حتى وإن
قرأت لأحد الزملاء كتابة تدعو لانتخابات رئاسية مسبقة، على اعتبار الجدل حول حصيلة توجهات تبون ” الرئيس”
و وعوده الانتخابية و حملة الرفض لمسودة دستوره،التي يكاد يجمع عليها انها خيبة أمل من حيث الفريق الكاتب والمسودة المكتوبة..علاوة على خيبته في اختيار فريقه لاسيما الحكومي. بصرف النظر عن عدم فعالية او إمكانية المطلب( رئاسيات) او عدم امكانية الحكم على عهدة رئيس في الشق الاجتماعي و الاقتصادي في ظرف ستة أشهر ( خاصة ان كانت وعوده خرافية لا تتوافق كليا مع الركود الاقتصادي وتراجع مداخيل الدولة) و بالنظر فقط إلى الشق السياسي ،فإن الحديث عن استحقاقات يراهن عليها للتغير،ايا كانت الاستحقاقات( برلمانية او رئاسية) يعيد تجربة المجرب او تضخيم حجم الحلم بالتغيير ويجعله يصطدم بالواقع من جديد .
بالمنطق السياسي المجرد نجحت منظومة الحكم في تحول من فراغ المنصب إلى الملأ مجرد الملأ سيكون كاف لاي نظام من اجل المواصلة. سلم البعض بخطورة او بشكل أدق ضبابية المرحلة الانتقالية التي يدعو لها البعض ،حتى تقدم البعض الآخر بتنازلات مكيفة مع الحالة الجزائرية، فذهبوا إلى انتخابات رئاسية تفرز رئيسا ببنرماج انتقالي يكتب فيه البرلمان المنتخب وفق آليات شفافة الدستور و يباشر فيه الرئيس اصلاحات مبنية على حوارات جادة و وفاق وطني يسمح برسم قواعد العمل السياسي( قانون انتخابات، احزاب،إعلام الخ) وفي هذه الصورة قدم المترشح علي بن فليس وبصرف النظر عن الشخص والظروف و الشروط وعلى الورق فقط هذا البرنامج(سميته انذاك ومازلت برنامجا مثاليا للغاية ) لكنه يصطدم و بالضرورة بالرغبة العسكرية، كان من العبث تصور قبول القيادة انذاك لهكذا فكر او برنامج او حتى شخص،بعد تأكد انتاج نفس الآلة الانتخابية او يوم إعلان ترشح الرئيس الحالي.
ان ما يقوم به” الرئيس” تبون او بالاحرى ما يقام به مع تبون او يتوافق على القيام به معه،هو مرحلة انتقالية فعلا لكن لنظام بوتفليقة. ان اي انتخابات جديدة وحتى وان كانت رئاسية او برلمانية لن تقدم التغيير المنشود مادامت لا تخرج من إختيار السلطة لمرشحيها و ضمان مرورهم بالوعاء الجاهز( اسلاك أمنية، عسكرية،افلانيون منظمات جماهيرية ) وعاء قد لا يقل عن ثلاثة ملايين او أربع.
التركيز على استبدال شخص بشخص وفقط دون مراعاة لتجارب الدول التي عاشت الحالة الجزائرية( رغبة شعبية كبيرة في التغيير تصطدم ببوليس سياسي او دولة عميقة او قيادة عسكرية او مثلث حزبي او لوبي مالي ) كما عاشت ذلك البرتغال او المكسيك رومانيا و حتى روندا إلى الجارة تونس من ضرورة العزل السياسي وابعاد الانتخابات عن الجسم الإداري المتحزب..إن اي نقاش او برنامج او مخطط لاي محاولة تغيير في الجزائر سيعود إلى نقطة البداية.
حتى وإن كان اليوم ميهوبي رئيسا للجمهورية و ان قرب بلخادم او كل من هو في البال من زمرة بوتفليقة فإن الأمر لا يعدو ان يكون إعادة انتاج منظومة بوتفليقة اي ضمان انتقال نظامه الذي هو اصلا نفس النظام( قالب جاهز لا يتأثر بمن على رأسه بروتوكول عمل )….لذلك ان المتحدثين عن انتخابات ديسمبر بشيء من اللوم حول عدم تقديم الحراك مرشحه ،فإنه فعلا لمن المتعب إعادة تقديم التفسير..الدخول في مسابقة تعرف الفائز فيها و تشتكي من قواعدها( عدم استقلالية منظمي الانتخابات و انحياز الإدارة المتحزبة أصلا وجلها من الأرندي ) هو ضمان ديكور اجمال لانتقال منظومة الحكم….فإن كان يعتقد صاحبي ان انتخابات رئاسية مسبقة قد تكون الحل من اجل استبدال عبد المجيد بعز الدين او عبد الملك او اي كان فهو مجرد عبث….اي خطة لا تستبعد خيبة الأمس لاسيما من حيث النصوص و الممارسات و توقيف احزاب السلطة وادارة البوليس السياسي ستفشل قطعا.
ان ما يعيشه أنصار تبون الذين قد يكون الرئيس الوحيد الذي لم نرى له هتافا ولا انصارا يوم فوزه،ما يعيشونه من خيبة امل او مفاجآت و دهشة وهو يخصنا جميعا في النهاية ليعد فعلا النموذج الاوضح لخيبة المعولين على تغيير عن طريق الانتخابات في ظل نفس المنظومة وبنفس الآليات ثم ينتظرون التغيير و المفاجآت….كانت رسالة بعث الافلان
و الارندي واضحة ..لا خروج عن المألوف و المألوف قد يكون برمجة لدستور يمر عبر البرلمان فنتيجته مضمونة
و عبر استفتاء كذلك…لأن عدم استقلالية الجهة المنظمة الانتخابات وتحكم البوليس السياسي في القوائم و تغلغل الجهاز الإداري المتحزب يعيد نفس الحلقة الحلزونية.. وعليه لن نخرج من التشخيص والنقاش وتكرر المكرر مادمنا لم نصل إلى قاعدة التغيير ان لا يكون بآليات انتخابية في نفس منظومة الحكم…فان كان الضغط الشعبي يبغي نتيجة فليتحول إلى ضغط للعزل و تصحيح الآليات وضمان عمليات انتخابية حقيقة تخرج عن الفلكلور وحتى هذه لن تكون إلا بقطيعة تضمنها مراحل انتقالية….اللهم إلا اذا وصلت القيادة الحقيقة إلى تقدير يجعلها تخرج مخلصا و هذا يكاد يكون مستحيلا…اننا نعيش واقعية نجاح منظومة الحكم في فرض مسارها في ديسمبر مستغلة الخوف،قلة الخبرة،التردد وعدم التشخيص الواقعي والفعلي للتغيير…حتى اعتقد البعض ان قمة النجاح هو رحيل الاكسيلانس.
رضوان بوساق