سيحتفل عبد المجيد تبون بعيد ميلاده الـــ74 يوم 17 نوفمبر، وهو ما يصادف تاريخ الانطلاق الرسمي المفترض للحملة الانتخابية، فهل هي هدية سلطة الانتخابات له بهذه المناسبة، هو الذي لم يترشح طول حياته لأية انتخابات؟ وكل مساره في الوظيفة ” العمومية”، من موظف في الإدارة إلى أمين عام في عدة ولايات، إلى والي بأكثر من ” منطقة، إلى “وزير” ثم “وزير أول”، فهو بذلك يستحق لقب الموظف السياسي بجدارة واستحقاق، رغم أن موظفي الإدارة من المفروض أن يحكمهم واجب التحفظ، لكن الجزائر تصنع الاستثناء، بسبب تحول الإدارة إلى أكبر حزب، يصنع نتائج الانتخابات، ثم يتنافس الولاة على تزويرها من أجل الاستوزار، لينتهي الأمر بأقلية الأقلية منهم إلى الحلم “بالوزارة الأولى” ، لكن ترشح تبون هذه المرة صنع معجزة أخرى و أن هذا الوالي السابق تعول عليه السلطة لدخول قصر المرادية، وهو ما لم يحدث في الجزائر منذ 1962….
فهل يمكن لعبد المجيد تبون أن يكتشف وأن يتعلم معنى الانتخابات كمرشح، رغم أنه لم يعش تجربة الترشح في حياته، حتى ليرأس قسما في مدرسة؟! أم أن معرفته الدقيقة بتفاصيل وآليات التزوير الانتخابي تغنيه عن ذلك؟ كيف لا وهو كان واليا ووزيرا منتديا للداخلية وساهم في تعيين العديد من الولاة ورؤساء الدوائر عبر مختلف مناطق الوطن منذ تسعينيات القرن الماضي؟
سيرة رسمية تجسد “الرداءة السياسية”
عند مطالعة السيرة الذاتية لعبد المجيد تبون على موقعه الرسمي، تكتشف مستوى الانهيار السياسي والأخلاقي الذي وصل إليه النظام السياسي في الجزائر، فهذا النظام الذي بني على مشروع الدولة الوطنية وفرض مشروعه بالعنف والإقصاء، يصل إلى تعريف هوية أحد مرشحيه كالتالي: “ولد بتاريخ 17 نوفمبر 1945 بمشرية (ولاية النعامة)، من أب أمازيغي من بوسمغون، ولاية البيض، وأم من أصل عربي من نواحي رباوت، بولاية البيض”، فما معنى الأصل الأمازيغي والأصل العربي، وهل الترشح لمنصب الرئاسة يقتضي هذا الانحراف الإثني! ثم ألا يعرف تبون أن الانحراف في النقاش نحو الإثنية قد ينتج “هويات قاتلة”؟! المهم ربما تكون المسألة تسويقية انتخابية غير مدروسة، بعدما غرقت السلطة في خطاب إقصائي أججه ذبابها الإلكتروني المحترف والمتطوع على شبكات التواصل الاجتماعي، تحت تسمية عنصرية مقيتة تسمى “الزواف”.
وبالإضافة إلى هذا الانحراف الإثني، شددت السيرة الذاتية على البعد الوطني وعلى هوية جمعية العلماء، وهو ما يعني في السياق التضليلي الحالي القول بأن تبون مرشح “نوفمبري باديسي”، حيث أكدت السيرة الذاتية على ذلك بمايلي: “ثمانية أشهر بعد ولادته، تنقلت عائلته من ولاية النعامة للعيش في ولاية سيدي بلعباس بسبب مضايقات وتعسف المستعمر الفرنسي (الإدارة، الدرك… إلخ) ضد والده بسبب خطاباته الوطنية، بالنظر إلى انتمائه إلى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين”.. يظهر من خلال هذا التقديم أن القائمين على تسويق صورة تبون يودون بيعه للناس، على أنه مرشح “أمازيغي عربي ذا توجه إسلامي”، ربما ينقص بعدا آخر لبيعه للكل وهو البعد الليبرالي الوطني، خاصة وأنه وعد في “فندق الجزائر” بتشكيل جيل جديد من رجال الأعمال، غير رجال الأعمال الذين قد يكونوا تسببوا في إقالته من بناية الدكتور سعدان…
هذه السيرة الذاتية كافية للقول إن تبون – ومن معه- “غارقون” في حرب عصب وعصبيات وشبكات النظام، وليست لديهم القدرة على فهم لا التحولات الاجتماعية ولا مطالب التغيير الجذري التي تطالب بها الثورة السلمية منذ 22 فيفري الماضي، وبأن الأمة الجزائرية تسعى لبناء دولة المواطنين والمواطنات التي تضمن التنوع والتعدد والاحترام، ولا تعمل على إعادة إنتاج منظومة أصبحت تشكل خطرا وجوديا على استمرارية الأمة الجزائرية.
