الشيخ /عبد الله ابن فيصل الأهدل
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه .
أما بعد , فنتحدث عن حكم الخروج على الحكام في الشريعة الإسلامية ؛ لأن هناك من أطلق القول بأن الخروج على الحكام دل الكتاب والسنة على تحريمه , وحكى الإجماع عليه , وهذا الكلام على إطلاقه غير صحيح ؛ فلم يدل الكتاب والسنة على ذلك , وليس في المسألة إجماع , بل هناك خلاف مشهور بين السلف والخلف في هذه المسألة .
أولًا : تحرير موضع الخلاف ؛ لأن هناك نوعًا من التلبيس في طرح هذه القضية .
الإنكار باللسان لا يسمى خروجاً :
فنقول ابتداءً : نحن لا نعني الإنكار باللسان ؛ لأن هذا لا يسمى أصلًا خروجًا , بل هو من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , والإنكار على الحكام باللسان دأب السلف , , والأدلة على ذلك كثيرة جدًا , فعلى سبيل المثال لا الحصر :
1) ما رواه البخاري ومسلم في « صحيحيهما » عن أبي سعيد الخدري قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى فأول شيء يبدأ به الصلاة ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم فإن كان يريد أن يقطع بعثًا قطعه أو يأمر بشيء أمر به ثم ينصرف قال أبو سعيد : فلم يزال الناس على ذلك حتى خرجت مع مروان وهو أمير المدينة في أضحى أو الفطر فلما أتينا المصلى إذا منبر بناه كثير بن الصلت فإذا مروان يريد أن يرقيه فبل أن يصلي فجبذت بثوبه فجبذني فارتفع فخطب قبل الصلاة فقلت له : غيرتم والله ! فقال : أبا سعيد قد ذهب ما تعلم , فقلت : ما أعلم والله خير مما لا أعلم , فقال : إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة فجعلتها قبل الصلاة ([1]) .
وفي « صحيح مسلم » : عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ : أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ الصَّلاَةِ مَرْوَانُ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ : الصَّلاَةُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ . فَقَالَ : قَدْ تُرِكَ مَا هُنَالِكَ . فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ : أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ ) ([2]) .
2) في « الصحيحين » عن عبد الرحمن بن يزيد قال : صلى بنا عثمان بن عفان رضي الله عنه بمنى أربع ركعات , فقيل لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه فاسترجع ثم قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين وصليت مع أبي بكر رضي الله عنه بمنى ركعتين وصليت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمنى ركعتين فليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان ([3]) , يعني لو أصلي ركعتين على السنة ويتقبلها الله أفضل من أن أكثر منها على غير سنة , لكنه صلى خلف عثمان ؛ لأن هذه المسألة تتأرجح بين الأفضل والفاضل , فلما صلى ابن مسعود خلف عثمان أتم أربعًا متابعة لعثمان فَقِيلَ لَهُ : عِبْتَ عَلَى عُثْمَانَ ثُمَّ صَلَّيْتَ أَرْبَعًا قَالَ الْخِلاَفُ شَرٌّ ([4]) .
3) ما أخرجه ابن أبى داود في « المصاحف » أن عثمان لما أمر بجمع المصاحف وإحراقها إلا المصحف الإمام الذي أراد عثمان رضي الله تعالى أن يجمع الناس عليه صعد ابن مسعود منبر الكوفة – وكان مخالفًا لرأي عثمان في هذا الموضوع – وقال : أيها الناس غلوا مصاحفكم فإني غالٌ مصحفي فإن الله يقول ) وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ( [ آل عمران : 161 ] ([5]) يعني لا تسلموا مصاحفكم .
4) كتب معاوية إلى عثمان إن عبادة بن الصامت قد أفسد علي الشام وأهله ، فإما أن تكفه إليك ، وإما أن أخلي بينه وبين الشام , فكتب إليه : أن رحل عبادة حتى ترجعه إلى داره بالمدينة , قال : فدخل على عثمان ، فلم يفجأه إلا به وهو معه في الدار ، فالتفت إليه ، فقال : يا عبادة ما لنا ولك ؟ فقام عبادة بين ظهراني الناس ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( سيلي أموركم بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون ، وينكرون عليكم ما تعرفون ، فلا طاعة لمن عصى ، ولا تضلوا بربكم )
وفي رواية أن عبادة بن الصامت مرت عليه قطارة ( القطارة والقطار : أن تشد الإبل على نسق واحد خلف واحد ) وهو بالشام ، تحمل الخمر ، فقال : ما هذه ؟ أزيت ؟ قيل : لا ، بل خمر يباع لفلان , فأخذ شفرة من السوق ، فقال إليها ، فلم يذر فيها راوية إلا بقرها – وأبو هريرة إذ ذاك بالشام – فأرسل فلان إلى أبي هريرة ، فقال : ألا تمسك عنا أخاك عبادة ، أما بالغدوات ، فيغدو إلى السوق يفسد على أهل الذمة متاجرهم ، وأما بالعشي ، فيقعد في المسجد ليس له عمل إلا شتم أعراضنا وعيبنا ! قال : فأتاه أبو هريرة ، فقال : يا عبادة ، مالك ولمعاوية ؟ ذره وما حمل . فقال : لم تكن معنا إذ بايعنا على السمع والطاعة ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وألا يأخذنا في الله لومة لائم . فسكت أبو هريرة ) ([6]) .
5) عن خالد بن سمير قال : خطب الحجاج ، فقال : إن ابن الزبير حرف كتاب الله , فقال ابن عمر : كذبت كذبت ، ما يستطيع ذلك ولا أنت معه , قال : اسكت ، فقد خرفت ، وذهب عقلك ، يوشك شيخ أن يضرب عنقه ، فيخر قد انتفخت خصيتاه ، يطوف به صبيان البقيع ([7]) فهذا إنكار علني على الحاكم .
