كيفية الوقاية من آثار الغازات المسيلة للدموع

تستخدم المواد الكيميائية فيما يعرف باسم الغازات المسيلة للدموع في جميع بلدان العالم[1]، حيث تحتاج قوات مكافحة الشغب إلى السيطرة على الأوضاع والعودة إلى الاستقرار الذي تزعزعه أنشطة المحتجين على الممارسات الدولية.
وتحكم تحركات قوات مكافحة الشغب مجموعة من القوانين، والإرشادات التي تصدر إما محلياً أو عالمياً. ويعتبر الجهل بهذه القوانين والإرشادات سواء من العاملين بها، أو من الجماهير التي تستخدم ضدها الإجراءات القمعية، من أكبر العوامل التي تؤثر في استقرار المجتمع ونمائه وتقدمه.
ومن هنا كانت هذه الدراسة المتواضعة لأحد وسائل السيطرة على تحركات الجماهير المدنية، وحيث أن فلسفة الدراسة في الأكاديمية تتمشى مع الدساتير والأعراف والقوانين الإنسانية، التي تضمن للإنسان حرية التعبير عن الرأي، فإن وقاية الجسد من الأذى المادي من أولويات الآدمي المصر على ممارسة حقه الدستوري في إبداء الرأي. فكما أن للعقل الحق في أن يفكر، وللفم أن يتكلم، وللفرد أن يعبر، فإن من حق الجسد أن يكون محمياً ضد الأذى الذي تشرعه القوانين للحفاظ على الأمن والاستقرار.
بداية يجب الانتباه إلى أن الكثير من الوسائل التي تستخدمها قوات مكافحة الشغب ليست مصممة للإيلام الشديد، وإنما تهدف إلى الإلهاء والتخويف[2].
ولإبطال مفعولها يجب أولاً فهم طريقة عملها، والأضرار الناتجة منها [3]. فالمعرفة هي أول خطوة نحو امتلاك القوة ووضع الأمور في نصابها. فالذي يوقف المتظاهرين هو خوفهم وعدم يقينهم بالغلبة والافتقار إلى المعرفة، وليس بطش الوسيلة المستخدمة ضدهم، فلا يتعدى رذاذ الفلفل والغاز المسيل للدموع سوى أن يكونا وسيلتي تخويف وتهديد.

مواد الغازات
تعمل الغازات المسيلة للدموع على تهييج الأغشية المخاطية في العين والأنف والفم والرئتين، مما يسبب البكاء والعطس والسعال وصعوبة التنفس، عن طريق استخدام أربعة مواد شائعة، وهي رذاذ الفلفل الأسود، وثلاث مواد أخرى تعرف برموز اللغة الانجليزية: [4]CR, CS, CN

الوقاية
ومن الناحية العملية فإن الوقاية دائماً خير من العلاج، ويمكن الوقاية من آثار الغازات المسيلة للدموع عن طريق:
1- استخدام الأقنعة الواقية ضد الغازات، وهي أفضل وسيلة للوقاية من آثار المواد المسيلة للدموع.
2- منديل أو قطعة قماش مبللة بالماء أو بالخل لحماية الأنف والفم، وهذه سرعان ماتفقد أثرها لدى التعرض المكثف للمواد الكيميائية، ولذا يحتاج المتعرض للغازات إلى عدد منها، كما يحتاج إلى استخدام نظارات مثل نظارات السباحة لحماية العين.
3- ارتداء قفازات نظيفة لمساعدة المصابين في التخلص من آثار القنابل المسيلة للدموع.
4- غسل الوجه مسبقاً بالصابون المصنع من زيت الزيتون.
5- ارتداء ملابس ضد الماء تغطي أكبر قدر ممكن من الجسم.

أما أثناء الإصابة
1- يجب عدم الارتباك أو الخوف أو القلق حيث أن أضرار القنابل المسيلة للدموع وقتية ولا تدوم. والقلق والاضطراب يعمل على فتح مسام الجلد مما يسمح للمزيد من المواد الكيميائية بدخول الجسم.
2- عدم لمس الوجه أو فرك العين لتجنب إعادة التلوث إلى العين.
3- عدم بلع هذه المواد بل المبالغة في بصقها حتى تطرد المادة الكيميائية من الفم والأنف.
4- الانطلاق إلى مساحة من الهواء النقي وتجنب التعرض إلى الأماكن الملوثة، أو البقاء في مهب الريح الذي يخمل الغازات، مع إبقاء العينين مفتوحتين واليدين مفرودتين حتى يزيل الهواء المواد الكيميائية العالقة بالملابس والجسم، والتنفس ببطء وبعمق.