من مدرسة الإدارة إلى شبكات الجماعات المحلية
عبد المجيد تبون كغيره من موظفي السياسة -الكثر- في الجزائر، خريج المدرسة الوطنية للإدارة التي تم تأسيسها وفق النموذج الفرنسي لتأطير الوظيف العمومي، تخرج ضمن دفعتها الثانية سنة 1969، والتي شددت إدارة حملته على تسميتها في إطار صناعة الصورة لمرشحها “دفعة الشهيد البطل العربي بن مهيدي”، وهي صناعة على علاقة بالرقم 54، الذي يحمل المقترحات 54، نسبة لثورة نوفمبر 54.
بدأ تبون من هذه المدرسة تطوير بعض العلاقات مع الشبكات والعصب التي اكتشفت قدراته في أن يكون مطيعا ومواليا، وأن يكون له مستقبلا “زاهر” في منظومة قائمة على التعيين والولاء. وأول تعيين له كان كإداري ومكلف بمهمة، من ولاية بشار سنة 1969 التي كانت مهمة جدا من الناحية السياسية والأمنية بعد المشاكل الأمنية التي تسببت فيها الخلافات مع الجار الغربي للجزائر، وقد كانت بشار قبل مشاريع الإصلاح الإداري، تسمى الساورة، حيث تضم كل من بشار وتندوف وأدرار، عين بعدها أمينا عاما بولاية الجلفة عقب الإصلاح الاداري عام 1974، ليحتل المنصب نفسه في كل من ولاية أدرار سنة 1976وولاية باتنة سنة 1977، فولاية المسيلة سنة 1982
وفي 1983 تم تعيين عبد المجيد تبون واليا على أدرار، بعدها واليا بتيارت سنة 1984، بعدها بتيزي وزو سنة 1989 واستمر فيها إلى غاية أوت 1991، وقد أخذ مقاليد هذه الولاية مباشرة بعدما احتضنت جامعة حسناوة بتيزي وزو إعلان تأسيس حزب سعيد سعدي وهذا قبل دستور فيفري 89 الذي أقر التعددية، كما أشرف تبون على أول انتخابات محلية تعددية عرفتها الجزائر في جوان 1990، وقد كان للعربي بلخير دورا كبيرا في تعيينه في هذه الولاية، وهو الذي كان نافذا في رئاسة الجمهورية قبل أن يعين وزيرا للداخلية ليشرف على انتخابات ديسمبر 91 التي تم الغاؤها بعد إقالة الشاذلي بن جديد في جانفي 92.
“الوزير” من نفوذ العربي بلخير إلى سنوات بوتفليقة
تمكن عبد المجيد تبون، مثل الكثير من الولاة المرتبطين بالشبكات والعصب، من المرور إلى مرحلة الاستوزار، حيث فرضه عرابه الجنرال العربي بلخير في حكومة سيد أحمد غزالي الثانية والثالثة، حيث عين العربي بلخير وزيرا للداخلية، وأوكلت له مهمة وزير منتدب مكلف بالجماعات المحلية، ولم يغادر الحكومة إلا في 19 جويلية 1992، أي بعد تنصيب علي كافي رئيسا للمجلس الأعلى للدولة عقب اغتيال محمد بوضياف يوم 29 جوان 1992.
