بقلم عضو حركة رشاد الدكتور “رشيد زياني شريف”….
الواقعية والاعتدال..أسماء سنفونية لإجهاض مساعي التغيير الجذري (الجزء الأول)
يلاحَظ أن بعض المتلبسين بالواقعية، غالبا ما يمارسون هذه الواقعية، غير بعيد كثيرا عن المنطقة الخضراء التي توفر لهم الأمن والسلامة، وتمنحهم امتيازات تقدر بقدر قربهم منها وابتعادهم عن كل من يصفونه بالـ”العدمية” و”الرومانسية و”الغوغاء”. حجة هؤلاء الواقعيين، أنهم يقدرون ثقل الأمانة الملقاة على عاتقهم، عكس “المغامرين” الذين لا يبالون بمصير الشعب والوطن. ومن مميزات واقعيتهم، بدافع الحرص على استقرار البلد وأمنه، يبررون بسخاء حاتمي، تصرفات السلطة الحاكمة، والتهوين من حجم تعسفها وقهرها لمن يخالفها الرأي. وإذا استفسروا عن الحريات، يطمأنون بأنها مكفولة، وأنها تعم ربوع الوطن؛ وإذا سئلوا عن الاعتقالات، يجيبونك بأنها محدودة وليست بذلك الحجم المبالغ فيه من قبل المضللين الحاقدين؛ وإذا قيل لهم، لماذا يقيّد حق ممارسة السياسة للمواطنين، يفندون الأمر، ويؤكدون أن هذا الحق مكفول للجميع، باستثناء “الممنوعين قانونا من هذا الحق” (أي كل من ترفض وزارة الداخلية والبوليس السياسي اعتماده لأسباب سياسية بحتة معروفة وسارية المفعول منذ انقلاب يناير92)، ثم يقدمون الدليل على هذا الحق المكفول (الذي لا يتوّفر حسبهم حتى في بعض أعرق الديمقراطيات الأوربية) في وجود العديد من الأحزاب المعارِضة التي تنشط بحرية، فضلا عن السماح لعشرات الصحف بالنشر والعديد من القنوات التليفزيونية بالبث.
الغريب في الأمر أننا نجد هذه الواقعية تتسع صدرها لتفهم وتبييض كل ما تقترفه سلطة مستبدة تستخدم وسائل الدولة لقهر الشعب وكتم أنفاسه، لكن في الوقت نفسه، تغيب سعة صدرها ويضيق ليتلاشى عندما يتعلق الأمر بمن ينتهجون طريقا يخالف طريقهم، فيُتهَمون بالتطرف والعدمية، وينكرون حتى على معتقليهم صفة السجناء السياسيين، فضلا عن تبرير اعتقالهم تارة تلميحا، وتارة تصريحا، ويرونهم مجرد سجناء الحق العام، يستحقون العقاب…بما كسبت أيديهم، إن لم يتشفوا فيهم صراحة.
يتبع………………….