1992 إنتكاسة بلد بقرار من جنرالاته
قرار الدخول في حرب ضد المدنيين من أجل الحفاظ على السلطة ورفض مبدأ تسليم السلطة السياسية للشعب شكل إنتكاسة وطنية في كل المجالات، من ناحية النمو الإقتصادي بتدمير مايقدر ب60% من المقدرات الصناعية للبلاد والتي ورثناها من حقبة السبعينات وبدية الثمانينات، إنتكاسة ثقافية مع تراجع رهيب في الإنتاج الفني من حيث الكم والنوعية، إنتكاسة أخلاقية مجتمعاتية مع ظهور أنواع عديدة من الأفات الإجتماعية التي كانت غريبة على مجتمعنا ومحاربة التيار الإصلاحي داخل المساجد مع تمكين للشعوذة المحلية والمدخلية الوهابية في المنابر، إنتكاسة سياسية بتدهور المستوى السياسي داخل دواليب الدولة ومراكز صناعة القرار رافقه ظهور وإنتشار واسع للرشوة والمحسوبية لاسيما الرداءة التي ميزت الأحزاب السياسية المطبلة داخل المجالس المزورة على المستوى الوطني والمحلي، مع ما نجم عن قرار الإنقلاب ورفض الحل السياسي من تقتيل وتعذيب وإختطاف جماعي وفقدان الثقة بين الجزائريين نفسهم وبين الجزائريين ودولتهم
قرار سبب مقتل وهجرة مئات الآلاف من خيرة أبناء وبنات هذا الوطن، قرار تسبب في تراجع هبة وصمعة الجزائر على المستوى الإقليمي والدولي ، قرار أنهك الجيش والإقتصاد والمجتمع في الحرب بين أبناء الوطن الواحد مع مخلفات الحرب من إعاقات جسدية وذهنية سببت توجسات وأمراض إجتماعية لن يعالجها إلا الوقت الطويل
في نفس الوقت بينما ونحن نتناحر من أجل إنقاذ ماسمي في ذالك الوقت بالجمهورية، كانت دول الجوار المغاربي والإفريقي تتقدم وبخطى ثابتة، كان على النظام الجزائري الإنطواء تحت مظلة الحرب الدولية على الإرهاب للحصول على الأسلحة والحصانة الدولية جراء الجرائم المقترفة ضد المدنيين العزل
عندما تقبل محاربة أبناء الوطن بسلاح الوطن ستدفع حتما بقبول إملاءات سيادية غربية تجعل منك لعبة في يد المجتمع الدولي عوض أن تكون لاعب
اللعبة هي إختلاق جماعات مسلحة على الحدود الجنوبية والتي سوف تسارع لمحاربتها تحت راية محاربة الإرهاب حتى تستيقظ وانت محاصر أمنيا عسكريا وحتى دبلوماسيا ولايمكنك فعل شيء كأنك مقيد بالسلاسل الحديدية لاتستطيع الكلام ولا التحرك من أجل إنقاذ مايمكن إنقاذه
هذف اللعبة أنك تخسر وتتخلى عن مبادئك الدبلوماسية التاريخية تحت ضغط دبلوماسية الأمر الواقع للدول العظمى، هذف اللعبة كذالك أنك تعزل عربيا وإفريقيا ولا تستطيع إنجاز أنبوب الغاز ببن نيجيريا والجزائر الذي لم تنجزه في وقته لإنشغالك بمحاربة “الإرهاب” ثم إستحالة إنجازه مرورا بالأراضي المتفق عليها عبر بلدان الساحل لوجود ذالك “الإرهاب” اللعين في شمال مالي، ليحول المشروع الإستراتيجي للناحية الغربية عبر المحيط أو أراضي غرب إفريقيا الخالية من الإرهاب !
الشعب الجزائري بإختلاف توجهاته السياسية والثقافية ليس عدو للوطن وبعيد كل البعد عن العنف والإرهاب، إذا لم تفهم قيادات الجيش والمخابرات أن لا سياسة داخلية وخارجية بدون مشاركة الشعب وأن المصالح الإستراتيجية للوطن تحدد من طرف من ينتخبهم الشعب بحرية مع مشاركة الجامعات ومراكز البحث المدنية والعسكرية في تناغم وطني سلمي وديمقراطي، لن تقوم لنا قائمة وسنبقى في نفق الإنتكاسات إلى الأبد
يحيى مخيوبة