تم تكليف عبد المجيد تبون في مرحلة توليه هذه الحقيبة، بتشكيل شبكة جديدة من الإداريين في الدوائر والولايات والبلديات، فهو الذي سهر على تحضير فكرة إرساء المندوبيات التنفذية بعد حل المجالس المحلية التي فازت بها جبهة الإنقاذ التي تم حظرها بحكم قضائي يوم 5 مارس 1992، كما كان وراء حركة تعيينات واسعة للولاة ورؤساء الدوائر والأمناء العامين في الولايات والدوائر والبلديات، وهو ما مكنه من صناعة شبكة مهمة، جزء منها سير عدة ولايات في عهد بوتفليقة.
بعد إقالة حكومة غزالي في نهاية جويلية 1992، وبداية من سنة 1994، وبسبب تقلص نفوذ العربي بلخير، بعد أن أخذت شبكات توفيق مدين ومحمد بشتين بعد مجيء زروال وغيرها الكثير من مراكز النفوذ، وبسبب تدهور الوضع الأمني في الشمال، استقر عبد المجيد تبون وأسرته بولاية أدرار، حيث لديه الكثير من المعارف التي بناها مع الزوايا ووجهاء المنطقة عندما كان واليا بالولاية..
عاد عبد المجيد تبون للاستوزار في عهد بوتفليقة، مع عودة نفوذ العربي بلخير، الذي عرض على أصحاب القرار مخرجا من استقالة اليمين زروال من رئاسة الجمهورية، فالعربي بلخير هو الذي كان وراء ترشح عبد العزيز بوتفليقة، وهو من أقنع العسكر بترشيح عبد العزيز بوتفليقة لقصر المرادية، وهو ما حدث بالذات.
رجل بلخير.. صديق “بوتفليقة” في السنوات العجاف
ثقة العربي بلخير بعبد المجيد تبون مرتبطة كذلك بثقة عائلة بوتفليقة به، فتبون كانت تربطه علاقة خاصة ببوتفليقة في السنوات العجاف التي عرفها هذا الأخير بعد وفاة هواري بومدين، فيعرف عن عبد العزيز بوتفليقة تردده على ولاية أدرار آنذاك وعلى زواياها وشيوخها، لأنه كان من عشاق الاعتكاف، وهذه الولاية سيرها عبد المجيد تبون ثم عبد المالك سلال، وقد لقي عبد العزيز بوتفليقة كامل الرعاية من الرجلين بالرغم من مطاردة شبكات قاصدي مرباح له.
ولذلك كان عبد المجيد تبون محظوظا، لأنه من رجال العربي بلخير، كما أنه كان من القلائل الذين أحسنوا للرئيس بوتفليقة، لما انقلب عليه كل الناس، وهو ما جعله يعود في زمن الاستوزار بثقل كبير.
أول حقيبة شغلها عبد المجيد تبون كانت وزارة الاتصال والثقافة سنة 1999 في حكومة أحمد بن بيتور، وكان هذا التعيين مهما، خاصة وأن بوتفليقة بدأ عهدته الأولى بتصريحات مهينة للصحافة، وهي الإهانة أو الاحتقار الذي مارسه طول حكمه، إذ لم يعقد أية ندوة صحفية مع الصحافة الجزائرية، ولذلك عمل تبون على ربط علاقات مع الصحافة، ومدراء الجرائد الكبرى خاصة، وقد تكفل مثلا وبتمويل من الوزارة بجلسات انتخاب مجلس أخلاقيات المهنة، الذي سهر عليه خاصة مدراء الصحف الخاصة. بعد استقالة حكومة بن بيتور، يلتحق عبد المجيد تبون بحكومة بن فليس الأولى، ليكون الذراع الأيمن لوزير الداخلية آنذاك يزيد زرهوني، كوزير
منتدب مكلف بالجماعات المحلية، وكان هذا التعيين مهما وفي هذه الفترة بالذات، التي عرفت أحداث الربيع الأسود الذي أدى لمقتل أكثر من 126 مدنيا.
في حكومة بن فليس الثانية، يعين في حقيبة وزارة السكن والعمران إلى غاية جوان 2002 مع مشروع الإسكان الذي أطلقه بوتفليقة كأحد أهم أوراقه الانتخابية.
