يتهددُ السجناء فيروس “كورونا” الذي حوّل حياتهم إلى جحيم. يخشى هؤلاء من خطأ قاتل قد يرتكبه حارس أو زائر أو حتى “كيس” بلاستيكي ملوّث بـ”كورونا” يُدخله أحدهم إلى السجن. وأي خطأ سيعني حتماً أنّ آلاف السجناء باتوا في خطر. لذلك، تستوجب هذه الظروف غير المسبوقة، حرصاً على حياة السجناء وحتى الحراس، قراراً استثنائياً لإخراج أعداد من المساجين، وفي مقدمتهم ما تبقى من معتقلي الحراك وسجناء التسعينيات الذين هرموا وسكنهم المرض.
ومنذ الكشف عن فيروس كورونا الشديد العدوى، لم يهدأ السجناء، إذ يرون في الفيروس تهديداً محدقاً بحياتهم. ويعتبر هؤلاء السجناء أنفسهم أمواتاً مع وقف التنفيذ. ربما يشعرون بأنّ الموت قادم مع وباء “كورونا” إن لم يكن هناك قرار استثنائي لإطلاق مجموعات من المساجين، فهم يعانون من الاكتظاظ والمرض وقلة أدوات النظافة الشخصية والعامة، وتلازمهم حالة من القلق خوفاً من تسلل وباء كورونا.
وشبَه بعضهم السجن ببرميل بارود قد ينفجر في أي لحظة، على اعتبار أنّ مجرد إصابة أي سجين ستعني انتقال العدوى إلى باقي السجناء والحراس أيضاً. ومع كل هذا، يُؤمر بتمديد الإيداع بالحبس المؤقت لمعتقلي الحراك من دون أدنى اعتبار للحالة الوبائية التي تجتاح البلد وتقترب من بلوغ مرحلة الذروة. ومن شبه المستحيل، في ظروف السجون الحالية، القيام بأي إجراءات وقائية تحول دون الانتشار السريع لـ”كورونا”.
وتجدر الإشارة، هنا، إلى أنّ عدداً من دول العالم لجأت إلى إصدار عفو عن آلاف السجناء، ما أدى إلى إفراغ عدد كبير من السجون خوفاً من انتشار فيروس كورونا في صفوفهم. فما المانع من أن تحذو السلطة حذوهم، بدافع إنساني وإنقاذا لحياة كثير من السجناء، مع الحرص على عدم التفريط في الحقوق الشخصية وعدم الإفراج عمّن تلطخت أيديهم بالدماء أو المتلبسين بالجرائم .