الحجر الصحي بطريقة “كل واحد يدبر راسوا” أكثر فتكا من “كورونا” نفسها
كتب بواسطة :د. سليم بن خدة
الوقاية الفعَالة تكون قبل انتشار الوباء أو في بدايته، وقد بحَ صوتنا تحذيرا ونصحا في الأيام الأولى من انتشار فيروس “كورونا” على ضرورة الإسراع بغلق الحدود وتطويق المناطق الموبوءة والحجر الصحي الصارم خاصة للوافدين من الخارج مع تكفل السلطة الجاد بالضروريات من معاش الناس، مما يقتضي تخصيص ميزانية مالية معتبرة لإدارة هذه الجائحة الوبائية، والحثَ على توفير وسائل أمن الأطباء والممرضين، والأخذ بالإجراءات الوقائية من طرف المواطنين، ولكن السلطة غرقت في مستنقع الترقيع وغمرتها أمواج التخبط العاتية، واستخف كثير من الناس بخطورة الحالة الوبائية الحرجة وتغلب عقلية المؤامرة عند كثيرين، بل هناك من أنكر أصلا وجود الوباء.
وأما الآن، وقد استفحل المرض وانتشر كالنار في الهشيم، فالأمر يختلف في إستراتيجية التصدي لهذا الوباء. فالحجر الصحي بطريقة “كل واحد يدبر راسوا” تكون آثاره وخيمة ويزيد من حدَة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، ويكون بهذا أكثر دمارا وفتكا على المجتمع من فيروس “كورونا” نفسه.
والأولوية الآن لعملية الكشف الواسعة ورصد حركة الفيروس وتحديد أماكن تركيز الوباء (Clusters) حتى يتم عزله وتطويقه (المناطق التي يكون فيها الفيروس حادا وقاتلا)، وهذا يقتضي أولا تسخير الإمكانات، وثانيا تعاون وانخراط المواطنين في العملية، وربما قد يتعذر هذا ويصعب جدا لانفصام السلطة عن المجتمع وغياب الثقة بين الحاكم والمحكوم بسبب تراكم المظالم وتخبط النظام المتهالك والتعامل الكارثي للسلطة مع جائحة “كورونا”، بما أفقد الناس الإحساس بالخطر الوبائي.
صحيفة الأمة الالكترونية