فثبت بهذا أن السلف كانوا ينكرون المنكر على الحاكم ولا يخشون في الله لومة لائم , وقد جمعت هذا في رسالة لطيفه بلغت أكثر من خمسين أثرًا صحيحًا عن السلف في الإنكار على السلاطين جهرًا فهذا الموضوع لا يدخل في قضية الخروج التي نتحدث عنها , وهذا التوضيح لا بد منه ؛ لأن هناك من يقول إن الخروج على الحكام لا يجوز مطلقًا سواء كان باليد أو باللسان أو بالقلم .. إلخ . وهذا الكلام غير صحيح وهو مخالف لنصوص الكتاب والسنة مثل قوله تعالى : ) كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ( [ آل عمران : 110] ومخالف لهدي السلف أيضًا , فالإنكار على الحكام باللسان بل واليد كما فعل أبو سعيد الخدري حين جذب مروان بن الحكم وحاول منعه من صعود المنبر قبل الصلاة , هذا الإنكار مشروع إذا لم تتولد عنه مفسدة أعظم .
فهذه المسألة ( الإنكار باللسان أو اليد على الحاكم ) ليست هي مسألتنا , ولكنها تدخل في المسألة التي نتحدث عنها , وإنما نبهنا عليها ؛ لأن المخالف فيها مبتدع مخالف للكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة .
لكن ما حكم الخروج بالسيف ؟
هذه هي مسألتنا : الخروج بالسيف وقوة السلاح على الحاكم , هل فيها إجماع ؟
زعم بعض الناس – كالبيان الصادر عن جمعية علماء اليمن – أن هناك إجماعًا في هذه المسألة ! .
وهذا الكلام غير صحيح , بل الخلاف مشهور في هذه المسألة بين السلف والخلف , وإنما فيها راجح ومرجوح .
وهاك ذكر الخلاف في المسألة :
1) الذين خرجوا على علي بن أبي طالب متأولين مجتهدين مثل طلحة والزبير وعائشة مطالبين بدم عثمان ( رضي الله عن الجميع ) هذا نوع خروج فعله الصحابة ظانين أن ذلك من أجل إقامة القرآن ؛ لأنهم قالوا إن ترك القصاص من قتلة عثمان هو ترك للقرآن , وعلي بن أبى طالب كان يرى ضرورة الاقتصاص من قتلة عثمان , ولكن الوقت غير مناسب , فكان يرى تأجيل ذلك , وفعلًا كان رأي علي هو الصواب ؛ لأنه لما قامت عائشة وطلحة والزبير يطالبون بقتلة عثمان قام معهم أربعة آلاف مقاتل مستعدون للقتال دونهم .
2) وخرج عمرو بن العاص ومعاوية وأصحاب الشام ومن معهم من الصحابة على علي بن أبي طالب في معركة صفين وقتل فيها عمار وفي « الصحيحين » أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمار بن ياسر : ( تقتلك الفئة الباغية ) ([8]) وكان في صف علي رضي الله عنه , فإذًا فئة معاوية ( رضي الله عنهم ) هي الفئة الباغية المعنية بقوله لعمار : (تقتلك الفئة الباغية ) وفي رواية ( بؤس ابن سمية تقتلك فئة باغية ) ([9]) .
فهذا خروج للسلف على حكومة علي بن أبي طالب وليس على حكومة حسني مبارك أو ابن علي أو غيرها , بل على حكومة علي بن أبي طالب فكيف يقال في المسألة إجماع ؟!
3) وخرج عبد الله بن الزبير على عبد الملك بن مروان وكان عبد الله بن الزبير من صغار الصحابة وعلمائهم .
4) وخرج الحسين بن علي من صغار الصحابة على الدولة اليزيدية واستشهد وهو سيد شباب أهل الجنة كما قال صلى الله عليه وسلم ( الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ) ([10]) .
هذا في الصحابة .
وفي التابعين من بعدهم :
5) خرج سعيد بن جبير وعامر الشعبي – وهما من فقهاء وعلماء التابعين – وأكثر فقهاء الكوفة – باستثناء الحسن البصري وطائفة – خرجوا على الحجاج وكان عدد العلماء الخارجين عليه كبيرًا . وبغض النظر عن خروجهم هل كان صحيحًا أو غير صحيح , لكن كيف يقال ثمة إجماع في المسألة وهؤلاء مخالفون إما بأقوالهم أو بأفعالهم ؟ .
6) وخرج ( النفس الزكية ) محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب على أبي جعفر المنصور ([11]) .
7) وخرج أحمد بن نصر الخزاعي على الواثق ([12]) . وغير هؤلاء كثير . فإذًا ليس في المسألة إجماع , ومن ادعى الإجماع في هذه المسألة , فهو مخطئ .
هناك عبارات لبعض العلماء قد يفهم منها الإجماع وليست كذلك , مثل قول شيخ الإسلام ابن تيمية حينما قال : ( المشهور من مذهب أهل السنة أنهم لا يرون الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف وإن كان فيهم ظلم ) ([13]) .
هذه العبارة لا تعني الإجماع ؛ لأن القاعدة أنه إذا حدث خلاف بين الصحابة , وانقرض عهد الصحابة , ولم يحدث إجماع في المسألة , لا يصح إجماع من بعدهم .
فإذا حدث خلاف في الصحابة لا يمكن أن يحدث إجماع بعدهم , لكن يحدث إجماع في الصحابة وخلاف فيمن بعدهم , هذا موجود وكثير .
فالحاصل أنه ليس في المسألة إجماع , فأبو حنيفة مثلًا أول المخالفين في الخروج على أئمة الجور ؛ يرى جواز الخروج على أئمة الجور , بل وجوبه إذا كان هناك قدرة واستطاعة ؛ لأن هذا عنده من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , فحكاية الإجماع غير صحيحة , إنما استقر رأي أهل السنة على عدم الخروج على أئمة الجور , هذا كلام صحيح ؛ لما رأوا من مفاسد الخروج وأن مفاسده أكثر من مصالحه , لكن هذا على الأئمة الشرعيين , وليس على الأئمة غير الشرعيين – ولا تنسوا أن كلامنا إنما هو في الخروج بالسيف وليس الإنكار اللساني – .
