نقلت صحف إسبانية وصول أكثر من 400 مهاجرا سريا من شباب الجزائر إلى الضفة الأخرى على متن أكثر من 30 زورقا في 48 ساعة هروبا من جزائر الظلمات.
عار وأيَ عار، أن يتدفق جزائريون تحطمت آمالهم وانكسرت على صخرة السلطة الصماء المظلمة، قالها لي أحدهم: “هذه البلاد ماراحش تتسقم”…استبد بهم اليأس وحاصرهم من كل مكان وأصابهم في مقتل..انتظروا رحيلهم، فلما تبين لهم أنهم جاثمون على صدورنا الُمنهكة المُحطمة إلى آخر عرق منهم، قرروا الرحيل لا يلوون على شيء..
الحكم يتصارع حول من يسيطر والناس هلكى تُركوا لمصيرهم، الحكم المتهالك غارق في لعبته المفضلة: صراع الأجنحة، شبكة ممتدة عائدة من الأعماق للانقضاض على بقايا سلطة وحكم، والشعب بلا أفق ولا حتى كوة نور تضيئ بعض حاضره..
رأى في الحراك الشعبي السلمي قارب نجاة وفرصة تاريخية لاستعادة البلد المخطوف المدمر، فتجمل بالصبر طيلة أشهر، هتف عاليا ضد الظلم والطغيان وعاش لبعض الوقت يحدوه الأمل بإمكانية التغيير..لكن سرعان ما تبين له أن السلطة غارقة في النظام القديم، وأن التغيير سراب، أو أجهضوه في مهده، أو ركبوا موجته ليدفنوه حلما يراود كثيرين، هم بارعون في قتل الأمل، في نشر اليأس والإحباط، في صناعة البشاعة والظلمة، يتفنون في القتل البطيء، لا يرون إلا نفسهم وامتيازاتهم وسلطتهم وحكمهم ولو على الأنقاض..
وأدوا كل ما هو جميل، وصادروا الأنين والأوجاع، وحبسوا الكلمات الحرة، وكتموا الأنفاس، ونشروا الفشل والمآسي في كل ناحية وزاوية، ولم يجد الشاب المحبط الذي تخطفه اليأس واستسلم لأمواج البحر، هذا الذي استقبله بلا فيزا ولا جواز سفر، ولكن لا يُؤمن جانبه، وآثر في الأخير ركوب الأمواج والمخاطر على البقاء في الظلمات الحالكة، يقتله اليأس ببطء..
عار السلطة الأبدي الذي لا يُغسل، قتلت الأمل وزرعت اليأس، وليس إلا عقلها الأمني الذي ترى وتسمع وتفكر به، البلد مشلول والتخبط يطارد السلطة في أكثر قراراتها والمستقبل مُظلم والحاضر مغلول بلا أفق..
صحيفة الأمة الإلكترونية