في هذه الأوقات الصعبة التي تعيشها بلادنا، لعن الظلام لا فائدة منه، والأفضل بذل الجهد لتشعل شمعة. فالوباء أكبر منا جميعا، لا طاقة لأيَ منا بتحمل أعبائه وأضراره كلها، ولهذا لا غنى عن التعاون الحملات التطوعية وجمعيات الإغاثة والتضامن مع السلطات المحلية، فهذا ليس وقت الاختيار وغلبة الموقف السياسي، وإنما الاعتبار الأكبر لدفع الجائحة والضرر، إنسانيا وإغاثيا وإنقاذا، عن شعبنا المسحوق المنهوب، الذي تخلت عنه السلطة المركزية، وحتى الآن لم تقدم ولا فلسا للمتضررين وهم بالملايين، فإلى متى هذا النكران والتجاهل؟
أكثر بلاد الله، حتى من هم أسوا حالا منا، اقتصاديا واجتماعيا، (مثل لبنان وموريتانيا) حولوا مبالغ مالية ومنح لشبكة واسعة من العائلات التي تضررت كثيرا من الغلق وإيقاف الأعمال، والسلطة الحاكمة تتفرج كأن الأمر لا يعنيها..
كفى ترددا…الوباء في تصاعد وقد لا نجد مكانا لدفن ضحايا، ولم تتحرك السلطة لإلزام الناس بالحجر الصحي الكامل، ولم تستخدم خطة الطوارئ في مثل هذه الكوارث والأزمات، فماذا تنتظر؟
هذا الوباء هزم أكبر المنظومات الصحية،، وعلى عموم الناس أن يلتزموا بيوتهم، والانشغال بالتوعية، فكثيرون منا ما زالوا في غفلة يعمهون، ولم يدركوا بعدُ خطورة الحالة الوبائية، ورأس الأمر، أي السلطة المركزية، متساهلة ولم يظهر منها، على الأقل حتى الآن، أي جدية في التعامل مع هذا الوباء الفتاك.
ولكي يلزم الناس بيوتهم، وهنا المعضلة، لا بد من توفير الحد الأدنى من الضروريات مع المحافظة على كرامة الناس، وليس رمي البطاطا من الشاحنات. ولإغنائهم عن السؤال والاضطرار للخروج بحثا عن القوت، هناك خطط للطوارئ يتولاها الجيش ومن ميزانيته، فأين هي؟ من لأهل الأرياف والمناطق الجبلية والأحواش والأحراش..فلا حملات التطوع ولا الجمعيات الخيرية، وإن اجتمعت كلها وبقدراتها المحدودة، تستطيع أن تغطي كل المناطق المتضررة، فأين السلطة الحاكمة من كل هذا؟ ماذا تنتظر؟
الأمر جدَ لا هزل فيه، والاستسهال والاستخفاف جريمة في حق هذا البلد المنهوب. الفيروس مشكلة خطرة، وحالة اللايقين التي تلفّ هذا العالم بكل مستوياته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وغيرها، مشكلة أخرى، وبلادنا خارج الزمان والمكان، كأنها من كوكب آخر، لا هي اقتدت بمن هم أسوأ منها حالا، ولا هي تبنت نهجا خاصا بها يلملم الجراح ويخفف من ثقل وطأة الجائحة غير المسبوقة.
كتب بواسطة :د. سليم بن خدة