بعد الإصابة
5- يجب تطهير الجروح بماء بارد، وتجنب الماء الساخن لجعل المسام مغلقة، حتى لا تتسرب المواد الكيميائية إلى الجلد.
6- فرك مكان التلوث بقوة بصابون زيت الزيتون، أو زيت الشلجم الكندي واتباع ذلك بالكحول.
7- الحرص على عدم انتقال المواد الكيميائية من الشعر إلى الوجه عن طريق الاستحمام مثلاً.
8- استبدال الملابس الملوثة بأخرى نظيفة. والابتعاد عن الأماكن المغلقة حتى لا تتلوث. فإن التلوث يلتصق بالأماكن المغلقة لأسابيع.
9- وضع كل ما تلوث في حقيبة مفتوحة للهواء.
10- إزالة عدسات العين اللاصقة بيدين نظيفتين، وطلب المساعدة في ذلك إذا لزم الأمر.
11- يمكن للفريق المسعف أن يقوم بتحضير عدد من المواد لإسعاف المتعرضين للغازات، مثل بودرة محلول معالجة الجفاف عند الأطفال، وتذويبها في لتر ماء، ووضعها في زجاجات رشاشة، لاستخدامها لتطهير الفم بالمضمضة والبصق، والعين بالرش فيها من جهة الأنف في اتجاه الخد، ويمكن استعمال قطنة طبية مع هذا الرذاذ لمسح العين من ناحية الأنف إلى ناحية الخد، ويمكن أيضا استعمال مادة MALOX والتي يستعملها مرضى قرحة المعدة بعد خلطها بمقدار مماثل من الماء واستخدامها بنفس الطريقة. ويمكن استخدام المراهم الطبية المعدة لمثل هذه الأمور.
12- يجب على الفريق المسعف إدراك أن فتح العين سيؤدي إلى زيادة الألم لحظياً قبل رشها، وعليه أن يُحَذر المصاب قبل بدء العلاج.
13- بعد ذلك يمكن استخام قطرة TOPIRAMATE للعناية بالعين، ويُمنع استخدامها للمصابين بمرض المياه الزرقاء، واذا اشتدت الاصابة فلابد من مراجعة طبيب العيون.
14- الذهاب إلى الطبيب إن لزم الأمر.

نحو المعرفة
كانت هذه إشارة سريعة إلى ضرورة الإحاطة والمعرفة بالقوانين والإجراءات الضامنة للحفاظ على النظام في المجتمع، ومنها كما ذكر هنا الاستخدام المشروع دولياً للغازات المسيلة للدموع.
فكما أن التشريعات الدولية تؤمن الحفاظ على النظام والاستقرار، فإنها تضمن للفرد حرية التعبير، ولاتجرمه لأخذ الحيطة في الحفاظ على سلامته. ومن هنا يتمكن المشاهد لساحة الحراك السياسي من مراقبة الديناميكية في علاقة النظام الحاكم بالمجتمع المحكوم بما يضمن صحة المجتمع ونمائه وتقدمه.
وكما تتفنن قوى مكافحة الشغب في وسائلها، والتدريب عليها، وتوفير الغطاء الأخلاقي والقانوني والدولي لها، فإن على القوى المدنية في المجتمع أن تتلقي دورات متخصصة محلياً وعالمياً في الدفاع عن النفس، والإسعافات الأولية، والتعرف على القوانين والتشريعات، وممارسة تدريب النشطاء ورعايتهم وإسعافهم، والانضمام إلى فرق عالمية مثل فريق “براها الطبي” الذي يتكون من نشطاء دوليين في واشنطن وسياتل ولوس أنجلوس ولندن وكندا، حيث يقدم هذا الفريق دورات تدريبية متخصصة في الإسعافات الأولية، والتعامل مع الأسلحة الكيميائية (الغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل)، بالإضافة إلى تقديم الرعاية الطبية في الشوارع أثناء التظاهرات، وشعارهم في ذلك “لن يتمكن أحد من إخراج أي مقاوم من الشارع طالما أنه يود ذلك”.
سحابة الردع
يواجه المقاومون الذين يخوضون حرب اللاعنف تحدي السماء المكشوفة، حيث تمطرهم قوى القمع بقنابل الغاز والمولوتوف والأحجار (أحياناً) وسيل المياه المتدفق من الخراطيم… وهو ما يدفعهم أحياناً إلى الرد بعنف، بالرغم من إعلانهم في البداية عن سلمية احتجاجهم.. لكنهم ومع سقوط الإصابات في صفوفهم يجدون أنفسهم مضطرين للرد، فهل توجد طريقة لحل مشكلة سماء المقاومة المكشوفة؟!

