عندما نتحدث عن تغيير النظام، فمن المهم أن نعلم أن هذا لا يعني تطهير المناصب من رموز النظام السابق فحسب، المطلوب تطهير المناصب ممن يفكرون بمنطق النظام السابق، حتى لو كانوا في موقع المعارضين له.
كثير من الوجوه والكيانات التي كانت تصارع النظام هي ذاتها التي تطل علينا في الإعلام، وبعضها لا يصلح تماماً لأفكار ما بعد الثورة، فهي تتحدث بنفس الطريقة السابقة، وتحاور مخالفيها بنفس المنطق الغاضب من أي فكرة مخالفة، يؤسفني أن أقول أن كثيراً من تلك الوجوه يجب أن يتم استبدالها بعقول جديدة تعبر عن المستقبل، ولا تحمل معها ثارات الماضي ولغته الفاشية. هذه وجوه تذكرني بما قبل الثورة والدور العظيم الذي قامت به، لكنها لا تعبر تماماً عن المستقبل، لا في نمط التفكير ولا لغة الحوار، ولا في أطروحاتها للبناء.
هي الوجوه الجريئة، التي ساهمت بدور فعال في كنس النظام السابق، لكن المقشة اتسخت، مهما تحاول أن تكنس بها مجدداً تترك آثارها السيئة. والحل هو تغيير المقشة، أو غسلها جيداً، وتركها فترة في الشمس لتجف، وهذا يمكن لو اقتنعت المقشة أنها تفسد، وأنها بحاجة إلى غسيل أفكار وتغيير في أسلوب العمل.. لكن هيهات.. فهي تعمل بجد واجتهاد، وتبذل الغالي في سبيل تطهير البلاد، وهذا يزيد من تعظيمها لذاتها، دون أن تنتبه إلى أن كل خطوة تقوم بها تُزكم الأنوف.. فهي ملوثة بآثار معاركها مع النظام السابق.
ستشير إلى جراحاتها، إلى مقبضها الذي تآكل من فرط الاستخدام، وذراعها الطويل الذي كسر أكثر من مرة، وشعرها الذي تمرغ في الأرض حتى تساقط وهي في ريعان الشباب، محتجة بجدارتها وأحقيتها في الاستمرار، لكن أليس هذا التشوه أدعى لأن تتنحى طوعاً في المرحلة التالية للإطاحة بالنظام؟! لأن أداة التطهير ستتحول إلى أداة إفساد..
إلى الوجوه التي غبرتها معارك التغيير، إلى وسائل الإعلام المعارضة التي اعتادت الصراخ، إلى كل كيانات ما قبل الثورة.. المعركة التالية ستكون معركة تغيير المقشات.. من استطاع أن يغسل نفسه ويرمم هيئته لتتناسب مع البناء الجديد، فمرحباً به في المستقبل، ومن لم يستطع فستعمل المقشات الجديدة – التي ربما تكون تصنيع ما بعد الثورة- على كنسه.. لا تعنينا إن كانت المقشات استعملت في الثورة أم لا.. فالقاعدة الأساسية أننا سنظل دائماً في حاجة إلى مقشات لتطهر.. بشرط واحد.. أن تكون مقشات نظيفة!!
وائل عادل
28/6/2011
http://aoc.fm/site/node/630