فإذًا ليس هناك إجماع في المسألة , والخلاف مشهور بين السلف ومن بعدهم , نعم رأى أكثر أهل السنة بعد ذلك – حينما رأوا مفاسد الخروج وأنها أكثر من مصالحها – ترك الخروج والصبر على أئمة الجور , لكن الصبر على أئمة الجور لا يعني الصبر على أئمة الكفر , هناك فرق بين أئمة الجور الذين هم يحكمون بما أنزل الله ويجاهدون ويقيمون الحدود وعندهم انحرافات جزئية في وقائع عينية أو عندهم مثلًا أخطاء جزئية في سياسة الحكم أو سياسة المال وليست في قواعد الدين , فهؤلاء الصبر عليهم أولى من منابذتهم بالسيف , وهذا الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم حين قالوا : يا رسول الله ألا ننابذهم بالسيف ؟ قال : ( لا ما أقاموا فيكم الصلاة ) ([14]) وفي « الصحيحين » من حديث عبادة بن الصامت قال : ( وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم فيه من الله برهان ) ([15]) وهذا الحديث نفسه يدل على وجود تفصيل في الخروج على الأئمة , بخلاف الفتوى التي صدرت من بعض المنتسبين إلى العلم والدعوة , فهذا الحديث يدل على وجود تفصيل وهو قوله : ( إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم فيه من الله برهان ) ([16]) . فالأصل إذا كان هناك أئمة وحكام يحكمون بشرع الله ومقرون لقواعد الدين وحدوده والجهاد قائم وغير مبدلين للشرع , فهؤلاء يطاعون حتى لو وجد فيهم معصية أو فيهم انحرافات جزئية , فالأولى بمثل هؤلاء أن يطاعوا ويصبر على جورهم , لكن هذا لا ينطبق على حكام هذا الزمان , ينطبق على بعض حكام بني أمية لكن لا ينطبق على كل الحكام وكل الأئمة , فمن غيَّر قواعد الدين وبدَّل الشريعة , فهذا الإمام يصبح هو نفسه خارجًا عن الشريعة , ويحتاج إلى جهاد ؛ لأنه خارج عن الشريعة .
إذا كان أبو بكر الصديق ومن معه أجمعوا على قتال مانعي الزكاة مع كونهم ناطقين بالشهادتين مصلين يدّعون الإسلام , ومع ذلك أجمعوا على قتالهم . لماذا ؟ لأن هؤلاء ليسوا خارجين على أبي بكر الصديق , بل هؤلاء خارجون عن الشريعة , خارجون عن الدين , ولهذا سموهم مرتدين مع كونهم ناطقين بالشهادتين مصلين , وهم بدّلوا شريعة واحدة ألا وهي شريعة الزكاة , فكيف بحكامنا اليوم الذين بدّلوا معظم الشرائع ؟ فهؤلاء بمثابة مانعي الزكاة أو الخوارج الذين جاء الشرع بالأمر بقتالهم , وقاتلهم علي , وفرح بقتالهم , وحكمهم مختلف تمامًا عن البغاة أو خروج أهل الحق , وهناك من يخلط بين من خرج على إمام بعينه وبين من خرج على الشريعة , من خرج على إمام بعينه هذا قد يكون خروجه من خروج أهل الحق , وقد يكون من خروج أهل البغي , وقد يكون خروجًا عن الشريعة متلازمًا مع الخروج على الإمام , لكن إذا خرج عن الشريعة , فهذا هو الأخطر .
الخارجون على الإمام :
ولتوضيح هذه المسألة نقول إن الخارجين على الإمام بقوة وسلاح وشوكة لا يخرجون عن أربعة أنواع :
النوع الأول :
طائفة خرجت على الإمام بشوكة وليس لهم تأويل , خرجوا يقطعون الطريق , ويأخذون المال , ويقتلون الأنفس , وقد ينتهكون الأعراض , فهؤلاء ( قطاع طرق ) , وهؤلاء خارجون على الإمام , ويجب على الإمام أن يقاتلهم , وحكمهم في القرآن : يقام عليهم حد الحرابة وذلك في قوله عز وجل : ) إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ( [ المائدة : 33 ] . نزلت في العرنيين كما في الصحيحين ([17]) وذلك أن جماعة من عرينة جاءوا إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) مظهرين الإسلام لكنهم استوخموا المدينة , فأمرهم النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أن يخرجوا إلى بادية المدينة , ويلحقوا بلقاح له ( نياق ) , ويشربوا من ألبانها وأبوالها , ففعلوا ذلك حتى صحت أجسادهم , ثم إنهم قتلوا الراعي واستاقوا الذود ( النياق ) فأرسل النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في طلبهم , وجيء بهم , فقطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف , وتركوا في الحرة – حرة المدينة – يستسقون فلا يسقون حتى ماتوا , وفيهم نزل الله تعالى : ) إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ( [ المائدة : 33 ] هؤلاء الطائفة لهم شوكة خرجوا على الإمام لكن بلا تأويل , وفي الحقيقة هؤلاء خرجوا على الشريعة الإسلامية على الأرجح , ليس فقط على الإمام ؛ لأن الإمام هو رمز تطبيق الشريعة ! لماذا جعلت له الطاعة ؛ لأنها من طاعة الله , حتى الرسول يطاع بإذن الله ) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ( [ النساء : 64 ] ؛ لأن الطاعة المطلقة عبادة والعبادة لا تصرف إلا لله , الطاعة المطلقة لله , وطاعة غير الله مقيدة لكن طاعة الرسول ؛ لأنه معصوم ما يتصور منه أن يأمر بغير الشرع فهي طاعة مستقلة لكنها أيضًا تابعة لطاعة الله من جهة أن الله أمر بطاعة الرسول ) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ( [ النساء : 64 ] , والرسول مبلغ عن شريعة الله ومعصوم , ولذلك تجب طاعته , فالطاعة المطلقة عبادة , والعبادة لا تصرف إلا لله , ولو صرفت الطاعة لغير الله , فمعنى هذا أنك صرفت العبادة لغير الله , ولهذا لما صرف اليهود والنصارى هذه الطاعة لأحبارهم ورهبانهم , قال الله عز وجل ) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ( [ التوبة : 31 ] . وإنما هم أطاعوا الأحبار والرهبان في تبديل شرع الله كما جاء في حديث عدي الصحيح ([18]) , فهؤلاء طائفة خرجوا على الإمام بشوكة ليس لهم تأويل , وفي الحقيقة هؤلاء خارجون عن الشريعة .
