يمقتون الشفافية مثلما تمقت الخفافيش ضوء النهار
ما حدث في تينزاوتين، أكبر تجسيد للتسيير العسكري لشؤون الدولة، قبضة حديدية في ظروف مظلمة، لا ترى فيها بصيص الحقيقة ولا نور الشفافية، بحيث لا يعلم المواطن ما يجري في وطنه ولا في مدينه ولا حتى في قريته، إلا ما يسربه له السيد العسكري، حتى عندما تناقض هذه الرواية تناقضا فجا لما يراه بأم عينيه.
النظام العسكري لن يسمح للمواطن، بأي رؤية أو صوت يخالف رواية العسكر، ويضربه بيد من حديد إن تجرأ عل نشر رواية رأي العين، بدلا من تبني رواية العسكر المفروضة قهرا، رواية الذي يطلق الرصاص على الناس، ثم يبرر فعله، ويدين الضحية، ويحظر على سكان المنطقة التعبير عن رفضهم لروايته والاعتراض على أفعالهم وإدانة الجريمة، بل يحبس عليهم أنفاسهم ويحرم الجرحى والثكلى المكلومين من إطلاق آهاتهم وأنينهم.
عندما تطالع بيان قيادة العسكر في تبريرها لإطلاق النار وقتل أحد المواطنين، يزعمون فيه أن الضحية أصيب برصاصة جاءت من وراء الحدود، تدرك فجاجة الكذب وسخافة التبرير، وكأن المواطن ساذج ليثق مثل هذه الرواية السمجة، حيث تقطع الرصاصة مسافة كيلومترات لتخترق جسد مواطن، ثم تطالع بيتان أهل تيزنواتين، يوضحون فيه ملابسات ما حدث في بلدتهم وسبب التظاهر السلمي لأهل البلدة، نتيجة ما يقاسونه من ويلات وإجحاف والتضييق في قوت أبنائهم، وظروف عيش ترقى لما قبل التاريخ، عندما تقارن بين بيان أهل المنطقة وبيان العسكر، تفهم لماذا تتضايق العصابة من المطالبة بدولة مدنية دولة القانون، التي ترفع الغطاء على تصرفاتهم وتجعل كل شيء شفافا ويعرّض كل فعل وصاحبه للرقابة والمساءلة. لم يعد يخفى سر حربهم الشرسة ضد هذا المطلب الذي لن يسمح للعصابة بفرض حواجز حديدية، تحرم المواطنين من الاطلاع على كيفية إدارة شؤون البلاد ونهب أموالها وهتك أعراض مواطنيها وسلب حريتهم، جدار يريدون استدامته لكي لا يسمح بتسرب إلا ما تريده العصابة الحاكمة، ونشر فقط روايتها، لإحكام قبضتها على الناس.
هذا النوع من التسيير في جنح الظلام، الهدف منه منع المواطن من معرفة ما يجري فعلا من “أمور مشبوهة” من قبل كبار قيادات العسكر، في حق المواطنين العزل، ونهب ثروات البلاد الموجودة في باطن الأرض، من ذهب ويورانيون وغيرها من الثروات.
إن ما يقض مضجعهم وينسف أحلامهم ويحولها كوابيس، هو هذا المطلب، في دولة العدل والقانون التي تضع حدا لدولة الاستبداد العسكرية، ولهذا السبب يشنون عليها حرب تضليل وتشنيع وتخوين هوجاء، بدعم متعدد الوجوه من القوى الدولة المستفيدة الكبرى من هذا الوضع، لقاء سكوتها على جرائم منفذيها المحليين. هذا ما يرومونه، والشعب لهم بالمرصاد.
رشيد زياني شريف