كيف يمكن الكتابة عن مسار شخص كبلعيد عبد العزيز، نشأ وترعرع في صالونات النظام وأجهزته؟ وكيف يمكن الحديث عنه وهو في ال 54 من العمر، 37 سنة منها عاشها في صالونات وأجهزة النظام؟! وهل يمكن تصنيفه سياسيا أو بيولولجيا؟ هو الذي عمل منذ جانفي 2011 على اختصار تغيير النظام في تغيير واجهاته المدنية على أساس عامل السن؟ وكيف يمكن الكتابة عنه وهو من وجوه الحزب الواحد والنظام المترهل الذي يعتقد أن التغيير “مسألة بيولوجية”، وأن المستقبل هو مسار أشخاص وليس مجتمع ومؤسسات، وأن الإشكالية تتعلق بتغيير أشخاص من أجيال العهد الاستعماري إلى أجيال ما بعد الاستعمار؟ وأن تسليم المشعل هو مسألة داخلية متعلقة بتداول أبناء وأحفاد وجوه النظام المتعفن على تسيير الشأن العام؟
من التصفيق لمساعدية إلى خدمة بوتفليقة
بلعيد يرى نفسه من منطق النظام الذي رضع حليب الولاء فيه، وتعلم منه لغة الخشب والتأييد والتهليل، الأجدر بأداء هذه المهة، هو الذي عايش وعرف وخدم كل وجوه الحرس القديم في جهاز حزب الأفلان من مساعدية إلى بوتفليقة، وهو المعروف عنه والكثير من أمثاله “التطبيق الحرفي” للمهام التي تكلفهم بها الشرطة السياسية وقياداتها منذ ثمانينيات القرن الماضي إلى غاية اليوم.
ولد عبد العزيز بلعيد في قرية “حيدوسة” بباتنة في 16 جوان 1963، بداية مساره السياسي كانت من المنظمة الجماهيرية للحزب “الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية” إلى جانب حمراوي حبيب شوقي وغيره كثر، بعضهم أصبح من مديري الصحف ومن مضللي البلاطوهات على مر السنوات ومن قيادات ونواب أحزاب النظام.
وبفضل “كفاءته” الكبيرة في التملق والتودد والتزلف، واستخدام العصبية والعصب داخل جهاز الأفلان تمكن من أن يكون عضوا في اللجنة المركزية وهو في سن ال 23 من العمر لما كان الحزب يسيطر عليه مساعدية وعصبته، تحت شعار “من أجل حياة أفضل”. وبفضل ذلك وضع على رأس تنسيق أجهزة اتحادات الطلبة والاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية من سنة 1986 إلى غاية 2007، حيث تمكن من معاصرة الشاذلي بن جديد واليمين زروال وعبد العزيز بوتفليقة، وهو مؤشر كافٍ يعطينا صورة واضحة عن قدرات هذا المخلوق السياسي في التأقلم مع كل أوراق طريق السلطة الفعلية في البلاد، ومن أن يخرج سالما من نظام الحزب الواحد إلى التعددية الحزبية.
هذا ما جعله يتمكن من أن يكون نائبا في البرلمان لعهدتين، بفضل ولائه المطلق لبوعلام بن حمودة الأمين العام للأفلان الذي فرض بعد الانقلاب على عبد الحميد مهري، ولعلي بن فليس الذي فرضه بوتفليقة كأمين عام لجبهة التحرير ابتداء من سنة 2001 إلى سنة 2004، لذلك كان نائبا في البرلمان عشرية كاملة من سنة 1997 إلى 2007.
من تأييد بن فليس إلى بيت طاعة الرئيس
بعد أن استفاد من ريوع الرئيس بوتفليقة في العهدة الأولى ومساهماته بتجنيد الطلبة والطالبات في تنظيم المهرجان الشباني العالمي في 2001، وهو أمر يتحكم فيه جيدا بوصفه بقي طالبا دائما وتخرج بشهادتين دون أن يضمن الحد الأدنى من متابعة الدروس بشكل نظامي، كما أن العهدة الأولى لبوتفليقة مكنته من أن يوثق علاقاته بعلي بن فليس من منطلق الجهة، خاصة وأن بن فليس كان قد تمكن من الجمع بين رئاسة الحكومة والأمانة العامة للحزب.
