من ثمرات الحراك المباركة، جامعة بورشات للأعمال التطبقية
ما حققه الحراك من حيث الوعي يفوق مئات المحاضرات الراقية والحوارات السياسية المفعمة والخطب البلاغية العصماء والمقالات الموثقة، بل أصبح الحراك أكثر من جامعة مفتوحة، يلتقي فيها الطلاب لينهلوا منها معرفة صافية، بل أضاف إليها ورشات عملية، يجسدون فيها ويترجمون على أرض الواقع ما يتعلمونه من نظريات، وفي هذا السياق، يمكن الاستشهاد، بوعي أهل الحراك العميق وتفطنهم العبقري الذي جعلهم في مستوى يفكك الكثير من الألغام ويبطل الكثير من المناورات ويسفه احلال ودسائس الكثير من بائعي السراب المسموم.
تعلم اهل الحراك، أنه لا يكفي لأحد رفع شعار معين، ليمكن الوثوق به واعتباره أنه حقا يجسد ذلك الشعار، ولم يعد بائعو الشعارات يستهوون ويبهرون الناس ببريق شعاراتهم و”قدسيتها” لأن الحراك أظهر كل شيء على حقيقته، ورفع الغطاء على كل المتاجرين بما يقدسه الشعب ويجلونه، فلا أدعياء البادسية النوفمبرية اصبحوا يغرون الناس واللعب على وتر الوطنية الإسلامية، لأن درس “الأفعال قبل الأقوال ” قد هضمه طلاب الحراك، وسجل “القوم” من صنع أيديهم على مر عشرات السنين قد سوّد البياض المغشوش للشعارات التي يدعونها، وكما أن الوطنية والثورية المفترى عليهما، استعملتا ظهرا للكذب والتزييف، لم تعد أي افتراءات أخرى تنطلي على الناس، وكما أن من رفعوا مثل هذه الشعارات لم يستطيعوا استغفال الناس، لن يستطيعوا أيضا المس أو تشويه لا رمزية نوفمبر ولا قيم ابن باديس التي تظل محفوظة ومصونة يعتز بها أهلها؛ وبالمقال فمثلما أن الأشقاء في منطقة القبائل ليسو زواف كما رامهم بها المرجفون، فهم أيضا لا يرضون بأن يختصرهم لا انفصاليو الماك ولا يمثلهم سعيد سعيدي ولا تنتطق باسمهم Berbère TV، بل إنهم جزء اصيل من الجزائر، لا يقلون، أو يزدون، وطنية ونضالا عن إخوانهم في المناطق لأخرى من الوطن الفسيح المعتز والغني بكل مكونات تسيجه الاجتماعي.
شكرا إذن، مجددا، للحراك الذي استطاع توضيح ببساطة صادقة، وسلاسة ناعمة وفعالية مبهرة، هذه الأمور، التي لم تستطع عقود من الزمن ان توضحها بمثل هذه الطريقة الساطعة.
رشيد زياني شريف