بعد تفجر فضيحة الخليفة، كان قطاع السكن من القطاعات المعنية بالفضيحة، لذلك دفع عبد المجيد تبون، بسبب ورود إسمه في سجلات التصفية بوجود آثار لبطاقة بنكية باسمه، كما أن دواوين الترقية والتسيير العقاري التابعة لوصاية وزارة السكن، كانت قد أودعت ملايير الدينارات في بنك الخليفة بأمر من وزارة السكن، وهي الاتهامات التي نفاها عبد المجيد تبون عن نفسه.
وزارة السكن، الأوليغارشيا ومسجد بوتفليقة
يعود عبد المجيد تبون للحكومة في سبتمبر من سنة 2012، في الوقت الذي تشكلت فيه أوليغرشيا جديدة تابعة للشبكات التي استفادت من فرض بوتفليقة في الحكم سنة 1999وقد بقي في الوزارة خمس سنوات كاملة، رغم أن حكومة سلال عرفت خمس تعديلات وزارية، وقد عمل في هذه الفترة على ممارسة التسويق للعهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة بمشاريع السكن، وهي الدعاية التي واصلها بعد اقتراع 2014 بغية تحقيق أمنية بوتفليقة في تدشين المسجد الأعظم بالمحمدية، وهو المسجد الذي تحول إلى دعامة دعاية يمارسها الصحفيون والصحفيات الذين استفادوا من السكنات في عهده، بل وتحول المسجد كآلية دعاية ضد منتقدي المشروع وملايير الدولارات التي كلفها، حيث صرح تبون و”فيالق” من الصحفيين والصحفيات وخبراء البلاطوهات التلفزيونية، أن المسجد يقلق فرنسا لأنه يقع في المحمدية التي كانت تحمل اسم لافيجري…
وبعيدا عن هذه الدعاية البدائية، نجح تبون في خلافة عبد المالك سلال على رأس الحكومة في 24 ماي 2017، وهو التعيين الذي أكد أن تبون يلقى ثقة السعيد بوتفليقة وجزءا واسعا من السلطة بمختلف شبكاتها، وهذا التعيين ومن أجل تفسيره، لم يجد القائمون على حملته إلا تعليق في فيديو جرافيك موجود على موقعه: “شاء القدر أن يكون وزيرا أول””
فهل القدر هو الذي يوقع المراسيم الرئاسية للتعيين في قصر الدكتور سعدان؟!
أم أن تردد تبون على زوايا أدرار رفقة صديقه عبد العزيز بوتفليقة جعله يغرق في الغيبيات؟ المهم، أنه بعد 60 يوما من التعيين أقيل، والكثير من المؤشرات تؤكد أن إقالته قد تكون على علاقة ببروز بعض مؤشرات صراعات العهدة الخامسة، وقد يكون تبون أبدى تحالفات جديدة مع بعض رجال الأعمال ضد آخرين مقربين من السعيد بوتفليقة، وفي كل الحالات ذهب تبون، وبدأ مع ذهابه يستثمر في إقالته على أنها شكل من أشكال محاربة الفساد، ليلبس ثوب الضحية….
وبالإضافة لذلك فإن خطاب تبون الذي بنى عليه المظلومية التي يكون قد تعرض لها بعد إقالته و رفضه خلط المال يالسياسة، ينفيه ما يحدث في إدارة حملته، فرئيس اللجنة الوطنية لمساندة ترشيحه وعضو حملته هو سليمان كروش من تيزي وزو وهو رئيس سابق للمنظمة الوطنية لأرباب العمل، وكان من أكبر مساندي وممولي حملات بوتفليقة.
