منطق الشخص والتاريخ!!!!
الجزائر” المسروقة” قصة مروعة من قصص تأليه الأشخاص باستخدام التاريخ والجغرافيا
حينما كان ثوار الداخل يحاربون بصدق المستعمر الفرنسي، كان كل واحد من جماعة” وجدة “يخطط ليجد لنفسه مكانا في جزائر ما بعد الاستقلال،صراع تاريخي بين تصورات سياسية تخفي طموحات شخصية، كان الولاء للأشخاص هو المحدد لموقف رفقاء الثورة من انقلاب بومدين على زعيم المالق MALG بوالصوف، وانقلابه ايضا على بن بلة ،بومدين الذي سار على خطى بن بلةفي “منطق الزعيم” جعل هم كل الأجهزة الأمنية صناعة وصيانة صورة “الزعيم”، لأجل ذلك خلق أعداء الداخل و اعتبرهم” ثورة مضادة”، جعل من الجزائر دولة أيديولوجية، أظهر نفسه زعيما للعالم الثالث في خطة لتقوية نفوذه في الداخل، بفضل منطق الزعيم الذي تخدمه الأجهزة ولا تخدم الدولة، أصبح صالح فيسبا vespa قنصلا عاما للجزائر في جنيف.
عام 1978 قاصدي مرباح قائد الأمن العسكري يرفض أن يكون بوتفليقة_ الذي كان يعتبر نفسه وريثا شرعيا لبومدين _ رئيسا، بسبب مغامراته اللا أخلاقية ناهيك عن نهبه لأموال السفارات ، ولكن” المجلس” الذي يختار لنا نحن الشعب ، الذي منعه من الرئاسة سنة 1978 وبنفس الملفات هو الذي جاء به عام 1999 !!! وهو الذي أعتقد كما قال بأنه “”دفن طموحه السياسي عندما دفن بومدين ” !!! هل قدم لهم صكوك الغفران ؟؟ هل تأكدوا من توبته عن الممارسات غير الأخلاقية ؟؟ هل أعاد أموال السفارات؟؟ لماذا أعادوه ؟؟؟وهم من خلال قاصدي مرباح هم الذين أرسوا نظام الرئيس ” المحكم” بين أعضاء” مجلس العائلة “الحاكمة وهم الإخوة في النفوذ !!! حينما اختاروا للجزائر العقيد الشاذلي بن جديد.
بوتفليقة الذي تربى في حضن انقلابات جماعة” وجدة” على بعضهم البعض، لا يؤمن بالرئيس” المحكم”لا يريد” الشاذلية”بل يريد ” الوجدية”، يريد نموذجا للحكم الفردي على شاكلة بن بلة وبومدين، أفصح عن ذلك في خطاب له سنة 1999 حين قال ” إنني لا أمثل حكما جماعيا فأنا شخص لا أؤمن إلا بالحكم الرئاسي ..” كيف غاب ذلك عن فطنة جماعة “السجاد الأحمر”!!!، لماذا تركوه يعبث بالوطن؟؟ لا أدري . المهم أن بوتفليقة اختزل الدولة في السلطة والسلطة في شخصه ، و في زمنه أيضا أصبح تاجر مخدرات نائبا لرئيس المجلس الشعبي الوطني على خطى ” صالح فيسبا “.
يحاول النظام الآن العودة لفكرة الرئيس” المحكم” ولكنه لا يفكر أبدا مجرد التفكير في احتمالية الرئيس الشرعي ودولة المؤسسات ،نعم لأن ذلك يعني ببساطة نهاية”مجلس العائلة ” الحاكمة، نهاية النفوذ وبداية نفاذ القانون.
في الجزائر المسروقة يتم طباعة مئات الآلاف من صور الرئيس بجانبه علم توضع في اطار تعلق على جدران المكاتب، الصورة يذكرنا بها النظام أن الوطن علم والعلم شخص وانتهى.
كل المؤسسات تصبح في خدمة بقاء” الشخص” لأنه الضامن لبقاء السلطة وبالتالي بقاء الدولة ،تبدأ السلطة” المستجدة” في منع لقب” الفخامة” ثم منع” بناءا على تعليمات الرئيس”، تمنع الصوت ولكنها تحتفظ بالصورة ، الوزير لا يمكنه أن يصرح للتلفزيون إلا وصورة” الشخص” الذي يختزل السلطة والدولة وراءه، إنهم عاجزون عن التحرر من منطق الإطراء من ” الشياتة” فلا شيئ فيهم يصلح للاستوزار إلا معرفتهم لألفاظ “الثناء” على فخامته الأسد، إن لم يكن بالصوت فبالصورة “مشيتين مشيتين”!!!
ونحن اليوم في الحراك نقع في فخ السلطة ، ندخل في منطق التاريخ السياسي البغيض لقادة الثورة، نريد أن نجعل من الحراك مجرد امتداد لخلافات أملتها طموحات شخصية في ثوب سياسي بمنطق جغرافي أثناء الثورة ،أنا لا أناضل لأنتصر للماضي أنا أناضل لبناء المستقبل، القطيعة الحقيقية مع النظام تبدأ من القطيعة مع الفكر الذي يريد أن ينتصر بالحراك لمنطق التاريخ أو الجغرافيا.
في مثل هذا الوقت من السنة الماضية التقيت لخضر بورقعة عند أحد كبار مجاهدي الولاية الرابعة “سي عمر” بعد حديث عن زروال ومن قبله ومن بعده قال لي يستحسن ألا تعرفوا بعض الحقائق التاريخية ، لا تنظروا لنا !!! فصورتنا تختلف عن الصورة التي تعرفونها .
ولكن بعد انقضاء 58 سنة من الاستقلال مازال” الشيوخ” يحكمون الجزائر المسروقة بمنطق التاريخ ، يقولون لها “الأسود يليق بك ” والشعب في الشارع يصرخ لا” للغرف المظلمة لا للغرف المظلمة” .
د. رضا دغبار