في مقال نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”، حذر د.جابريل ليونج، عميد كلية طب هونج كونج وخبير علم الوبائيات المعدية، من أن الإغلاق وإجراءات التباعد الاجتماعي والحظر المنزلي والعزل مفيدة، لكن لا يمكن أن تستمر طويلا لآثارها العميقة النفسية والاجتماعية والصحية..
وكتب أن الإغلاق لم يُؤت ثماره، ومعظم الدول تستغله لزيادة القمع وتقييد الحريات، وهناك تحدَ في الحد من انتشار المرض مع عدم تدمير الدول اقتصاديا ومواطنيها نفسيا، للتخفيف من آثاره والسيطرة على الأضرار، حفاظا على قدرة استيعاب القطاع الصحي عند ارتفاع الحالات بشكل سريع كما حدث في شمال إيطاليا.
يمكن منع جائحة كورونا من الظهور إذا حصل نصف سكان الأرض على الأقل على المناعة ضده، وهذا لا يمكن أن يحدث إلا عن طريقين:
الأول إصابة عدد كاف من الأشخاص، وشفاؤهم منه، وهذا سيتسبب في عدد وفيات رهيب، خاصة كبار السن والفقراء الأقل قدرة على الحصول على علاج.
الطريق الثاني: أن يتم تطعيم الناس بلقاح ضد الفيروس، وهذا قد يستغرق شهورا أو سنة حتى يُكتشف مصل وتجربته، ولهذا لابد أن تخضع دول العالم لنظام مرن من تشديد وتخفيف إجراءات الإغلاق والعزل تبعا لحدة انتشار المرض، بما يضمن السيطرة على الفيروس مع تكلفة اقتصادية واجتماعية مقبولة.
ويجب أن يكون الهدف الأول لأي تعامل مع الولاء في أي مكان هو حماية الأرواح، وهذا يعني تجنب انهيار نظام الرعاية الصحية، فالمستشفيات هي خط الدفاع الأخير.
ويطرح “ليونغ” أنموذجا رياضيا لتحديد دورات التشديد والتخفيف، ويعتمد على معلومات دقيقة تضمن دائما أن تكون القرارات أسبق من مسار انتشار الفيروس ولا تقتصر على أعداد المرضى والوفيات التي تتداولها الأخبار يوميا، ولكن تشمل معدل انتشار المرض وتتبع بتحركات الناس وتحليلها.
وفي السياق نفسه، حذر الخبير “رينو جيرار” في مقال نشرته صحيفة “لوموند” الفرنسية بعنوان “الإغلاق علاج أخطر من المرض”، من أن عدم وجود خطة واضحة المعالم ومحددة التواريخ للخروج من حال الإغلاق الكامل والجزئي، فإن خطر هذا ربما يكون أكبر من خطر الوباء نفسه، وأن التوصل لدورات لتشديد وتخفيف إجراءات الإغلاق والعزل تبعا لحدة انتشار المرض يضمن السيطرة على الفيروس بتكلفة اقتصادية واجتماعية مقبولة.
ولذا، أصبحت النمسا أول دولة في الاتحاد الأوروبي تحدد تواريخ محددة للخروج من الأزمة وإنهاء الإغلاق تدريجيا، حيث نقلت صحيفة “لوموند” أن المحلات التجارية التي مساحتها أقل من 400 متر مربع ستفتح أبوابها 14 أبريل، إضافة إلى الخدمات الحرفية والعناية بالحدائق وتليها بقية الأنشطة أول ماي القادم.