بحكم رحلتي الماراطونية عبر ولايات الوطن خلال الثورة و لقاءاتي العديدة برجال الحراك و التعرف على الكثير منهم و خاصة النُشطاء منهم الذين كنت في ضيافتهم في كل الولايات التي نزلت بها.
و بحكم أني ربما من القلائل الذين كانت لهم فرصة التعرف عن قرب على مختلف الشرائح المكونة لمجتمع الحراك.
أجد نفسي كما يراني العديد من الأصدقاء، في مختلف الولايات، في منزلة الأقرب للشهادة على الحراك في الوقت الذي صار الإدلاء بالشهادة مُلزمٌ.
فبقدر ما كان لي الشرف أن أكون أقرب الناس للحراك صارت عليا مسؤلية كبيرة تفرض عليا واجب الشهادة للرد على شهادة الزور التي تحاول من خلالها جهات مغرضة ، في كل مرة ، النيل من الحراك .
هذا عن دواعي واجب و مسؤلية الرد و الشهادة أما الشهادة نفسها أقول و الله الشاهد على ما شهدت.
زرت أكثر من نصف تعداد ولايات الوطن من على دراجتي الهوائية و شهدت مسيرات الجمعة و الثلاثاء في أغلب الولايات التي زرتها أي باختصار عشت الحراك في بعده الوطني بامتياز و أشهد أن أهله رجالاً و نساء و شباب من خيرة ما أنجبت النساء في الجزائر .كرم، أخلاق، جمعهم الحراك في مشهد غير مسبوق من كل المستويات الاجتماعية أما الثقافة و المستوى العلمي حدث و لا حرج، لا تخلو مسيرة من المثقفين: أساتذة و أطباء و مهندسين بل حضرت منتديات بمعنى الكلمة وسط المسيرات وكذلك أشهد أن رغم تباعد المناطق هناك تشابه كبير في طريقة التفكير لدى نشطاء و أهل الحراك. لامست فيهم الوسطية في الطرح و الإعتدال في الدين لا غلو و لا ازدراء، تسامح و قبول للأخر بعفوية الجزائري البسيط. منتدياتهم السياسية وسط المسيرات من مستوى سياسي رفيع تتمنى عديد القنوات أن ترقى إليه.
أما الذي حاولت قناة tv5 الفرنسية عرضه لم أجده يحاكي أي وجه من أوجه الحراك بل هو عمل بعيد كل البعد عن روح الحراك و رسالته لا يرقى أن يكون تقرير عن حركة سياسية بحجم ثورة 22 فبراير .كل ما استطاع ربما تبليغه هذا الشريط الوثائقي، على أقصى تقدير،لا يعدو مجرد صورة بسيطة عن جزء من مجتمع من مجتمعات عالمنا الحاض، و هي تتشابه. صورة ،فضلاً عن التبسيط هي تتجاهل زمن الثورة ،أبعادها، حجمها و انجازاتها .
أما الصورة الحقيقية للحراك الذي شاهدته، اقسم بالله، لن تسعها شاشة كاميرة القناة .صورة أبهرة جهابذة السياسة في العالم و شدت انتباه العلماء و حركت دوائر الإستعلام و غرف العمليات، صورة احتفى بها الأحرار في كل ربوع العالم و زيادة على الصورة لا يزال عالق على مسامعي أصوات حناجر تصدح بالحرية أصواتهم لا يقوى عليها ميكروفون القناة و كثيراً ما اجتمعت بعقول نيرة تُنير الحراك و سيُشع نورها بإذن الله و يبلغكم منه وميض.
عمي حميدة