لن تتم القطيعة التامة مع نظام الحكم في الجزائر و كل ما أنتجه من آفات في السياسة و الإقتصاد و المجتمع و سيرورة الدولة، إلا بخلق مقاربة سياسية مُعارِضة جديدة تبنى على مفاهيم مرجعية جديدة (New paradigms)
تُجسد أسبقية الفكر العقلاني على الإديولوجيا.
فقد شهد الجزائريون خلال عام من الحراك الشعبي إندثار شبه تام للمقاربات القديمة البالية (المُعارِضة لنظام الحكم) و المبنية على مفاهيم مرجعية دينية أو هوياتية أو جغرافية أو إيديولوجية، أثبتت جميعها محدوديتها، لصالح فكر عقلاني (Common sense أو bon sens) لا يعترف بالإديولوجيا كأساس لبناء ميزان القوة ضد نظام هجين إديولوجيًّا. بل بالعكس، تم تحييد المؤدلجين من هذه المعادلة المعقدة بذكاء من دون إخراجهم منها بالكامل و ذلك تجنبا للإحتقان عديم الجدوى، خاصة في المرحلة الحالية.
و بعد كل التراكمات التاريخية و الأزمات التي عشناها و نعيشها منذ 60 سنة بسبب هذه المنظومة البائسة، أزمات سياسية كانت، أو إقتصادية أو إجتماعية أو ثقافية، إستوعب الجزائريون مدى تفاهة كل المفاهيم المرجعية و الايديولوجية العقيمة المبنية على الخيال (Political fantasy) التي إختلقها النظام و تبناها زبناؤه و لكن كذلك المفاهيم المرجعية التي تميز فئة من المعارضة و التي أصبحت اليوم لا ترقى لمستوى تطلعات المجتمع في الإزدهار الإقتصادي و الفكري و الثقافي كأساس لإزدهار الفرد و المجموعات في المجتمع، و الخروج من ركود و تخلف دام عشرات السنين بل أكثر من ذلك !
ع. بن جودي