الآن نستعرض إحدى التقنيات التي يمكن الاستفادة منها لتحصين سماء المقاومين، وتقليل مساحة التوتر واللجوء إلى للعنف من قبلهم، وهذه التقنية خاصة فقط بالمقذوفات التي تهبط على المتظاهرين من أعلى.
الفكرة
عمل سحابة تظلل رؤس المتظاهرين وتتحرك بحركتهم، هي درع سماوي متحرك يمنع سقوط أي نوع من المقذوفات السابق ذكرها على رؤسهم.
مكونات السحابة
1- مظلة مصنوعة من أي مادة تتحمل الأحجار وقنابل الغاز ويفضل أن تكون قابليتها للاشتعال منخفضة. يمكن استخدام صاج معدني، ثم تغطيته بالرمل أو أي مادة تمتص الارتطام وتقلل إمكانية الاشتعال. ولسهولة الحركة يفضل استخدام مواد خام خفيفة تتمتع بقدرتها على التحمل.
2- أعمدة لحمل المظلة.
3- عجل يركب أسفل كل عمود لتحريك المظلة.

4- في المقدمة المواجهة لخط القمع يمكن استخدام درع رأسي شفاف، يتم تغليفه بصاج معدني شبكي يتيح الرؤية، وهدف هذا الصاج هو صد الضربات الموجهة في اتجاه أفقي مباشر. ويمكن استخدام حواجز معدنية مثل عربات القمامة.

فوائد السحابة
1- تصد عن المتظاهرين الكثير من المقذوفات وتحمي رؤوسهم.
2- تمنع الشمس الحارقة والأمطار الغزيرة عن المتظاهرين.
3- تمنع المتظاهرين من استخدام العنف لأنها تكون على مقربة من رؤوسهم، ولا تسمح لهم برمي الأحجار لأعلى.
4- تعطي هتافات المتظاهرين قوة وتزيدهم حماساً بسبب وجود المظلة وتأثيرها على قوة الصوت.
5- يمكن الكتابة عليها من أعلى ومن الأجناب والمقدمة وتوصيل رسالة للمجتمع ولمعسكر القمع.

إرشادات
1- تتميز المظلات الصغيرة بسهولة جرها، كما تتميز بسهولة الفك والتركيب. وإمكانية عمل إصلاحات باستبدال الفاسد فيها بآخر جديد. وعند استخدام مجموعات من المظلات الصغيرة يجب سد الفراغات البينية بشكل جيد، حتى لا تتسبب في سقوط أي مقذوف على المتظاهرين.

2- يمكن وضع أوعية ماء فوق كل مظلة، على أن يكون بها قدر قليل من الماء حتى لا يسبب ثقل، ويمكن لذلك أن يساهم في إطفاء قنابل الغاز عند وقوعها داخلها.
3- تعليق كاميرات في أركان المظلات الداخلية، وأخرى فوق المظلة لتسجيل الأحداث.
4- تثبت في أحد أركان كل مظلة مطفأة حريق يدوية، بحيث تستخدم في حالة اندلاع نيران، أو سقوط قنبلة غاز.
5- تعليق لافتات داخلية تقلل من توتر المتظاهرين.
6- تجنب تركيب إضاءات ليلية من خلال دوائر كهربية قد تسبب حريقاً، ويفضل استعمال كشافات تعمل بالبطاريات.
7- تكليف أفراد بمسئولية حركة وصيانة المظلة في حالة الرغبة في التقدم أو التأخر، أو علاج أي خراب نالها، ويرتدي هؤلاء الأفراد ملابس الحماية المتنوعة التي تغطي الرأس والعيون والجسم.
8- عند بداية سقوط المقذوفات على السحابة يكون هناك تكتيك محدد لعدم توتير المحتجين، مثل الرد الجماعي بهتافات محددة، أو الغناء، ولا يُترك المحتجون فريسة الصمت والتفكير في رد فعل متهور.

تهدف هذه التقنية إلى حصار العنف قدر المستطاع، سواء كان هذا العنف من قوى القمع أو يُتوقع أن يقوم به المتظاهرين. وهي خطوة على طريق تطوير المقاومة، وتقليل حاجتها إلى الرد بشكل مباشر على عنف قوى القمع، ويمكن للعقل المقاوم أن يبدع أشكالاً أخرى، ويستخدم مواد أكثر فاعلية لصناعة سحابة الردع.
كما يمكن لأجهزة القمع استخدام نفس التقنية لحماية جنودها ومركباتها، ومن ثم يرتقي مستوى الصراع السياسي في المجتمع، ويدار بشكل أكثر تحضراً، توضع في أولوياته كرامة الإنسان، وحرمة الدم.
وائل عادل
4/12/2012

http://aoc.fm/site/node/315