في حملة تضامنية إلى البليدة…منكوبة وشاحبة، لكن قدرها التعافي والنهوض مُجددا

رجعنا، منذ قليل، من البليدة في حملة تضامنية برعاية جمعية “الجزائر تضامن” الوطنية، ونسقنا المبادرة مع جمعية “أيادي الخير” في منطقة “بني مراد”، مررنا بوسط البليدة، بدت لنا شاجبة أنهكها الوباء، شوارعها شبه خالية، إلا من حركة محدودة للسيارات وبعض المارة..

أخبرنا أحد ناشطي جمعية “أيادي الخير” أن الحالة الوبائية مرعبة ومقلقة، وأما الحالة الاجتماعية، فثمة مناطق أكثر تضررا من أخرى، وخاصة الأطراف، وألححنا عليه بالتركيز على أحياء “بوعرفة” و”بن عاشور” بتوصية من بعض المحسنين، فأوضح لنا أنها من أكثر المناطق تأثرا بالغلق والعزل، لأن غالبية رجالها وعمالها ممَن يعتمدون الأجرة اليومية، فهم أكثر تضررا بانقطاع العمل بسبب انتشار عدوى “كورونا”..

وقال إن جمعيتهم تعتمد على شبكة التوزيع وعلى الثقاة من هذه الأحياء، لأنهم وجدوا صعوبة بالغة في التوزيع داخلها للتدافع وبعض الفوضى في تلقف حملات التضامن، فأصبحوا يعتمدون على قوائم للعائلات الأكثر تضررا يعدها ممثلوهم في المناطق المعنية، ويوزعونها بشكل منتظم، بيتا بيتا، بعيدا عن مظاهر الإحراج وصور التدافع وحفاظا على كرامة ذوي الحاجة…وكانوا قبل الوباء يتعاملون مع حالات اجتماعية معينة من الفقر واليتم وغيرهما، أما مع انتشار عدوى “كورونا”، فتوسعت دائرة الاحتياج والضرر، وعمَ البلاء.

لم نجد أي عرقلة في الحواجز الأمنية، ما إن نُظهر لهم وثائق الجمعية حتى يفسحوا لنا الطريق..ما لفت انتباهنا إحكام غلق المنافذ المؤدية إلى أطراف ووسط المدينة، مع كثرة الحواجز داخل البليدة، حيث يظهر أنهم اعتمدوا خطة التقسيم إلى مقاطعات أو مربعات، ولا تنتقل من منطقة إلى أخرى إلا بعد المرور بحاجز شرطة..

بعض المحلات مفتوحة والسلع متوفرة، إلى حد ما، في وسط المدينة، أما الأطراف فالمعاناة أكبر، لأنه حتى وإن توفرت المواد الاستهلاكية، تبقى المشكلة الكبرى في نفاد المال، لا عمل يومي معناه لا دخل ولا أجرة، وهذا يزيد من ضررهم وقلقهم، فربما أصبحوا يعتمدون، في أكثرهم، على المساعدات والمؤونة المقدمة والموزعة من الجمعيات وحملات التضامن..

البليدة منكوبة، لكن قدرها التعافي والنهوض مجددا، وجدنا في شباب الجمعية والمتطوعين إصرارا وتصميما على تجاوز المحنة، فنشاطهم مستمر على مدار الأسبوع، مجموعة تستقبل المساعدات وتخزنها، وتقسمها إلى حصص غذائية، ومجموعة أخرى مكلفة بالتوزيع في الأحياء، ومنهم المتابع للقوائم وحالات ومناطق الضرر، العبء كبير والجمل ثقيل، لكن لا تسمع منهم شكوى ولا ضجر، همة وعطاء وبذل، شكر الله سعيهم وصنيعهم.. وللمحسنين الذي مولوا هذه الحملة فشكر الله صنيعهم، وما أنفقوه أبقى لهم وأزكى، والله لا يضيع أجرهم..

صحيفة الأمة الالكترونية


البليدة