بالصدفة البارحة انتزعت بعد عناء طويل جهاز التحكم من يد ابني الصغير الذي كان يشاهد بالألوان رسوما متحركة، غيرت القنوات إدا بي أقف عند نشرة الثامنة على الوطنية ، مليئة بالأبيض والأسود في محتواها،
تعود بك إلى زمن المتتاليات اللقبية: رئيس الجمهورية وزير الدفاع الوطني القائد الأعلى للقوات المسلحة، تذكرك بزمن شخصين أحدهما في القصر والآخر في القبر
وزيران يستقبلان شحنة معدات طبية مستوردة من الصين بطائرتين عسكرتين فجرا ، يتحدث أحدهما عن توجيهات رئيس الجمهورية تذكرت ولدعباس ، و اندهشت لأن الصحيفة لم تستضف طبيبا مع الضابط الذي استضافته ، رغم أن كلاهما صاحب واجب يقف في الصفوف الأولى في الحرب على الوباء و يستحق التبجيل
ثم تذكرت مرة على إحدى القنوات ذات يوم من 12\12 كان الضيف معي عقيدا يجعل من المتتالية اللقبية التي ينطقها بسرعة البرق من فرط تكرارها فاصلة في كلامه : السيد الفريق نائب وزير الدفاع الوطني رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، كلما تحدثت عن دولة المؤسسات كان يقاطعني هناك مؤسسة الجيش! ثم تبادر لدهني حاله وهو يرى جماعة من قال عنه أنه كان مجرد “حمال” في ميناء في تونس تعود إلى الواجهة
عادت بي الصحفية إلى التاريخ السياسي للحرب الباردة لزمن البروباغاندا السياسية التي اشتهرت بها ال KGB التي تعتمد في الدعاية على توظيف نصف الحقيقة ، بدت النشرة كلها محاججة للحراك الشعبي، تبريرا لسجن الصحفي خالد درارني بدعوى أنه ارتكب جريمة من جرائم القانون العام وهو مسجون ليس كصحفي، درارني كان يحرض على التجمهر لأنه كان يصور!!!! نعم يمكن أن يكيف تصوير الحراك الشعبي على أنه تحريض على التجمهر!!!! كما يمكن تكييف منشور يتحدث عن مقارنة قدرة الكشف عن الوباء بين الجزائر و ألمانيا على أنه مساس بالمصلحة العليا للوطن !!! فمبدأ الشرعية الجزائية يعني فقط لدى النظام وجود قانون العقوبات ليخيط منه للمراد اتهامه بدلة وكفى، لا يهم إن كانت لائقة أم لا المهم أنه متهم !!!!
انتقلت الصحفية إلى مدح شباب من سطيف قالت إنهم يستخدمون وسائط التواصل الاجتماعي في ما يخدم الوطن، أحسست انها تتكلم عن الحراك لأنه يستخدم الوسائط فيما لا يخدم” الوطن” عفوا” النظام”، ثم ظهر شاب يتحدث عن مناطق “الظل ” شعار النظام الذي عوض” جزائر العزة والكرامة” في زمن ساكن القصر ففهمت المعنى
معنى أن يختزل الوطن في شخص والعدالة فى منجل، ويسهر على الأمن من يرتكب الخيانة العظمى، ويبلغ الفساد درجة أن يسجن الجنرال قائد الشرطة الذي ربى أولاده على الحلال في 50 عقارا موزعا بين الجزائر و وهران، فيلات شقق عقارات بلا حساب وماخفي أعظم ، حينما يسجن قائد الدرك الجنرال الذي عينه من في القبر بتهم الثراء الفاحش، ويسمح بفرارجنرال آخر عينه من في القبر أيضا قائدا للدرك لا يعلم حجم فساده إلا الله، ويسجن جنرالا عينه أبناء من في القبر رئيسا لأركان الدرك تمهيدا لترقيته لقائد للدرك بتهم الفساد ،ثم يطفوا إلى السطح حجم فساد بعض جنرالات من في القبر ويطفوا إلى السطح معه صدمة الذين غرر بهم من في القبر يتساءلون عن النبأ العظيم: هل فعلها ؟هل أضلنا أبا “ديدو”؟ هل حقا أن بعضهم أخفى الأموال في حاويات على الطريقة السلالية؟؟؟ تبا !!! هل يجب علينا أن نصبح من المؤمنين بأن الحراك رسالة نبوية في زمن الجاهلية السياسية ؟
ماذا أبقيتم من الوطن بربكم ؟ ماذا أبقيتم من دم الشهداء من حقوق الفقراء ، نهبتم المال، نهبتم الأمن، تستخدمون العدل للظلم مادا أبقيتم من الوطن ؟
في زمن العالم كله يكرم العلم والعلماء ، في زمن؛ الحراك الشعبي يفكر بمنطق المتتالية الحسابية مازال النظام متخلف جدا ، يفكر بمنطق من هو في أرذل العمر الذي لا يعلم من بعد جهل شيئا ، يفكر بمنطق المتتالية اللقبية: السيد رئيس الجمهورية وزير الدفاع الوطني القائد الأعلى للقوات المسلحة
اعتذرت من ولدي ومن عقلي لما أدركت أنها لم تكن تخاطب الشعب الجزائري، كانت تخاطب المغرر بهم من طرف النظام نعم فقد كانت تخاطب فقط عبدة” هبل” ، أعدت جهاز التحكم لولدي فعادت الألوان إلى الشاشة وأنصرفت اردد بعض أهازيج الحراك التي حفظها ولداي عن ظهر قلب رغما عنهما من فرط تكرار سماعها وأيقنت أن الحراك سينقد الوطن.
د. رضا دغبار