ومن منطلق العصب والعصبية، تموقع بلعيد إلى جانب علي بن فليس في انتخابات أفريل 2004، بعدما تلقى بن فليس دعم قائد الأركان الراحل محمد العماري، وبعد سقوط بن فليس بسقوط محمد العماري، كلف عبد العزيز بلخادم بالقضاء على كل شبكات العماري وبن فليس في جهاز الأفلان وهو ما قام به بشكل حرفي، ولكن عبد العزيز بلعيد كان من بين الناجين على غرار صديقه بوقطاية، فبقي بلعيد في اللجنة المركزية إلى غاية 2011 قبل أن يستقيل مع رياح التغيير في المنطقة المغاربية والعربية.
بلعيد واصل مساره، لأنه يعرف بسبب الأقدمية وأسطوانة جهاز الحزب الواحد، ما يحب بوتفليقة وما يحبه العسكر وما يجب عليه فعله.. ففي سنة 2012 وتحت ضغط رياح ما يسمى بالربيع العربي، التقط بلعيد إشارة المخابر، فقام بإطلاق حزب “جبهة المستقبل”، المُشكل أساسا من أصدقائه السابقين في شبكات اتحاد الشبيبة والطلبة، شبكات مشكلة من طالبات وطلبة سابقون وبعض الوجوه القديمة في قواعد الأفلان الطامعة في المناصب والمغانم.
وفي سنة 2014 وأمام عودة بن فليس إلى المنافسة على كرسي الرئاسة ضد بوتفليقة، عاد بلعيد ليبني علاقات ممتازة مع بوتفليقة وشبكات الأوليغارشيا، فيتم دفعه للترشح من أجل تفتيت القاعدة الاجتماعية المفترضة لبن فليس وفي عقر داره، وهو الدور الذي تفنن بلعيد في أدائه، فتمت مكافأته بغنيمة متمثلة في كوطة مهمة في الانتخابات التشريعية سنة 2017.
37سنة من مناورات الصالونات و الاجهزة .
بعد اندلاع الثورة السلمية في 22 فيفري الماضي، بقي بلعيد منصتا بشكل دائم ومستمر لما يحدث في غرف عمليات السلطة الفعلية، لذلك أيد كل المسارات التي عقدها الرجل القوي اليوم، فأيد اقتراع 4 جويلية الملغى وأيد كريم يونس ولجنته، وكان من أول المرشحين لاقتراع 12 ديسمبر القادم، وهو ينتقد الحراك ويقول بأنه أصبح مشكلة بعدما كان حلا!
يستعد عبد العزيز بلعيد للاحتفال بالسنة 37 لبقائه وفيا لنظام فاسد ومتعفن من عهد الحزب الواحد إلى الواجهة التعددية، حيث ينجح هو وأمثاله في كل مرة في ممارسة حملات التضليل ليبقى مثل هذا النظام جاثما على صدور الجزائريين والجزائريات.
مسار عبد العزيز بلعيد يختصر جيدا مناورات السلطة وممارساتها، وتشويهها لفكرة التغيير، فهو تجسيد لماضٍ تعيس.. ماضي الحزب الواحد.. ولذلك يعمل على تأسيس “المستقبل” بمنطق الحزب الواحد مع ما تبقى من وجوه الحزب الواحد من قدماء أعضاء اتحادي الشبيبة والطلبة.
الجزائر الجديدة التي يحلم بها الجزائريون والجزائريات ومسار بلعيد وشخصه، خطان متوازيان لا يلتقيان، لأن بلعيد وأمثاله من الماضي وماضيهم معادٍ للمستقبل، لأن “المستقبل” ليست كلمة تردد ولكن فلسفة وثقافة وممارسة، وعبد العزيز بلعيد عاش 37 سنة في صالونات نظام الفساد والوالاستبداد، وأجهزة الإقصاء الأيديولوجي والسياسي، ومن جزائر التملق والتزلف والتضليل والإقصاء.. في حين أن الجزائر التي يتظاهر من أجلها الجزائريون والجزائريات هي جزائر المستقبل والشرف، جزائر الحقيقة والتنوع والتعددية.. وبلعيد لا يعرف هذه الثقافة لأنه ببساطة وجه من وجوه بقايا نظام الحزب الواحد.
الجزائر في 3 نوفمبر 2019
تحرير رضوان بوجمعة
تم الموقع يظهر في الجزائر وغير محجوب
تسقط إنتخابات العصابات
يسقط الخاين صالح وجنرالاته
الحرية لمعتقلي الرأي السياسيين والراية
ربي يحفظك استاذ و يبارك فيك يا زعيم يا لحر
نحن نحبك في الله