النوع الثاني :
طائفة خرجوا على الإمام بشوكة بتأويل غير سائغ , فهؤلاء يعتبرون خارجين عن الشريعة , مثل مانعي الزكاة ومثل الخوارج , صحيح أن مانعي الزكاة خرجوا على الصديق , ولكن في الحقيقة هم خارجون عن الشريعة ؛ لأن السبب في خروجهم على الصديق امتناعهم عن الالتزام بشريعة الزكاة , والإمام حارس على الشريعة , فإذا خرجوا عن الالتزام بشريعة الزكاة , يجب على الإمام أن يقاتلهم , والخوارج قاتلهم علي ؛ لأنهم خرجوا عن تحريم الدم الحرام .
في البداية ما كان علي يقاتل الخوارج , كانوا يصلون معه في المسجد , وإذا خرجوا معه في الجهاد يقسم لهم من الفيء , ولم يقاتلهم حتى استحلوا الدم الحرام ؛ جاءوا لعبد الله بن خباب بن الأرت , وقتلوه , وبقروا بطن زوجته , وأخرجوا جنينها ميِّـتًا , فقال لهم علي : سلموا قاتل عبد الله بن خباب , فقالوا : كلنا قتله ([19]) . هنا قاتلهم علي باعتبارهم طائفة ممتنعة , وليست خارجة على علي فحسب , يعني طائفة ممتنعة عن الالتزام بتحريم الدم الحرام , ولذلك كانت سيرة علي مع الخوارج غير سيرته مع الذين خرجوا عليه في صفين مثل معاوية وعمرو بن العاص , أو الذين خرجوا عليه في الجمل مثل عائشة وطلحة والزبير , كان يأمر مناديه أن ينادي ( أن لا يجهز على جريح ولا يتبع مدبر ) ([20]) ولم تقسم أموالهم ؛ لأنهم مسلمون , أما الخوارج فقتلهم شر قتلة , وفرح بقتلهم , بخلاف صفين والجمل , فإنه حزن أشد الحزن على أنه اضطر إلى قتال مسلمين , ولكن بالنسبة للخوارج فرح بذلك ؛ لأن النصوص أمرت بقتال الخوارج , وذكرت أنهم شر قتلى على وجه الأرض وقال ( صلى الله عليه وسلم ) : ( لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد ) ([21]) والنصوص في قتلهم كثيرة .
وجاء في « مسند الإمام أحمد » أنهم ( كلاب النار ) ([22]) , فبعض الناس يجعل البغاة الذين خرجوا على إمام بعينه , مثل الخوارج أو مانعي الزكاة , هذا وجد عند بعض الفقهاء من أصحاب أبي حنيفة والشافعي , ومن ذهب مذهبهم , لكن هذا خطأ , هناك فرق كبير بين البغاة وهؤلاء , هؤلاء خارجون عن الشريعة , وأما البغاة فليسوا خارجين عن الشريعة , وإنما خارجون على إمام بعينه .
النوع الثالث :
جماعة خرجوا على الإمام بشوكة بتأويل سائغ , مثل أصحاب الجمل وأصحاب صفين , والفرق بين هؤلاء ومانعي الزكاة والخوارج أن أولئك تأويلهم غير سائغ وهؤلاء البغاة مسلمون تأويلهم سائغ , والفرق بين التأويل السائغ وغير السائغ أن التأويل السائغ ينطلق فيه صاحبه من تعظيم النص الشرعي , والتأويل غير السائغ ينطلق فيه صاحبه من هواه ورأيه , مثل إبليس لما أمره الله بالسجود لآدم وقال له : ) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (74) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (75) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (76) ( [ ص ] وهذا التأويل غير سائغ مع الأمر الصريح ؛ لأن إبليس رمى بالنص عرض الحائط , واستخدم هواه ورأيه وعقله , وليس كل تأويل سائغ ومقبول , يعني هذا الذي جعل أولئك بغاة وهؤلاء ( مانعي الزكاة والخوارج ) خارجين عن الشريعة .
أما النوع الثالث ( البغاة ) وهم جماعة خرجوا على الإمام بتأويل سائغ , والتأويل السائغ ليس معناه أنه تأويل صحيح ! لا , لكن مقبول يعذر فيه المخالف , من جهة أنه منطلق فيه من فهم النص وتعظيمه وتطبيقه , فأخطأ وصار في قتال مع مخالفيه .
نعم , مسألة الخوارج فيها خلاف بين العلماء معتد به , ولكن الصحيح هو الرواية التي ذهب إليها الإمام أحمد أن الذين قاتلوا عليًا كفار ([23]) , وهذا رأي بعض الصحابة أيضًا , مثل أبي أمامة الباهلي , فإنه – كما روى ذلك ابن ماجه بإسناد صحيح – لما رأى قتلى الخوارج حزن لذلك , وقال : ( هؤلاء كانوا مسلمين فصاروا كفارًا ) ([24]) . وهذا القول هو الراجح , وهو الذي يتفق مع الأحاديث الصحيحة مثل قوله ( صلى الله عليه وسلم ) : ( يمرقون من الدين ) ([25]) وفي رواية ( يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ) ([26]) .
