مسودة، ليس أكثر !
بقلم الأستاذ عبد الرؤوف أرسلان(*)
بعد قراءة تحليلية سريعة، تبين لي أن “دستورهم” المقترح لا يرقى لعرضه على شعب يعيش مخاض ثورة سلمية يسعى من وراءها لتغيير النظام جذريا. إنه استنساخ و هو مسودة بالفعل ليس أكثر! وبإمكاني إيجاز هذا الاستنتاج في الملاحظات العابرة التالية:
دستورهم هذا ليس بدستور جديد إنما تعديل سيء للقديم وجاء تكريسا و تثبيتا لما سبق.
في دستورهم المسودة، نجد ان صلاحيات الرئيس التي توقع الكثيرون بتقليصها و ربما بتقييد حرية الرئيس فبقيت هي نفسها مع بعض الإضافات. فلا يعقل طبعا ان يحكم الرئيس صلاحيات “المخلوع” نفسها وكان من الواجب إضفاء بعض التغيير. فجاء فعلا التغيير. لكن بالزيادة و ليس بالنقصان .
كما ان منصب نائب الرئيس،في اعتقادي، هو سيف مسلط على رقبة الرئيس نفسه له أجندته و شخصيته .
ومن جهته، استفاد ما يسمى بالبرلمان هو أيضا من التكريس الشكلي حيث أصبح لا يملك حتى حق الاقتراح . وذلك ان مفهوم التشريع في دساتيرنا هو التصويت ( ممارسة حق رفع الأيادي ) و ليس اقتراح القوانين والتشريع باسم الشعب و الفصل بين السلطات والرقابة على السلطة التنفيذية. أما المجالس الاخرى فكلها تحت سلطان الرئيس. فالمجلس الأعلى للقضاء مثلا فبقي تحت إمرته و تم سحب الوزير من نيابة و عضوية المجلس.و وهم بذلك، يكونون قداستجابوا،برأيي، لمطالب القاعدة بازالة الوسيط بينهم و يبن الرئيس و ليس الوصاية.
المجلس الدستوري بدوره فاصبح محكمة دستورية لكن الجديد، و هو سابقة خطيرة ،يكمن في منح الحق للرئيس ان يطلب من المحكمة الدستورية تفسير حكم او عدة احكام دستورية ، و ليس الرقابة على دستورية القوانين .أي أن الدستور الذي انشأ المحكمة الدستورية اصبح خاضعا لها ؟؟؟!!!!
و من الملاحظات الفاضحة أيضا ان السلطة التأسيسية في بداية المسودة للشعب لكنها تعطى في نهاية المسودة للرئيس بواسطة المحكمة الدستورية .
تنبيه أخير:
صراحة، لا ادري هل هو استهتار او لا مبالاة او ان الامر اصبح تحصيل حاصل :
في الاحكام الانتقالية أبقوا على تسمية المجلس الدستوري بدلا من المحكمة الدستورية الفقرة 1 المادة 236 هذا من جهة و من جهة اخرى فان المجلس لا يتحول الى محكمة دستورية الا بانقضاء عهدة اخر عضو فيه ، و اذا كان هذا هو فعلا المقصود فدستورهم مسودة، ليس أكثر.
أ. عبد الرؤوف أرسلان
(*) محامي وناشط حقوقي، تبسة