الشرعية أولا
السلطة تؤسس للقمع وتضع له الأدوات القانونية التي تشرعن ممارسته، هذه هي المشروعية الجديدة التي يتم فرضها والتي تتجلى فلسفتها في التعديلات الأخيرة التي أدخلت على قانون العقوبات لتمكين السلطة من إحكام قبضتها على المجتمع استعدادا لتسيير مرحلة صعبة بدأت بالفعل.
سلوك السلطة منذ بداية الحجر الصحي يسقط اطروحات “الواقعيين” الذين يلومون الحراك على اهدار فرصة الانتخابات، فقد بات واضحا أن هذه الانتخابات كانت فرصة السلطة وحدها، ورغم أنها فرضت بالقوة فقد بدأ اعتمادها كشرعية سرعان ما بدأت تفرز مشروعية جديدة بمعزل عن المجتمع وبالاعتماد على أدوات العهد البوتفليقي وما خلفه من “مؤسسات” وشبكات.
الذين يدعون إلى تجاوز مسألة الشرعية ويعتبرون الاذعان لسياسة الأمر الواقع “براغماتية” سياسية هم في حقيقة الأمر شركاء في تمديد عمر نظام منتهي الصلاحية من خلال حلول ترقيعية تدفع بالبلاد إلى أسوأ المآلات، والانتقال إلى الحديث عن الانتخابات التشريعية تحت هذه الظروف، والاستسلام لرغبة السلطة في فرض دستورها في هذه الأجواء هو تكرار لنفس الخطايا التي ارتكبتها الأحزاب وجماعة “الواقعيين” الذين تحولوا إلى اعتبار السلمية عقبة تحول بينهم وبين طموحاتهم السياسية بعد أن كانت فرصة تاريخية لإنقاذ الجزائرية.
يمنحنا النظام دروسا مجانية عظيمة الفائدة أهمها على الإطلاق أن شرط التغيير الحقيقي هو إرساء شرعية حقيقية وكاملة، ولا أنصاف حلول عندما يتعلق الأمر بالشرعية، وهذا ما يجب أن نتذكره في المستقبل القريب جدا.
نجيب بلحيمر