فالصواب أن الخوارج كمانعي الزكاة , وسبب ردتهم عدم التزامهم بتحريم الدم الحرام , حينما قال لهم علي : سلموا قاتل عبد الله , فقالوا : كلنا قتله , فهنا قتلهم واعتبرهم طائفة ممتنعة , وفرح بقتلهم , وأجهز على جريحهم , واستأصلهم , بخلاف البغاة الذين خرجوا عليه في صفين , أو في الجمل , فهؤلاء خرجوا بتأويل سائغ فهم مسلمون , وإن أخطأوا لا يعاملون معاملة أولئك , لا يجهز على جريحهم ولا يتبع مدبرهم ولا تسبى نساؤهم , ولا تقسم أموالهم .
النوع الرابع :
خروج أهل الحق لو خرجوا بالسيف عند توفر الشروط , هؤلاء هم الذين أشار إليهم النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في حديث عبادة بن الصامت قال : ( دعانا النبي ( صلى الله عليه وسلم ) , فبايعناه , فقال فيما أخذ علينا : أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا , وعسرنا ويسرنا , وأثرة علينا , وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان ) ([27])
فهنا جعل شرطين لجواز الخروج هي :
1- وجود الكفر البواح الصراح , حتى لو لم يكفر الحاكم , لكن هناك كفر معلن مثل تجويز المذاهب الإلحادية وحرية الأديان أو حرية الآراء ولو كانت مخالفة للشرع والدين , تقنين ذلك وتجويزه , وتجويز واستحلال الربا مثلًا , فهذه الأمور هي من الكفر البواح , عندنا فيها من الله برهان , هذه توجب القتال في حال القدرة على ذلك وتوفر الشروط منها : القدرة والإعذار وإقامة الحجة .
وهذا النوع من الخروج – الذي أشار إليه النبي ( صلى الله عليه وسلم ) – هو خروج أهل الحق , وهو خروج شرعي , بل يجب كما نص عليه ابن حجر وغيره في حال وجود الكفر البواح , وهو الذي عناه النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بقوله : ( إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم فيه من الله برهان ) ([28]) .
هذا التفصيل هو الذي دلت عليه دلائل الكتاب والسنة وآراء أهل العلم , فليس في المسألة إجماع .
واحتج من يرى جواز الخروج على الأئمة بالسيف في حال القدرة على ذلك وفي حال تغيير الشريعة بحديث في « صحيح مسلم » : ( مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِى أُمَّةٍ قَبْلِي إِلاَّ كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ مَا لاَ يُؤْمَرُونَ – يعني يخالفون الشرع – فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ ) ([29]) .
هل المقصود فمن جاهدهم بيده السيف ؟ هذا رأي كثير من العلماء , وبعض العلماء قال : المقصود بالجهاد باليد هنا ما دون السيف , السيف لا يجوز إلا في حال الكفر البواح فقط .
من يرى – كأبي حنيفة مثلًا – جواز السيف حتى لو لم يكن كفرًا بواحًا لإنهاء المنكرات في حال القدرة , يحتج بمثل هذا الحديث ( فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهد بقلبه فهو مؤمن ) ([30]) . إذن لا يأتي أحد يلبّس علينا ويقول : لا يجوز الخروج على الحكام لا باليد ولا باللسان ولا بأي صورة من الصور , وهذه مسألة إجماع ! هذا من التلبيس , ومن خلط الأمور , وهذا النوع من المشايخ يدخلون في أهواء الملوك كما قال ابن تيمية لما تكلم عن مسألة الخلط بين البغاة والخوارج ومانعي الزكاة الخارجين ([31]) , فالخوارج ومانعو الزكاة خارجون عن الشريعة وليسوا بغاة خارجين على إمام بعينه , وبعض الفقهاء يخلط بين البغاة وبين هؤلاء فيجعلهم جنسًا واحدًا , هذا النوع من الفقهاء يدخل في أهواء الملوك ؛ لأنهم يجعلون الخارج عليهم بمثابة الخوارج الذين دلت النصوص على وجوب قتالهم , وبمثابة مانعي الزكاة الذين انعقد إجماع السلف والخلف على قتالهم , وأجمع السلف على تكفيرهم وأن قتالهم قتال ردة , ويفرح الملوك والحكام بمثل هؤلاء الفقهاء , باعتبار أنهم يجعلون الخارجين على الملوك بمثابة الخوارج الذين يجب قتالهم , وهذا غير صحيح ؛ لأن البغاة هم الخارجون على إمام بعينه حتى لو كان علي بن أبى طالب ! هؤلاء حكمهم أنهم لا يجوز أن يبدؤوا بقتال ؛ لأن الله ( عز وجل ) يقول : ) وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ( [ الحجرات : 9 ] .
أولًا : الصلح , ولو أن تتنازل الفئة العادلة عن بعض حقها للفئة الباغية .
ثانيًا : القتال , وهنا ذكر العدل ؛ لأن الأول صلح ولو لم يكن هناك عدل , ولو تنازلت الفئة العادلة عن بعض الحق لمصلحة حقن الدماء وائتلاف الكلمة , لكن بعد القتال لا بد من إقامة العدل والميزان ) فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ( [ الحجرات ] .
فهؤلاء ( البغاة ) لا يجوز بدؤهم بقتال , بل لا بد من استفراغ كل الجهد في الصلح ولو بتنازل الفئة العادلة عن بعض حقوقها , فإذا بغت ورفضت الصلح واضطررنا إلى قتالها لا يتبع مدبرهم – الذي هرب منهم يترك يهرب – إنسان مجروح يجب أن يسعف , ولا يجوز الإجهاز عليه , لا تسبى نساؤهم , ولا تؤخذ أموالهم ؛ لأن هؤلاء مسلمون , فحكمهم مختلف , فينبغي أن ننظر إلى جميع النصوص الشرعية , ونستنطقها في معرفة حكم الله في المسألة , ولا نجتزئ النصوص , ونأخذ بعض النصوص المتشابهة , وننزلها في مناط حكم مختلف تمامًا , هذا حذّر منه القرآن : )فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ( [ آل عمران : 7 ] .
