البناء الدول لا تقوم فقط مع من يشاطرك الرأي
من “المآخذ” المزعومة على رشاد من البعض، دون دخول من نوايا هذا الطرف أو ذاك، أنها “تحالفت” مع من ذبح الشعب، على حد تعبير البعض، ودون الإطالة في تفنيد ذلك، أعيد التذكير والتوضيح ورفع كل لبس، متعمد أو متغافل، بأن رشاد حركة سياسية من أجل التغيير الجذري السلمي، وليس حزبا، ولم تتحالف مع أي طرف، لسبب بسيط ووجيه، لا ينكره إلا صاحب نوايا دسيسة، لأنها لا تصبوا، بصفتها حركة سياسية، إلى تشكيل حكومة (هذه سلوكيات الأحزاب)، ومن ثم لا يمكن الزعم بأنها تحالفت مع هذا الطرف أو ذاك، بل تسعى منذ نشأتها، إلى تجميع صفوف كل من يؤمن بضرورة التغيير الجذري خارج منظومة الحكم، التي تأكد الجميع من عبثية المحاولة من داخل أسواره، وتعمل رشاد وفق مبادئها التأسيسية إلى بناء دول القانون التي لا تقصي أي من فئات المجتمع، وإلى جانب ذلك، أذكر فقط من يرى هذا التحالف المزعوم مع من أجرم في حق الشعب، أن الذين يحكمون اليوم (وفي في سدة الحكم الفعلي وليسو مجرد حركة معارضة)، في معظمهم شاركوا في ذبح الشعب في التسعينات وقبله وبعده، أو ساندوه أو شجعوه، ومع ذلك، لم نر للقوم أي اعتراض عليهم أو تحفظ في اعتبارهم “منقذين للبلاد”، لكن ثمة نقطة أساسية لا بد من توضيحها، لرفع كل لبس شريطة أن يتحلى الجميع بالأمانة وأخلاقية الحوار.
لا بد أن نتعلم تجنب الخلط بين دعم مبادئ وحقوق للجميع دون انتقاء بين أصدقاء أو خصوم أو حتى أعداء، وبين مساندة الأشخاص لذاتهم أو التضامن فقط مع من يشاركنا الرؤية. لا يخفى على احد، أن بحر سحيق يفصل بين ما ترومه رشاد وما تتبناه بوراوي أو تبون أو توفيق…، بيننا معارك أفكار وتوجه ومبالدئ، لا نخاف من خوضها مع من يخالفنا، بل نملك سلاح المواجهة الحضارية، لكن، لا يجب أن يسود ذلك قلوبنا فنظل ونخطئ الهدف، نحن نصبوا إلى دولة لا تظلم “عدالتها” أي من مواطنيها، وليس إلى عدالة تنصف فقط من يشاطرنا الرأي، وكنا قلنا منذ عشرات السنين، أن حتى الطاغية توفيق وأزلامه من سلال وأيحيى أو مجرمي انقلاب يناير 92، لا بد أن يحاكموا في محاكم شفافة وعادلة، ولسنا دعاة تنصيب المشانق لقطع الرؤؤس دون محاكمات عادلة، ليس كذلك تؤسس دول العدل والقانون.
وهذا ما نؤمن به ونعمل عليه، لأن هذا هو السبيل الوحيد الذي يضمن لنا دولة تتسع لكل مواطنيها ولا تظلم أحدا، ومهما كان رأيه، فلا يحاسب المرء إلا على ما اقترفته يداه. اختلافنا العميق بل كل الشتم والطعن والتهم التي يوجهها لنا خصومنا، مرارا وتكرا، ودعوتهم إلى جزائر لا تختلف عن أي مستعمر فرنسية أو مستوطنة صهيونية، لا يجعلنا نحرمهم حقهم في العدل ومساندتهم إن ظلموا، بل ندعو لمعاملتهم بالعدل، كغيرهم، لأننا ننظر أبعد من الرغبة في الانتصار للذات وروح الانتقام، إننا نسعى للتأسيس لدولة العدل، لا دولة تصفية الحسابات، هذه رؤيتها وهدا طريقنا، ونعلم أنه شاق وجد مكلف، بل وقد يتهمنا حتى من يشطارنا جل ما نؤمن به، لكن نتحمله برحبة صدر وقبول حسن، لأننا كلنا يقين في جدوى الطريق وسلامته وعدالته، وندرك أنه فقط من لا يعمل لا يخطئ.
الدكتور رشيد زياني شريف