قبل ثلاث سنوات من الآن تحول مشروع تركيب السيارات في الجزائر إلى نكتة بعد ان أظهرت صور نشرت على فيسبوك سيارات منزوعة العجلات كانت موجهة الى “مصنع” تركيب هيونداي بتيارت لمالكه محي الدين طحكوت.
سارع طحكوت إلى التكذيب، دعا صحافيا الى “مصنعه” ليثبت للجزائريين بأن ما نشر على فيسبوك كلام فارغ، وان ما يجري في تيارت نقل للتكنولوجيا وميلاد لصناعة ستحررنا من التبعية للنفط، واختارت الصحافة في أغلبيتها الوقوف في صف طحكوت الذي كان يشارك في تمويل الحملات الانتخابية لبوتفليقة، واستحوذ على قناة نوميديا التي جعلها مثل شقيقاتها من القنوات الخاصة، في خدمة السلطة.
بعد أيام أرسلت الحكومة، كان عبد المالك سلال في منصب الوزير الأول، لجنة تحقيق خلصت إلى القول بأن مصنع هيونداي مطابق لما ينص عليه دفتر الشروط.
بعد أقل من سنتين من هذه الحادثة اندلعت الثورة السلمية فأطاحت بالخامسة، وكشفت حقيقة الصحافي الذي تواطأ مع طحكوت، وتحولت الصحافة المتضامنة مع صاحب المصنع ومع الحكومة إلى نقل وقائع محاكمة سلال وطحكوت وغيرهما، وخصصت ساعات بثها لاستعراض المليارات التي نهبت تحت عنوان تركيب السيارات.
تخبرنا تلك الصحافة اليوم بأن الحق دائما في صف السلطة سواء عندما كانت تبيع وهم صناعة السيارات في الجزائر، أو عندما عينت وزيرا للصناعة مكلفا بتفكيك هذا المشروع الوهم.
تلك الصحافة تقف اليوم في صف السلطة، تبرر لها الاعتقالات والقمع والفشل في التسيير، ورغم تلك الدروس القاسية التي قدمتها منصات التواصل الاجتماعي تصر هذه الصحافة على مواصلة السير على الطريق الخطأ لأنها تتخذ سلطة فاشلة وفاسدة دليلا.
لن تتضامن تلك الصحافة مع خالد درارني الذي يقضي الليلة في سجن الحراش لأنه اختار طريقا غير الذي اختارته، وهي لا تريد أن تذكر الناس بصوت أصرت السلطة على إسكاته بالتعسف والظلم، بل سنقرأ في هذه الصحافة ونسمع كلاما عن ضرورة ترك القضاء يقول كلمته تماما مثلما انتظرنا ستة شهور لنسمع أحكام البراءة في حق معتقلين آخرين اتخذ قرار بتغييبهم بتهمة المساس بالوحدة الوطنية التي يتابع بها خالد اليوم، تهمة يعرف كل من تابع المحاكمات بأنها بلا معنى.
حبس خالد درارني يختزل محاولة النظام العبثية لمعاكسة حركة التاريخ، لقد أطاحت صور فيسبوك بطحكوت والحكومة وكل الاعلام الموالي لها ولو بعد حين، تماما مثلما ظلت صفحة خالد على فيسبوك وحسابه على تويتر يفضحان، بنشر الحقيقة كما هي، بهتان السلطة وأبواقها طيلة أكثر من عام من السلمية.
سيتحول حبس خالد، وجميع المعتقلين، إلى عبء ثقيل على النظام وداعميه، وسيصبح يوما إرثا مشينا يدفع أصحابه إلى التواري في جزائر المستقبل.. جزائر الحريات.
الصحفي نجيب بلحيمر