تنبيه مهم :
المظاهرات الموجودة الآن في العالم العربي لإسقاط الأنظمة الفاسدة التي بدّلت شرع الله , – وهذا هو الأهم عندنا نحن أهل الإسلام – , والتي ظلمت الناس في حقوقهم وأموالهم , وتسلطت عليهم , وسلبت حرياتهم , – والناس يطالبون بهذا أكثر من المطالبة بتحكيم الشريعة مع الأسف – ! .
ونحن نقول : ما وصلتم إلى الظلم السياسي , والاقتصادي , والظلم في الحريات , إلا بسبب أنكم لم تحكموا بشرع الله , لو حكمتم بشرع الله , لن يكون هناك محسوبية , ولا رشوة , ولا ظلم , وسيقام العدل , فالمشكلة في الأساس هي التنحي عن شريعة الله , لكن قامت هذه الثورات لإسقاط هذه الأنظمة التي حكمت عقودًا , الذي حكم أربعين سنة , والذي حكم ثلاثين سنة , والذي حكم ستين سنة , أي حزبه قد يحكم ستين سنة , مثل حزب بورقيبة في تونس , وحزب البعث في سوريا , هذه الأحزاب والأسر الحاكمة , التي استبدت , ولعبت بالأموال العامة , وأفسدت في الأرض , قام الناس ضدها ؛ يريدون أن يغيروها , وهم محقون في تغيير هذه الأنظمة الفاسدة , لكن الأهم من ذلك – لو وعى الناس – أن السبب هو انحراف الناس عن شريعة الله , لو طالبوا بتحكيم الشريعة وألزموا الحكام بها لكان خيرًا وأحسن تأويلًا , فالشريعة كفيلة أن تحل مشاكلنا , لو قالت الشعوب العربية : نحن نريد الإسلام حلًا , لن يكون إلا هذا , وبدلًا من أن يُضحك علينا ؛ يفسح لنا المجال نطالب بدولة مدنية – يعني علمانية لا دينية – , ويقف الغرب موقف الداعم , وفي النهاية يغير الحكام فقط , ويترك هذه الأنظمة نفسها تحكمنا , لكن يعطينا فتاتًا أكثر من ذي قبل , مثلًا بعد أن كان يعطينا قرصًا من الخبز يعطينا قرصين , بدلًا من الحريات الموجودة يعطينا زيادة حريات ! .
لكن ليس هذا هو المطلوب , المطلوب تغيير جذري , المطلوب إزاحة هذه الأنظمة الفاسدة مع رموز حكمها , واستبدالها بالنظام الإسلامي .
لكن هذا الأمر – يعني مسألة الخروج هذه – لا أريد أن يستغلها بعض الشباب المستعجلين , ويقولون إذن هناك كفر بواح , وهذه الأنظمة تستحق الإسقاط , هذا الكلام صحيح , لكن من الخطأ أن نستعجل في حمل السلاح لإسقاط هذه الأنظمة , ونحن غير مستعدين لذلك , أنا لا أتكلم عن الشعوب , الشعوب من حقها أن تتظاهر وتعتصم سلميًا حتى تسقط هذه الأنظمة , وهذا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , وليس هذا من الخروج في شيء , إنما أتكلم عن بعض الشباب الذي يستعجل , فيقرع طبول الحرب , ويعلن الجهاد , وهو غير مستعد , والأمة غير مستعدة لذلك , فنحن نقول لهؤلاء الشباب : لم يحن بعدُ وقت جهاد الطلب لإقامة الدولة الإسلامية , الواجب الآن هو إعداد الأمة , وتربيتها , وتأهيلها , والواجب الآن ) كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ( [ النساء : 77 ] , والواجب الآن الجهاد باللسان وبالمال , الجهاد بالسنان والسلاح إذا كان دفاعًا , وفي أماكنه , أما أن نبدأ نحن الجهاد , ونحن غير مستعدين لذلك , فهذا إهدار للطاقات , وإحراق للشباب , تحرقهم في غير مصلحة شرعية راجحة , لم يحِنِ الوقت بعدُ لذلك , لكن عندما يحين الوقت العلماء , سيكون العلماء في المقدمة , حينما يحين الوقت لأطر الحاكم أطرًا إذا لم يقبل بالمعروف والكلام و.. , فإنه سيؤطر بالسيف , وهذا معنى قول النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : ( إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم فيه من الله برهان ) ([32]) يعني لا تنازعوهم بالسيف إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم فيه من الله برهان , فلا يفهم من هذا بعض الشباب قرع طبول الحرب قبل وقتها , بل نحن مازلنا في مرحلة استضعاف , ومع ذلك فنحن مع الشعب في مطالباته السلمية , في مظاهراته , في اعتصاماته , في إسقاط هذه الأنظمة الفاسدة , نعم إذا هبَّ الشعب , وكانت عنده قدرة , وقاد هذا مفكرون وعلماء , إذا هبَّ الشعب لإزالة أي نظام ولو بالقوة , فهذا من حقهم شرعًا , لكن شريطة أن يستبدلوه بالإسلام , وأن لا يستعينوا بالمشركين ؛ لأنهم إذا استعانوا بالمشركين , سيتحكمون في قرارهم , ويتحكمون في مصيرهم .
أسئلة :
س1 ) يلاحظ على بيان جمعية علماء اليمن وجود عدد لا بأس به من صغار طلاب العلم وخطباء وأئمة مساجد ودعاة , فهل يعدون من العلماء في عرف الشريعة ؟
ج1 ) من فضل الله أنه ليس هناك علماء مرموقون , لهم قدم صدق في الأمة اليمنية , إنما هناك بعض الخطباء وبعض الدعاة , وقد حذر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من هذا الصنف , وحذر من خطباء أمته , وذكر أن من أخطر شيء على الأمة خطباءها , والله أعلم .
س2 ) خروج الحسين بن علي ( رضي الله عنه ) على يزيد بن معاوية وخروج ابن الأشعث ومن معه على الحجاج بن يوسف من أي قسم يصنف خروجهم ؟ هل هم من البغاة ؟ علمًا أن يزيد والحجاج غير كافرين .
