أحمـد عبد الحكيــم
26/7/2007
“هناك استراتيجيتان أساسيتان للتغيير، سواء كان تغييراً عنيفاً أو غير عنيف:
أولاً: استراتيجية الاقتراب المباشر
وتعتمد هذه الاستراتيجية على مسك الثور من قرنيه، والاصطدام المباشر. بمعنى أنها تقوم على حشد قوى الحركة التغييرية في مواجهة نقاط قوة الخصم، ومن ثم الدخول في مواجهة حاسمة تنتهي بالقضاء على قوة أحد الطرفين.
ولا يمكن أن تلجأ الحركة التغييرية المقاومة إلى هذه الاستراتيجية إلا إذا كانت كفة ميزان القوى تميل لصالحها أو على أقل الأحوال توازن ميزان القوى بينها وبين قوة الديكتاتور.
ثانياً: استراتيجية الاقتراب غير المباشر
أما استراتيجية الاقتراب غير المباشر فتتضمن المناورة وعدم الاصطدام المباشر “عدم أخذ الثور من قرنيه”، بمعنى أنها تقوم على حشد قوى الحركة التغييرية في مواجهة نقاط الضعف الخصم، إحداث فجوات في بنيان الخصم يمكن منها الولوج إلى نقاط قوته. أي أنها تعني عدم اختبار العدو في امتحان مباشر للقوة.
وهذه الاستراتيجية تتضمن عدم الاقتراب من الخصم إلا بعد أخذ الاحتياطات اللازمة لإزعاجه ومفاجأته بهدف زعزعة توازنه بهجوم غير متوقع تقوم به من اتجاهات متعددة. والواقع أن تكتيكات الاقتراب غير المباشر تفرض نفسها على أحد الخصمين المتنازعين إذا كان لا يثق ثقة تامة بأنه من القوة بحيث يستطيع التغلب على خصمه في معركة تنشب على أرض يختارها عدوه.
ويقترح ليدل هارت الاستخدام المنهجي للاقتراب غير المباشر، بمعنى التقدم نحو الخصم من اتجاهات غير متوقعة، ثم التقدم في اتجاهات متعددة والقيام بتغييرها بحيث تصرف تفكير الخصم عن الأهداف الحقيقة للهجوم.)[1]
ومن الأخطاء التي تقع فيها الحركات التغييرية الشابة والفتية استخدامها لاستراتيجية الاقتراب المباشر قبل أن تستكمل عدتها، وهو ما يؤدي إلى وأدها وهي لا تزال تحبو.
وعلى النقيض من ذلك، غالباً ما تمارس الحركات التغييرية العريقة والتاريخية – والتي مرت بالكثير من التجارب المريرة نتاج صداماتها المختلفة مع النظام – استراتيجية الاقتراب غير المباشر حتى في اللحظات المفصلية والتاريخية، والتي تحتاج إلى جرأة على اتخاذ قرار المواجهة المباشرة.
وفي الواقع فإن حرب اللاعنف تعتمد على الدمج بين الاستراتيجتين، وما يمكن أن ينتج عن الدمج بينهما لا حدود له. وعادة ما يستخدم الاقتراب المباشر في الحملات النهائية الحاسمة، بعد أن يكون الاقتراب غير المباشر قد تمكن من تقويض مصادر القوة التي ترتكز عليها الديكتاتوريات.”[2]
http://aoc.fm/site/node/287