قال إن سنوات الجزائر المقبلة ستستمر كبيسة في ظل هيمنة العسكر
لندن ـ خدمة قدس برس
حذر الديبلوماسي السابق والعضو المؤسس لحركة رشاد الجزائرية المعارضة محمد العربي زيتوت من أن الترقيات العسكرية التي عرفتها الجزائر في ذكرى عيد الاستقلال، فتحت الباب واسعا أمام جناح المخابرات لترتيب مرحلة ما بعد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
وتوقع زيتوت في تصريحات خاصة لـ “قدس برس” استمرار “السنوات الكبيسة” في الجزائر، وأرجع ذلك إلى تولي أسماء شاركت فيما أسماه بـ”الحرب القذرة” طيلة تسعينات القرن الماضي لمناصب قيادية مؤثرة في عدد من الأجهزة الاستخباراتية العسكرية، وقال: “لقد كان واضحا من خلال متابعة قائمة التعيينات والترقيات العسكرية الأخيرة، أننا نتجه إلى مزيد من سيطرة العسكر على البلاد على نحو يفتح لهم الباب واسعا لتهيئة مرحلة ما بعد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة دون إشكالات تذكر، ذلك أن هذه التعيينات تضمن لجهاز المخابرات (العسكري) أن يمرر سيناريوهاتها دون وجود اعتراضات تذكر”.
وأشار زيتوت إلى أن العسكر زاد من بسط نفوذه عمليا على مختلف أجهزة الدولة، ولم يابق للجناح الرئاسي هامش كبير للمناورة، وقال: “أولى علامات هيمنة العسكر هو استقدام عسكري هو من الدرك الوطني، وهو جهاز عسكري، ووضعه على رأس الشرطة، ويتعلق الأمر بالجنرال ماجور عبد الغني هامل، الذي صعد في سلم الترقيات بشكل سريع وغير مفهوم، حيث كان عام 2006 مقدما داخل الدرك الوطني، ثم تمت ترقيته عام 2008 إلى جنرال ثم تم تعيينه لواء (جنرال ماجور) عام 2010، وفي نفس اليوم الذي أحيل فيه على التقاعد من الجيش تم تعيينه على رأس جهاز الشرطة، وهو الجهاز الذي يضم قوات جوية بالإضافة إلى ما يزيد عن 200 ألف عنصر أمن”.
يذكر أنه من الناحية الإدارية البحتة كان يجب على عبد الغني هامل لكي يتم تعيينه جترال ماجور أن يقضي 15 عاما في الخدمة بعد رتبة مقدم.
واعتبر زيتوت أن تعيين هامل على رأس الأمن الوطني يمثل أحد دلائل هيمنة الجناح العسكري على الأمور في الجزائر، وقال: “من الواضح في الترقيات التي جرت مؤخرا في جهازي الأمن والجيش، أن المخابرات العسكرية ألقت القبض على مختلف المناصب الحساسة في البلاد، وللأسف الشديد فإنه من خلال بعض الأسماء المهمة في هذه التعيينات يتبين أن الأمور تتجه إلى الأسوأ، فالجنرال هامل الذي تم تعيينه على جهاز الشرطة الذي كان برتبة رائد عام 2003 بوهران، وترأس أمن الحدود مع المغرب بين عامي 2004 و2008، وهي مرحلة عرفت فيها تجارة المخدرات ازدهارا كبيرا، وتحولت الجزائر في هذه المرحلة من نقطة عبور إلى مكان استهلاك وإن بقيت منطقة عبور، ولذلك فإن الأصل في الأمر مساءلة الرجل والتحقيق معه ومحاكمته بدل ترقيته”.
وأضاف: “هناك اسم آخر تمت ترقيته في الفترة الأخيرة ويتعلق الأمر بالجنرال قدور بن جميل، الذي كان المسؤول العسكري عن منطقتي البويرة والأخضرية في الحرب القذرة، وهناك شهادات كبيرة حول دوره فيما يسمى بالحواجز الوهمية التي تمت في عهده، والاغتيالات التي جرت في عهده أيضا في هذه المنطقة”.
وحول مدير مخابرات الجيش الحالي قال زيتوت: “أما جبار مهنا وهو مدير ما يسمى بمخابرات الجيش حاليا، والذي رقي إلى رتبة جنرال ماجور أيضا، فهو واحد من الأسماء الأتعس شهرة في الحرب القذرة، حيث يعتبر مهندس المجازر التي شهدتها منطقة وسط البلاد، خصوصا ولايات المدية والبليدة والشلف وعين دفلة، والتي قتل فيها آلاف المدنيين في مجازر مروعةنسبت أنذاك لجماعات قيل إنها إسلامية، كما أن هناك شهادات كثيرة حوله في هذا المجال أشهرها اتهامه بالتورط في اغتيال المغني معطوب الوناس وتخطيطه لقضية اختطاف وقتل الرهبان عام 1996″، كما قال.
وأعرب زيتوت عن أسفه لأن هذه التعيينات تمثل خطوة أخرى في مزيد هيمنة الجهاز العسكري على إدارة الشأن السياسي في البلاد، وقال: “نحن للأسف الشديد أمام ترقيات لأشخاص على رأس أجهزة أمنية حساسة داخل الجيش والشرطة، وهؤلاء كانوا مهندسي الحرب القذرة بكل أبعادها، ولذلك فنحن نتجه إلى مزيد من السنوات الكبيسة وأوضاع أسوأ مما هي عليه الآن، وليست هناك مؤسسات وإنما أجهزة يسيطر عليها أشخاص عسكريون، وهو مسار سيكرس القبضة العسكرية، على نحو يفسح المجال واسعا أمام الاستخبارات لترتيب مرحلة ما بعد الرئيس بوتفليقة دون اعتراضات تذكر،وهي مرحلة بدأت عمليا”، على حد تعبيره.