ج2 ) المسألة اجتهادية , والعلماء اختلفوا في تعريف البغاة على قولين ؛ اتفقوا على أنهم جماعة لهم شوكة – سلاح وقوة – خرجوا على الإمام , لكن بعضهم يجعل قيدًا هو : خرجوا على الإمام العادل بتأويل سائغ , وبعضهم لا يجعل هذا القيد , ويقول : هم جماعة لهم شوكة خرجوا على الإمام بتأويل سائغ – يعني سواء كان عادلًا أو جائرًا – فإذا قلنا : الإمام , فهذا مطلق , عادل أو جائر , لكن ليس كافرًا , ولا غيَّر قواعد الدين , فالعادل مثل علي بن أبي طالب , والجائر مثل خلفاء بني أمية مثلًا , باستثناء معاوية , وعمر بن عبد العزيز , فإذا كان خروج على إمام عادل , فهذا عند طائفة يعتبر باغيًا , أما إذا خرج على إمام جائر , فليس من البغاة , على رأي هؤلاء العلماء , بل يعد من خروج أهل الحق , فهذا خلاف عند الفقهاء في تعريف البغاة , من هم ؟ فإذا أجرينا هذا الخلاف , فالحجاج ويزيد لاشك أنهما من أئمة الجور , فإذا قلنا يجوز الخروج على الإمام الجائر , وهو أحد القولين , فهم ليسوا بغاة , وهو جزء من خروج أهل الحق , هذا من جهة , من جهة ثانية سعيد بن جبير يرى كفر الحجاج قال : ما خرجت حتى كفر الحجاج , فاجتهاده أدى به إلى أن الحجاج كافر ؛ فلذلك خرج , فهذا أيضًا ملحظ آخر , يجري الخلاف أيضًا في خروج فقهاء الكوفة , وفي مقدمتهم سعيد بن جبير والشعبي , هل هو بغاة أو هو من خروج أهل الحق ؟ الحجاج يقول الذهبي ( له حسنات مغمورة في بحر ذنوبه ) ([33]) – يعني سيئاته أكثر من حسناته – , والكل يعرف أنه سفاك للدماء , وهو المبير الذي أشار إليه النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بقوله : ( سيكون في ثقيف كذاب ومبير ) ([34]) المبير يعني : سفاح , والمبير كان هو : الحجاج بن يوسف .
والراجح فيما يظهر لي أن هذا من خروج البغاة , وكان الأولى هو رأي الحسن البصري , أي عدم الخروج على الحجاج ؛ لأن الحجاج لم يغيِّر قواعد الدين ؛ فالحدود قائمة , والشرع قائم , والجهاد قائم , هو الذي جهز جيش السند وفتحها , إنما عنده تساهل في الدماء , وعنده انحراف في ذاته , وهذا لا يوجب الخروج عليه , وعلى كل فلا شك أن سعيد بن جبير وأمثاله أفضل من الحجاج بألف مرة , والله أعلم .
س3 ) من هم الذين يقودون الخروج الصحيح ؟ وكيف يتم ذلك في عصرنا ؟ وهل له شروط وضوابط ؟
ج3 ) نعم , لابد من شروط وضوابط للخروج الصحيح , لابد أن يكون العلماء في المقدمة , ومن الشروط : القدرة , والاستطاعة , ووجود الكفر البواح , والأدلة الواضحة عليه , ومنها الإعذار بمعنى ) لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ( [ الأنفال : 42 ] فلا بد من التبليغ وبيان الحق , والله أعلم .
س4 ) قول أهل السنة ( ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا ) هل يقصدون بالخروج الخروج عليهم بالسيف فقط أو مطلق الخروج ؟ وإذا كان المقصود , الخروج بالسيف فقط , فما القرينة ؟
ج4 ) نعم , المقصود بالسيف فقط , لا يسمى خروجًا إلا الذي بالسيف , أما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باللسان , فهذا هو الذي كان عليه السلف , القرينة هي الأدلة الأخرى ؛ حينما تجد مثلًا أبا سعيد الخدري ينكر على الوالي مروان أمام الناس وينكر بلسانه ويده , يريد أن يجذب مروان وهو من علماء الصحابة , أمثال هذا النص يبين أن المقصود بالخروج – بالنظر إلى كل الأدلة – هو الخروج بالسيف , والله أعلم .
س5 ) نلاحظ أن الحكام يستخدمون العلماء كورقة لتمرير مآربهم الخبيثة , فهل يجوز لعامة الناس الرد عليهم والكلام فيهم ؟
ج5 ) العالم الذي له في الأمة قدم صدق , هذا لا يجوز أن نتكلم فيه , حتى لو أخطأ , حتى لو قال فتوى مخالفة للكتاب والسنة , نخطئ القول لكن نحفظ عرضه ونصونه من أن نتكلم فيه ؛ فالعبرة بكثرة حسناته ومواقفه , وإن أخطأ مرة أو مرات , فنغفر له خطأه ذلك ؛ فإن الماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث , أما إنسان طرطور ([35]) ما هو معروف أو يستلم راتب معين من الحاكم نفسه فهذا التأدب معه مطلوب , لكن ليست له حرمة الأول , والله أعلم .
س6 ) هل يفهم من حديث ( أفلا ننابذهم بالسيف ؟ قال : لا ) , هل يفهم منه جواز الخروج على أئمة الجور بغير السيف ؛ لأنه نهاهم عن الخروج عليهم بالسيف فقط ؟
ج6 ) فيه إشارة وقد جاء صريحًا في كلام النبي ( صلى الله عليه وسلم ) حينما قال : ( مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِى أُمَّةٍ قَبْلِي إِلاَّ كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ مَا لاَ يُؤْمَرُونَ – يعني يخالفون الشرع – فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ ) ([36]) , والله أعلم .
س7 ) ما تعليقكم على حديث ( قلت كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك ؟ قال : تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع ) رواه مسلم ([37]) .
