22 أكتوبر… اليوم الوطني لحرية الصحافة…!
أي حرية و أي صحافة ؟
ربما من كانت لهم كامل الحرية… حرية مقيدة أهون من قيود غلمان السلطان في قصره و قد أصبحوا ناطقين بلسانه… أصبحوا خدمه رُكعاً سُجَداً له سمعاً و طاعة، رُحماء بينهم أشداء على كفار الإستعباد و الطغيان الأحرار ، فأقبروا حريتهم و وطنهم، باعوا شرفهم بثمن بخص، فملئت بطونهم بأموال السحت و شهادة الزور!
تتكرر صرخاتهم… مولاي… أريد خبزاً… أسقنا ماءاً
هرولة لأكل الزقوم و شرب القيح فكانوا له السباقين…!
فكان كهنتهم أرفع منهم شأن و منزلة… يشربون المر في كؤوس الذهب لكن ما إن خرجوا عن طاعة السلطان و أهله، كانت أقبية القصر دارهم و مستقرهم إلى حين… جوعاً و سواطاً و خوازيق و إن ماتوا فمصيرهم بطون الذئاب و الضباع و قد كان خيارهم هذا و قد رأوا فيه أحسن من الدفن الكريم.
أما من خرج عن طوع الفراعين و الأرباب، فذاقوا أشد العذاب، سجناً و فقراً و جوعاً، لكنهم كانوا أحراراً بعقولهم ، و أغنياء بشرفهم و كرامتهم و شبعى بالصبر الجميل و بصلابة الرجال و قد فضلوا الموت على شهادة الزور و البهتان و منهم كاتب هذه الأحرف العبد الضعيف.
لا لست أنا فقط، فالمئات من فضلوا الخروج عن طوع هذا السلطان و كنا من الكافرين، كافرين بالعبودية و الظلم و الإستبداد.
فكان لنا سجناً و إرهاباً لكن القلم أبى أن يُكسر و الرأس يُطأطئ… فكانت صرخاتنا “حياة… كرامة… عدالة” لنا و للأمة و ليس ” خبزا… حريراً و خمراً”…!
تلك الصرخات زلزلت عرش السلطان… فأصبح لي إخوة في سجون الكرامة و الشرف و النخوة…
(خالد) خلد في التاريخ و أصبح مصدر كوابيس السُلطان، كتب إسمه بأحرف من ذهب، رجولة و نخوة و صبر أيوب مل من صبره.
أما (عبد الكريم) فعناده و إصراره و جرأته جننت السُلطان و خدمه فأدخلوه زنازين الشرف و لايزال مُتمرداً مُصمماً على طبعه.
أما (عبد الحي) هدوءه و صبره، حِكمته و علمه ألهب نار الغيرة و الحسد في قلوب الطغاة، فما بدل تبديلا.
أما (سعيد) فكان زارعاً للرعب و الهلع في نفس السلطان و حكمه، فكان أخطراً من ذاك الجن الذي يسترق السمع و يعلم ماتخفيه الأسوار و الجدران، فنطقه للحقيقة أمام الرعية أن السلطان هو أكبر الفاسدين فكان له سجناً كغير إخوته الذين ذاقوا الويل من حكم الفرعون شرشبيل.
و عديد من إخواني من سجنوا و ظلموا مثل خالد و عبد الكريم، عبد الحي و سعيد… فطوبى لكم أوسمة الشرف و التاريخ من أوسع أبوابه… و لن يهنئ لنا بال حتى نراهم أحراراً بيننا و بين أهاليهم.
طوبى لمن ثبث، له عِزة و كرامة و شرف… فالصراط كان أرفع من خيط الصيد، فقد تركنا للعبيد و الغلمان الحرية المقيدة حرية “خبزاً، ماءاً ، خمراً و حريراً ” و إخترنا الصحافة “حياة… كرامة و عدالة” غيهاب السجون و رؤوس شامخات شموخ الجبال، فلا أسف على ما ضاع من العمر إذا كان فِداءاً للوطن.
عبد المنجي خلادي
صحفي و مدون
قسنطينة 22 أكتوبر 2020