متلازمة الإستبداد ..!!

محـمد عمـر حسـين

على الرغم من تفهمنا لبواعث ودوافع الدعوة إلى الفيدرالية ؛ إلا أننا نفرق بوضوح بين رفضنا للمبادرة الفيدرالية بعيداً عن صناديق التصويت والإقتراع ، وبين استحقاقات تأسيس دولة العدالة والشراكة والمساواة ، والتي تلزمنا بتفكيك منظومة المركزية الكريهة التي تجثم على أنفاسنا ، وتضيق ذرعاً بأصوات وحقوق ومطالب الجهات والنواحي والأطراف المهمشة .

لقد استخدمت الحكومة والمجلس الإنتقالي لغة التخوين ، ولوحت بلغة العاجز الخائف بالممنوعات ، وحشدت الناس والمنابر لرفض دعوة الفيدرالية ، ولكنها لا تزال تتغافل عن معالجة واقع وآثار وتطبيقات المركزية التي أزكمت الأنوف ، وعطلت المصالح ، وطالت تفاصيل المشهد البائس .

فإن كانت هذه الحشود تصدر عن وعي وتفهم واستيعاب لحجم المشكلة وتداعيات حلولها ، فهل سنرى في القريب العاجل ، دعوات صريحة واضحة من نخب المركز ، ومسيرات شعبية حاشدة من أهل طرابلس ؛ تؤكد وقوفهم وتصدح برغبتهم في تفكيك المركزية ، وتفعيل المساواة والتأسيس للشراكة في الوطن ، وتوزيع المصالح القومية على النواحي بالقدر الذي يرفع الحرج ، ويدفع تجاه سحب البساط دون الإسقاط أو المصادرة ، من تحت أقدام دعاوى قد تكون مآلاتها الإضرار بوحدة وطننا ولحمة شعبنا ..؟؟

وهل ستعلن دار الإفتاء إنحيازها للغة العقل والإنصاف والتفهم والحياد ، وترفع لواء المبادرة الإيجابية لتدفع الرأي العام تجاه مربع التفاهمات والتوافق ، والتصحيح والترفق ..؟؟

وهل سيعلن فريق المجلس الإنتقالي في بيان مشترك تعليق عضويته تجفيفاً لروافد المركزية والإستبداد والتفرد والإنحياز الموروث ، وأن يسدوا ذرائع الفيدرالية بمنع وتفكيك وتجفيف روافد المركزية ..؟؟

وهل سيقوم السيد ” الكيب ” مع وزرائه بإجراء عملي تضامني حازم ، ينحاز فيه لخيار نقل الصلاحيات الوزارية ، بما يتناسب مع حاجات المناطق والجهات ، ويدفع نحو تفعيل دور النواب والوكلاء والفروع ..؟؟

إن أي سكوت أو توقف عند هذا الحد من الإنكار والإنحياز ضد الفيدرالية دون التعرض لآفة المركزية الضاربة في أطنابنا ، من قبل الجهات الفاعلة في دار الإفتاء ، وشرائح المثقفين والنخب ووسائل الإعلام ؛ سيصب في خانة المصالح الشخصية للمتنفذين في الإدارة السياسية ، وسيمكن المجلس الإنتقالي من العبث بما تبقى من نبض الشارع للحفاظ على مكاسبه الآنية الضيقة .

إن صمام الأمان في معالجة هذه المطالب العادلة ، لن يكون إلا بتفكيك منظومة الاستبداد والمركزية والتفرد والإستحواذ ، التي يعج بها المركز وتفتقر إليها الأطراف .. إن القشة التي قصمت ظهر البعير ، قد تمثلت في قانون الإنتخابات الذي تجاهل الأخذ بالبعد الجغرافي لإعمال التوازن النسبي بين مكونات ونسيج المجتمع الليبي ، الأمر الذي أوجد هذا الإنحياز الجلي لواقع العدد المترتب في أصله عن مركزية الفوضى في نظام الطاغية الهالك .. إن تركة الطاغية الثقيلة ، من مظالم ومفاسد وركام ، ينبغي ألا يبنى عليها مسار التأسيس لدولة ثورة فبراير المباركة ..

إن ليبيا اليوم أمانة بين أيدينا أكثر من أي وقت مضى .. فلنتوافق على النظام لتسلم لنا التطبيقات والمخارج ..

http://atasseess.maktoobblog.com/1568423/%D9%85%D8%AA%D9%84%D8%A7%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%AA%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%AF/