الفيديو جرافيك الذي يرسم مسار تبون على موقعه الرسمي، يضيف أن تبون بترشحه “يرد الاعتبار للجزائريين بعد عشريتين من حكم العصابات”، وهو تعليق أقل ما يقال عنه أنه غير موفق وفيه الكثير من تزوير التاريخ وانعدام الأخلاقيات السياسية، لأن تبون في العشريتين السابقتين كان وزيرا لأكثر من سبع سنوات، ووزير أول، كما أنه لم يكن بعيدا عن فضائح الخليفة و الصفقات المشبوهة لشركات إنجاز السكنات، كما ورد اسم إبنه في فضيحة الكوكايين التي تورطت فيها الكثير من الأسماء
الموظف السياسي و”العجز” عن التغيير
لما أعلن بوتفليقة ترشحه للانتخابات الرئاسية، ترددت الكثير من الأخبار حول احتمال ترشح عبد المجيد تبون للرئاسيات، وهو ما حتم على تبون إصدار “بيان”
نفى فيه ذلك، مؤكدا وفاءه للرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
وبعد اندلاع ثورة 22 فيفري لم يتدخل عبد المجيد تبون ولو يوما واحدا، ولكن تولت الكثير من الدوائر الإعلامية التي استفادت من إكرامياته عندما كان وزيرا للسكن، وفي إطار الدعاية ضد شبكات بوتفليقة، لتضليل الرأي العام والدعاية لشخص عبد المجيد تبون، بالقول إنه أول شخص حاول محاربة توغل المال في السياسة ومحاربة المال الفاسد، وهو الخطاب الذي لم يلق أي رواج، خاصة وأن الجزائريين والجزائريات اكتشفوا أن المنظومة الإعلامية فاقدة للمصداقية وتابعة لكل عصب السلطة، وهي تحترف التضليل.
ومع معارضة الثورة السلمية لفرض اقتراع 12 ديسمبر، أعلن تبون ترشحه، وهو يستفيد من دعم كبير من المنظومة الإعلامية، ومن شبكات من الصحفيين والصحفيات، وخرج أمس من فندق الجزائر الذي يبعد أمتارا قليلة عن مقر التلفزيون العمومي المغلق على الشارع على كل رأي مخالف لرأي السلطة الفعلية، وكشف عن شعار حملته، وأعطى صورة واضحة عبر مساره وتصريحاته بأنه لا يختلف عن أحمد أويحيى أو عبد المالك سلال، مع فارق أن أحمد أويحيى يتحكم في لغة الخشب وفي بناء الجمل المفيدة عكس تبون، كما أن سلال كان يحترف التنكيت و الفكاهة و التي لا يمتلكها تبون كذلك..
وفي كل هذه الظروف التي تعرف معارضة شديدة للاقتراع من الجزائريين والجزائريات عبر كل ولايات الجمهورية، كيف يمكن لتبون إقناع الناس بالاقتراع وهو يعلم أن الكثير منهم يعرفون علاقاته بشبكات العربي بلخير وبوعلام بسايح وعبد العزيز بوتفليقة؟ وكيف يمكن أن يكون شخصا يعمل على التغيير وهو يصف جزءا من المعارضة أمس بأنها من التيار الأجنبي؟ وهو اتهام خطير، كان بالإمكان أن يحرك الدعوى العمومية في الدول التي تعرف استقلالية القضاء.
خطاب تبون يوضح جيدا غياب الحد الأدنى من الفعل السياسي لديه، وهو الذي لم يعرف معنى للنشاط السياسي، هو الذي يعوّل على السلطة الفعلية لفرضه في الرئاسة، وعلى قواعد جبهة التحرير لممارسة التطبيل (رغم ترشحه حرا)، وهو الذي لم يلتحق بجهاز الأفلان واللجنة المركزية إلا عشية العهدة الرابعة، في إطار حسابات كانت على علاقة بتعيينه كوزير أول.
عبد المجيد تبون، هذا الموظف السياسي عندما يتكلم تشعر أنه متيقن من فرضه في قصر المرادية، وإن تم ذلك فإن تعيينه مؤشر إضافي عن إفلاس النظام، وفرضه في قصر المرادية سيغرق السلطة في أزمة أكبر مما هي فيه اليوم، وقد يعرض الدولة للتفكيك لأنه ليس إلا موظف ينفذ أجندة عصب وشبكات تريد أن تعيد إنتاج المنظومة بواجهة جديدة وبحيل قديمة أصبحت لا تخفى على الأمة التي تريد تقرير مصيرها لبناء الجزائر الجديدة
الجزائر في 11 نوفمبر 2019
تحرير رضوان بوجمعة