حتى لا يختلط علينا الأمر ونخطئ المعركة
ما تطرقت إليه في منشورات سابقة وجديدة بشأن اللغة العربية وما يدور حولها من حديث وحروب، واعتبرتها فخا ومصيدة، لا يعني أبدا الانتقاص من قيمة المسألة ولا التشكيك في نوايا كل من يتطرق إليها، لكن أعتبر الموضوع، على حساسيته ومركزيته، في حالة استعمله خارج إطاره وفي غير الظروف المناسبة، يكون، مشتتا للجهود ويصد الأنظار، إن لم يكن مهلكا للجميع. أوضح:
– هل هناك مغتربين وجدانيا من الأقدام السود المحليين، الحاقدين على العربية وعلى كل ما يتصل بها، ويعملون على ترسيخ لغة الكولون في البلاد ويقلقهم تبوأ العربية مكانتها اللائقة بها، بعد تهميشها عمليا طيلة نصف قرن، لصالح لغة المستعمر التي فرضوها في كل المجالات الحيوية، وعلى أساسها كان يعين أو يقصى المتقدم للمسؤولية، بصرف النظر على الكفاءة المهنية؟ نعم يوجدون هؤلاء الأقدام السود وهم كثر وزادت غطرستهم بحيث لم يعودوا حتى يخفون تطاولهم وحقدهم على العربية، ونشاهدهم يشهرون سيوفهم ويشحذونها في مقالاتهم المستفزة وتصريحاتهم الحاقدة في كل مناسبة؛
– هل هناك فئات متنفذة من المتذرعين بالدفاع عن الأمازيغية وترقيتها، ولا يمثلون البتة الملايين من إخواننا في القبائل الكبرى والصغرى، وإنما يستخدمونها فحسب حصان طرودة لفرض الفرنسية؟ نعم موجدون، وصوتهم عال مضخم بشكل مبالغ فيه، لكي يطغى على أصوات الملايين من الأمازيغ الذين لا يشاركونهم هذه الحرب القذرة؛
– هل هناك جانب من الحرب الدائرة، ذات أبعاد حضارية، لا يمكن تجاهلها أو الانتقاص منها؟ نعم، موجود، ولا ينكره عاقل؛
– لكن، هذا كله لا يجب أن ينسينا أن هناك أـيضا من الذين يركبون موجة الدفاع عن العربية، يمتطونها، خدمة لأغراضهم، في حين لا يقلقهم ما يتعرض له المواطنون من تعسف وقمع واعتقال على أيدي سلطة غاشمة، وهم يساهمون بذلك في حرف نضال الشعب المطالب بدولة مدنية، ويعملون على إجهاض هبته من خلال تأجيج حروب، نحن في غنى عنها الآن، ويمكن تأجيلها إلى حين توفر ظروفها لمعالجتها في جو هادئ علمي أخوي، دون أحكام مسبقة أو تبادل التهم، في ظل دولة الحق والعدل، التي تتيح بمثل هذه الأجواء؛
– ومثلما هناك من يركب موجة العربية لتأجيج نيران الحروب الهامشية الطاحنة، هناك أيضا من يركب موجة الدفاع عما يعتبرونه “الإرث الاستعماري” ( الفرنسية)، لتأجيج نفس الحرب، التي تديرها نفس الدهاليز، من خلال توظيف طرفي الحرب القذرة؛
هذا التوضيح لا ينفي وجود هذه الصراعات، ولا جديتها، ولا الاستصغار من قيمة اللغة ومركزيتها في بناء وكيان كل دولة، لكن، لن يكون هذا ممكنا ولا جادا ولا عليما ولا منهجيا، في ظل دولة تفتقر إلى الشرعية والكفاءة والشفافية، ولا يمكن مناقشة مثل هذه المساءل، بينما يُحرَم فيه المواطن مما هو أساسي، أي حقوقه المشروعة التي تمكنه من التعبير الحر عن رأيه واختياره، و وتفعيل سيادته
رشيد زياني شريف