برنامج “في الصميم” كاملا:
إذا كان الجنرالات قد ضربوا الجسد الجزائري قتلا وخطفا و تعذيبا و تشريدا…فإذا بالموت يملأ يوميات الجزائر في التسعينات..بما فيها مائتي ألف قتيل…وحوالي 20 ألف مختطف ومجازر مرعبة…
وإذا بالدماء والدموع تسيل أنهارا…
فإن بوتفليقة قد فعل أبشع من ذلك، من وجهة نظري، فهو قد ضرب العقل الجزائري…ضرب الأخلاق…ضرب الكرامة والمرؤوة والشهامة لدى الجزائريين…ضرب الهوية بكل أبعادها وفي أعمق أعماقها…
لقد جاء بوتفليقة، وهو الفاسد اخلاقيا وفكريا وماليا…لينتقم من الجزائريين لأنهم لم يحتجوا على العسكر الذين أبعدوه عن السلطة في 1979، عقب وفاة سيده بومدين الذي كان يطمع في وراثة حكمه…
فنشر الفساد بشكل عارم لم يسبق له مثيل…فساد ممنهج…ومتعدد الأشكال والأنواع…عن سبق إصرار وتخطيط وترصد…
لم تنجو الأسرة…لم تنجو المدرسة…لم ينجو المسجد…لم تنجو الثقافة…لم تنجو العقيدة…لم يترك شيئا قائما على أصوله إلا وضربه أو حاول قلعه…
فإذا بالخراب يملأ البلاد…
حتى أن أعلى الوظائف وأفضل المناصب…تعطى لأكثر الناس قذارة وخسة وبذاءة…
فإذا بملايين من الجزائريين يغرقون في الفساد وينشرونه بلا حياء و لا خجل و لا وجل…
بل أصبح الفساد يسمى “شطارة وقفازة”…وأصبحت الرشوة هي “القهوة”…
والعهر الجسدي والسياسي هو الحداثة والتطور والحضارة…
أصبح المنكر معروفا والمعروف منكرا…كُذب الصادق وصُدق الكاذب وأؤتمن…
وأبعدت العقول النيرة والمتعلمة…وخلفها المفسدون في الأرض…
فإذا بالدمار يعشعش في النفوس وينتشر…
وضاقت الأرض بما رحبت على الناس…فغادر مئات الآلاف وطنهم لخدمة أوطان أخرى والعيش بسلام…ومات الكثيرين في البحر وهم يفرون من أرض سقاها الشهداء بدماءهم على مر الزمان…
وإذا بالجزائر جحيما لايطاق…إلا لمن ينهب بلاحدود ولا قيود ولاحساب…
والواقع يشهد أن بوتفليقة إنتقم بشكل فظيع، مريع، بشع…
إنتقم بحقد عفن، متعفن و دفين…
إلى درجة أنه يريد للجزائر أن تزول بعد أن يزول هو عن السلطة، حيا أو ميتا…
وإذا بالجزائر تكاد تكون مسخا ممسوخا في عهده، الذي بعثر فيه أكثر من ألف مليار دولار على مشاريع أكثرها بلا معنى ولا جدوى…
ناهيك عن عشرات الملايير التي نهبت عدا و نقدا…
وملايير أخرى صرفها على مهرجانات الفجور والرقص والعري…على فساق الفن والغناء الهابط والتافه والمفسد…
وإذا بالبؤس يملأ البلاد…وإذا بالملايين يجوعون…والملايين بلا عمل..وإذا ببلاد تعد قارة لا يجد كثير من سكانها سكن يحترم…وإذا باليأس يكبر ويتعاظم في نفوس من هول ما تعيش وما ترى…وذا بالناس تنتحر حرقا أو خنقا…وآخرون يهربون إلى المهدءات والمخدرات والخمور التي عادت عند البعض عبادة…
وإذا بالملايين يتيهون…فكرا وأخلاقا وجسدا…
و إذا بالجزائر خارج التاريخ وخارج الفعل الحضاري…
وإذا بالجزائر تغرق في بحور التخلف والخواء والفساد…
وإذا بكوارث أخرى قد لاحت نذرها و هاهي تطرق الأبواب…
فهل يسمح له الأحرار بتحقيق حلمه الشيطاني…؟هل يسمح الأحرار بأن تهدم الجزائر…؟
ذاك هو السؤال الكبير…