“الدولة” صارت تفتي في الدين والدنيا وتتدخل في شؤون الحياة كلها!!
كتب بواسطة :د. سليم بن خدة
ليس من وظيفة الدولة أن تتدخل في كل صغيرة وكبيرة وتحاول السيطرة على حياة المجتمع وتفاصيل شؤونه، وحتى أذواق الناس.
فالمعالجة الأمنية لكل شيء وتغول السلطة على المجتمع ظاهرة غير صحية ولن تعيد هيبة الدولة لدى المواطن، ناهيك عن استرجاع الثقة المفقودة بين الراعي والرعاية. فلا معنى لقرار سياسي يجبر ويُلزم الناس برأي فقهي معين والمعاقبة على مخالفته خاصة إذا كان خلافا قديما معتبرا، ولا زيارة وزارية ميدانية من أجل الانتصار لرسومات على حائط اختلف أهل الحي على مدلولها وسجن شخص بسبب ذلك، ولا جدوى في إقامة ندوات صحفية وزارية وحملات إعلامية لإجبار الأطباء بقرارات فوقية على إعطاء دواء معين لمرض ما خاصة إذا كانت فاعلية هذا الدواء فيها نظر وغير ثابتة ومحل نقاش.
فالأصل في هذه المسائل الظنية، فتح النقاش والحوار مع أهل الاختصاص والخبرة وتشجيع وتطوير حركة النقدي التي تسمح بتحري الصواب وتطور المجتمعات، فالاستبداد السياسي هو أصل الداء ومكان العطب وسبب خراب الوطن، يدمر المجتمع وينشر التخلف، كأنه قادم من عصور الظلام، يدعي امتلاكه للحقيقة المطلقة، ويخوض في الصغيرة والكبيرة، ويدعي معرفة الدين والدنيا..
بلدان الاستبداد لا تسمح للفكر بالوجود، فضلا عن تنميته ورعايته، وتطارد المجتمع في يومياته، وتغلق عليه منافذ الوعي والنهوض، ومتى صدقت بأن لأحد أيَا كان الحق في مصادرة حقوقك، أو قبول ضرر عليك، فهذا من أشد أنواع التضليل والخداع وغسيل العقول. وأشد أنواع الاستبداد ما جمع بين الطغيان والجهل والحماقة، والاستبداد الذكي أقل ضررا من الاستبداد الجاهل الأحمق الغبي، وفي كل شر وكلاهما منبوذ، وإن كان أحدهما أشد فتكا من الآخر..