ج7 ) هذا الحديث صحيح وكلام النبي ( صلى الله عليه وسلم ) كله حق , لكن عندنا أئمة عدل , وعندنا أئمة جور , وعندنا أئمة كفر , وكل له حكمه , فالخلط هو المشكلة , فحذيفة يعلم من النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أنه سيعيش في عصر أئمة عندهم شيء من الجور , وليس أئمة كفر , ففرق بين أئمة العدل , وأئمة الكفر , فإمام العدل تصبر عليه , وإن أخذ مالك , وإن جلد ظهرك , لكن إمام الجور فيه تفصيل , وفيه خلاف , وإمام الكفر ما فيه خلاف في وجوب خلعه , والخروج عليه , لكن بالشروط : تحصيل القدرة .. إلخ .
إمام العدل ما فيه خلاف أيضًا في السمع والطاعة له , إمام الجور هو الذي فيه الخلاف المشار إليه , والأصل أنه لا يخرج عليه , الأرجح في هذه المسألة أنه لا يخرج على إمام الجور بالسيف , لكن يخرج عليه بغير السيف , إن أمكن إسقاطه بعصيان مدني مثلًا فهذا جائز ؛ لأن هذا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , هذا يعتبر من الشريعة طبعًا بشرط يكون البديل أيضًا هو الإسلام , وليس يكون البديل هو العلمانية , والله أعلم . .
س8 ) لقد صدقت المقولة القائلة بأن السلفيين , أو بالأحرى أدعياء السلفية يمشون في خط متوازٍ مع العلمانيين , والدليل على ذلك أننا لم نرَ من الجماعات الإسلامية من انبرى للتطبيل , والدفاع عن الطواغيت , بل وتبرير ما يقومون به من تقتيل الناس غيرهم , حيث أفتى بعضهم بجواز قتل الخارجين على الحكام ( يعني الخارجين بالمظاهرات , فهل من كلمة تحذيرية ممن أثنى عليهم القذافي في إحدى كلماته ؟
ج8 ) الحقيقة مع الأسف , لا ينبغي أن نقول عنهم : سلفيون , أو أهل السنة ؛ لأن السلفية حقيقة تشوهت بأمثال هؤلاء , شوهوا مذهب السلف بهذه الصورة , السلف لم يكونوا هكذا أبدًا , ولذلك يجب أن نتميز , ونقول : نحن أهل السنة والجماعة , نحن مع الجماعة ؛ طريقة الصحابة , الصحابة عندهم التفصيل الذي ذكرت لكم , ما يأتي إنسان ظالم مبدل لشرع الله وظالم لنفسه ولعباد الله , ثم نعطيه الشرعية ونؤيده على ظلمه , ونصدقه بكذبه , ما يمكن يفعل هذا صحابي أو تابعي , والله أعلم .
[1] – رواه البخاري (913) ومسلم (2090) .
[2] – رواه مسلم (186) .
[3] – رواه البخاري (1034) ومسلم (1628) .
[4] – رواه أبو داود (1962) وصححه الألباني .
[5] – رواه ابن أبي داود في « المصاحف » (47) .
[6] – انظر : تاريخ دمشق (26/197) وسير أعلام النبلاء (2/9-10) .
[7] – انظر : سير أعلام النبلاء (3/230) وصححه شعيب الأرناءوط , وهو عند ابن سعد في الطبقات (4/184) من طريق آخر .
[8] – روه البخاري (436) ومسلم (7506) .
[9] – رواه مسلم (7504) .
[10] – رواه أحمد (11012) والترمذي (3768) وابن ماجه (118) وصححه الألباني .
[11] – انظر : البداية والنهاية (10/89) وسير أعلام النبلاء (6/210) .
[12] – انظر : البداية والنهاية (10/334) وسير أعلام النبلاء (11/166) .
[13] – منهاج السنة النبوية (3/231) .
[14] – رواه مسلم (4910) .
[15] – رواه البخاري (6647) ومسلم (4877) .
[16] – رواه البخاري (6647) ومسلم (4877) .
[17] – انظر : البخاري (231) ومسلم (4445) .
[18] – رواه الترمذي (3095) وحسنه الألباني .
[19] – انظر البداية والنهاية (7/318) , (7/344) .
[20] – رواه ابن أبي شيبة (38933) والحاكم (2261) والبيهقي (16523) .
– [21] رواه البخاري (3166) ومسلم (2499) .
[22] – (22205) صححه شعيب الأرناءوط .
[23] – مجموع الفتاوى لابن تيمية (28/500) , (35/57) .
[24] – رواه ابن ماجه (176) وحسنه الألباني .
[25] – رواه البخاري (3414) ومسلم (2496) .
[26] – رواه البخاري (3415) ومسلم (2499) .
[27] – رواه البخاري (6647) ومسلم (4877) .
[28] – رواه البخاري (6647) ومسلم (4877) .
[29] – رواه مسلم (188) .
[30] – رواه مسلم (188) .
[31] – مجموع الفتاوى (4/452) .
[32] – رواه البخاري (6647) ومسلم (4877) .
[33] – سير أعلام النبلاء (4/343) .
[34] – رواه الترمذي (3944) وصححه الألباني .
[35] – الطرطور : الوغد الضعيف من الرجال كما تاج العروس (12/425) والمعجم الوسيط (2/555) , ويستعملون الطرطور مجازًا للشخص الذي لا فائدة فيه كما في العامي الفصيح من إصدارات مجمع اللغة العربية بالقاهرة (16/3) ومجلة مجمع اللغة العربية (64/4) .
[36] – رواه مسلم (188) .
[37] – رواه مسلم (4891) .
________________________________
*المصدر*http://www.ahdal.net/play-1012.html
الله يصلحك ادلتك متناقضة ويكفي ابن عمر انكر على عبدالله بن الزبير وهو مصلوب واتقي الله في دماء المسلمين واعلم انك لست عالم ومجتهد ورحم الله من عرف قدر نفسه وسابين لك