يقول الإمام أحمد «لو كانت لي دعوة مستجابة لجعلتها للسلطان»، ومن الحديث الشريف «.. من يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني»، والقاعدة الشرعية المجمع عليها أنه «لا يجوز إزالة الشر بما هو أشر منه»، فكل من خرج ودعا إلى التظاهرات ومعصية ولي الامر، فقد وقع في المحظور وعصى الله ورسوله، فهم كمن يبني قصرا ويهدم مصرا.
إن السبب الرئيسي في تخلفنا هو احتراف النواب فن التبرير، وشيوع رفاهية إلقاء اللوم على الآخر، للدفاع عن سلوكياتهم الخطأ، بلعبة الإسقاط حتى سقطوا، ومعهم الحكومة، في مستنقع التأزيم والفرقة والشقاق والعنف والنفاق، كوسيلة نفسية للهروب من تحمّل مسؤولية الإخفاق والعجز عن تغيير الواقع، بدلا من مواجهة الذات والقيام بالرقابة والتشريع، بما يحقق التنمية والإصلاح.
يتجسد الإسقاط عند الشخص النرجسي الذي يضع اللوم دائما على الآخر، لأنه لا يعتبر نفسه مخطئا، فهو يرى في نفسه دائما أنه الأفضل، وهذا يصبح لسان حال غالبية النواب الذين يتعودون على تأييد الحكومة والناخبين لهم، بالطائفية والقبلية في الوصول إلى كرسي البرلمان، فحينما تقدّم الحكومة الدعم لبعضهم بتخليص المعاملات يروا في رئيس الوزراء رجل الاصلاح، أما حينما تدعم الحكومة غيره لكرسي رئاسة البرلمان، يصبح بنظره رئيس الوزراء غير إصلاحي.
نِعْمَ السياسة الرفق وبئسها العنف، وفسادها عجلة التصريح ورعونة التصرف، لذا يجب ان نحرص على اختيار المرشح، ممن يتميز بمقومات اخلاقية سامية، كأرضية لقوام شخصية تتسم بالقوة والامانة والصراحة والتواضع والصبر، لأن الولاية العامة في ادارة شؤون الدولة محكومة بطيب السجايا والخصال، للتمكن من معالجة الأمور بالحكمة والروّية والرأي الصائب، لتحقيق الاستقرار والتنمية.
معروف فيزيائيا وكونيا ومنطقيا ان مسؤولية التغيير والتطور، تكون وفق كفاءة وتأثير اداء العنصر المتغير، وفي المعادلة السياسية تعتبر الحكومة العامل الثابت، ومجلس الامة هو العامل المتغير، وبناء على ذلك يجب ألا نحمل الحكومة وحدها المسؤولية، وتقتصر مطالبتنا بتغيير رئيس الحكومة والوزراء، وانما يجب من باب اولى تغيير نواب الامة، فالحكومة هي الحكومة منذ بداية الحياة البرلمانية لم تتغير في نهجها وفلسفتها وانظمتها واجهزتها، لذلك علينا ان ندفع بضرورة تغيير وجوه التأزيم والفساد من النواب السابقين، سواء كانوا معارضة او موالاة، على اعتبار انهم لم يحققوا تنمية، بل على العكس تسببوا بشكل مباشر بمزيد من الفساد والتخلف، ولا ادل على ذلك الا الواقع الذي نحن فيه، ومن يقارن بين معدلات التنمية الاجتماعية والاقتصادية قبل 16 سنة، وما هي عليه الآن، سيجد تزايد وتيرة الفساد بسبب نرجسية أولئك النواب الذين يبررون فشلهم، بلعبة اسقاط المسؤولية على الحكومة.
حجاج بوخضور
http://www.alqabas.com.kw/node/39916