موتوا بصمتكم..”اضربوا يعرف مضربو”
الاستبداد في أبشع صوره محتقرا الشعب مهينا له، ولسان حاله يقول: “وحدي أنا أيها الشعب..أفكر وحدي وأقرر وحدي…ووحدي أسوق وأقود القطيع..وليس له إلا الضرب والدم والدموع والسوط، وجلودكم لهذا السوط قد خُلقت”…
يتحكمون في شؤون الناس بإرادتهم، ويحاكمونهم بهواهم وشريعتهم، الشعب عندهم ليس أكثر من قطيع يُضرب ويُعزَر ويُغيَب، ولا يستحق إلا التقريع والتوبيخ وصوب اللوم عليه صبَا حتى وهو غارق في النكد والشقاء والتعاسة..
يرون في الشعب كتلة بشرية هائمة ليس لها إلا العلف وحزمة عشب، وإذا ما ضجروا أو تأففوا أو احتجوا واجهوهم بأنواع السباب والشتائم والإهانة والاحتقار والاستخفاف، ونادوا فيهم: “..يا معشر القطيع موتوا بصمت ولا تزعجونا بأنينكم ووجعكم”، موتوا فلن تبكيكم القنوات ولا ينتصر لمآسيكم القضاء المختطف ولا يحزن لهلاككم رأس القطيع، فمهمته أن يسوقكم إلى حيث يأمر سيَده ولو إلى هلاككم، ودماؤكم وأوجاعكم لا قيمة لها، وحتى جثثكم ليست إلا أرقاما تزول وتُمحى وتُستبدل..
وماذا عن رأس القطيع؟ عادة ما يُعلق جرس أو أكثر في رقبة “المرياع” (قائد قطيع الغنم) يحركه فيحدث صوتا في أثناء الحركة والمشي فيسمعه باقي أفراد القطيع فيستمرون في تبعيته والمشي خلفه أينما توجه، وإن كان ذاهبا إلى أماكن ذبح أفراد القطيع..
وإذا ما ثار القطيع يستبدلون له راعي غنم بآخر ربما أكثر استبدادا، ويُكرهونه (أي القطيع) على الضحك في أفراحهم والبكاء في أحزانهم والرقص في أعيادهم، فالحياة تحت حكمهم برنامج للاحتفال الدائم بفشلهم وإفلاسهم وسخافتهم وتهافتكم أو الموت في صمت..
وما من نهاية سعيدة تُسعف الشعب المضطهد إلا أن يُغيَب الموت المستبدين، تريحهم من كيده وتدميره…ومن الإهانات الكبرى تولد الشعوب من جديد..
صحيفة الأمة الالكترونية