
ورأى زيتوت أن “القرار الإفريقي بتعيين بوتفليقة منسقا إفريقيا لمكافحة الإرهاب، يدخل في سياقين: الأول أنه نتيجة لجهد خاص قام به وزير الخارجية الجزائري رمطان العمامرة، الذي يسعى للتقرب من جناح السعيد بوتفليقة ولا يخفي طموحه في الوصول إلى الرئاسة، أما السياق الثاني، فهو يأتي لتحقيق هدف للاتحاد الإفريقي للاستفادة من الدعم المالي الجزائري للاتحاد”.
وأضاف: “وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها تقديم الأموال الجزائرية إلى إفريقيا بطريقة أشبه ما تكون بالرشوة، فقد سبق للجزائر قبل أربعة أعوام أن مسحت ديون عدد من الدول الإفريقية بنحو 902 مليون دولار”.
وتابع: “ما يهم النظام الجزائري في هذا كله هو أن يتم ذكر الرئيس بوتفليقة لا غير”.
ولم يستبعد زيتوت أن يكون وراء هذا القرار التنافس الجزائري ـ المغربي على إفريقيا، وقال: “هناك سياسة متبعة في كل من الجزائر والمغرب تقوم على رفع سياسة التوتر بين البلدين لأسباب داخلية بحتة، وقد كان توتير الوضع مع المغرب في الجزائر دوما لجمع شتات الاجنحة المتصارعة ضد عدو خارجي وتوحيد الجبهة الداخلية”.
وأضاف: “هناك لوبي إفريقي يأخذ أموالا من الجزائر، وآخر يأخذ أموالا من المغرب، وللأسف الشديد أموال الجزائر والمغرب يتم صرفها من أجل الصراع على ساحة إفريقية هي في الأصل خاضعة للقوى الخارجية الكبرى”، على حد تعبيره.
وكان قد جرى أمس الثلاثاء في العاصمة الاثيوبية أديس أباب تعيين الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة منسقا إفريقيا لمكافحة الإرهاب من قبل نظرائه الأفارقة، وذلك بمناسبة حفل تسليم واستلام المهام بين اعضاء مفوضية الاتحاد الافريقي المنتهية عهدتهم والجدد.
وجرى الحفل بحضور الوزير الأول الجزائري عبد المالك سلال بصفته الممثل الشخصي للرئيس الجزائري.
وذكرت وكالة الأنباء الجزائرية (رسمية) التي أوردت الخبر اليوم الاربعاء، أن رئيس الاتحاد الإفريقي الحالي الرئيس ألفا كوندي أعلن عن هذا التعيين أمام مكتب الندوة عرفانا وتقديرا لالتزام رئيس الدولة “الشخصي والمتجدد” في مكافحة الإرهاب الدولي ولإسهام الجزائر الكبير والمعترف به في التعبئة الدولية لمكافحة هذه الآفة.
ورأت الوكالة أن “هذه الثقة تعد شهادة قوية لصالح السياسات التي اعتمدها الرئيس الجزائري من أجل استقرار البلد والمكتسبات التي حققتها الجزائر في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي بفضل سياسة الحوار والمصالحة الوطنية والوئام المدني. كما تدعم هذه الثقة دور الرئيس بوتفليقة والتزامه الشخصي في تسوية النزاعات في إفريقيا لاسيما عن طريق السياسة والحوار”، وفق الوكالة.
تجدر الإشارة أن “الاتحاد الإفريقي” كان قد عيّن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في قمته الأخيرة أواخر كانون ثاني (يناير) الماضي نائبا للرئيس الجديد للاتحاد الإفريقي رئيس جمهورية غينيا ألفا كوندي الذي خلف الرئيس التشادي إدريس ديبي.
يذكر أن حركة “رشاد” هي حركة جزائرية معارضة لنظام الحكم في الجزائر. تأسست يوم 18 نيسان (أبريل) 2007م.
وقد بادر إلى إنشائها والدعوة لها مجموعة من الجزائريين الذين عُرِفوا كمستقلين أو منضوين تحت أطر أخرى وهم مراد دهينة، محمد العربي زيتوت، محمد سمراوي، عباس عروة، رشيد مصلي، وآخرين.
لندن ـ أديس أبابا ـ خدمة قدس برس | الأربعاء 15 مارس 2017 – 14:11 م