لماذا قامت الثورة؟ هل نؤمن حقاً أنها كانت من أجل الحرية؟؟ الحرية لمن؟؟ لمن شاركوا فقط في الأحداث أم لكل الشعب؟!
إن المشاركة في الثورة كانت واجباً وطنياً وليست فضلاً يمن به فريق على آخر، ولأنها ثورة من أجل الحرية فإن المكسب الأهم الذي لا يمكن التفريط فيه هو الحرية، ومن شاركوا في الثورة نزلوا إلى الشارع لجلب الحرية، ليس حريتهم الخاصة ولكن حرية كل الشعب، حرية من شاركوا ومن لم يشاركوا، فالحرية قيمة لا معنى لها إن استبعدت أحداً، وهي تتيح الحق للجميع في المساهمة في بناء البلد، والتقدم للمشاركة السياسية، سواء بذل وضحى أو اكتفى بتسجيل الحضور أو آثر المشاهدة عن بعد بدافع الخوف أو التردد أو الحيرة.
الثورة جاءت بمطلب أكبر من ذوات الثوار، جاءت لتعلن أفول مرحلة احتكار الوطن لتقول أنه تم تحريره ليكون ملك الجميع، بكل ما تحمله كلمة “الجميع” من معنى!!
فلا يمكن إقصاء أي طرف بحجة عدم مشاركته في الثورة أو مشاركته التي كانت على استحياء.. قد يصلح ذلك في ثورات تقوم لأهداف مختلفة سوى تحقيق الحرية للجميع!! لأن حرمان أي فريق من الحرية تعني ردة على طريق من ضحوا وبذلوا!!
ولا يصح بحجة حماية الثورة أن تكون حمايتها من أهم ما جاءت به … الحرية… باعتبار الحرية هي المدخل للمفسدين… لا يمكن أن نحمي الثورة من الحرية.. لا يمكن حمايتها من أهم إنجازاتها. بل يجب أن نتحمل تبعات ذلك الإنجاز الرائع.
ولا أبالغ إذ أقول أنه حتى من كانوا في الحزب الحاكم السابق – من غير رءوس الفساد الذين تجب محاكمتهم- تكفل لهم الحرية أن يدخلوا المنافسة، وإن كان لزاماً على الشعب أن يقاومهم فليكن سلاحه ضدهم هو الحرية، أن يتمتعوا بحرية المشاركة، ويتمتع الشعب بحرمانهم من أصواته إن وجد في ذلك صلاح البلد، والمقاومة بالحرية ليست من أجل سواد عيونهم أو خوفاً من أذناب النظام، وإنما انتصاراً للحرية كقيمة يجب أن تسود، فالانقلاب على تلك القيمة هو انقلاب على روح الثورة، ويعني أن بقايا النظام تمكنت من إعادتنا إلى عهدها وإن اختلفت أشكال المستبدين.
بعض الأطراف قد تسعى إلى تهميش أو إقصاء أطراف أخرى، ومن حقها سياسياً أن تسعى لإقصائها من الحكم، بمعنى أن تسعى لإبعادها تماماً،إما لخلاف جذري في الفكر أو لتصور خطر محدق إن وصل فريق معين إلى الحكم.. لا بأس من السعي لإبعاده… ولكن كيف؟؟ عبر الحرية، تلك هي الأداة المقبولة بعد الثورة لمقاومة الأفكار والبرامج والأشخاص.
أما الإقصاء بمعنى القمع والإرهاب والمنع من دخول معركة الحرية فهو جريمة كبيرة تعني اغتيال أهم قيمة سعت لها الثورة، فمن كان ظالماً بالأمس سيتحول إلى مظلوم حين يُحرم من حقوقه… والظلم عواقبه وخيمة!!
أرى البعض يردون على دعاة الإقصاء بحدة، محتجين بأنهم كانوا من أكثر الناس تضحية فكيف يستبعدون؟! وهذا مدخل خاطيء للترافع دفاعاً عن قضية عادلة، وهو لا يقل جريمة عن مدخل الإقصائيين، فلا يصح أن يحتج كل طرف على الآخر بحقه في الحرية بسبب أنه ضحى أكثر أو أنه كان الأسبق للدعوة إلى الثورة، فالثورة لم يكن شعارها “من يضحي أكثر يحكم أكثر ويحظى بحرية أكبر”… فلو أن هذا الشعار هو المعمول به لكان الشهداء أحق الناس بالحكم..
إن فكرة المحاصصة بناء على درجة المشاركة جريمة لا تقل خطورة عن جريمة من أراد الإقصاء تعسفاً وإرهاباً، فلا يجب لأحد أن يستدل على حقه في المشاركة بأي سبب سوى سبب واحد فقط… الحرية… أننا نعيش في بلد حر.
وفي البلاد الحرة لا تجوز رشوة الحرية تحت أي مبرر لتسد أبوابها أمام البعض أو تفتحها على مصراعيها لآخرين!!
وائل عادل
1/4/2011
http://aoc.fm/site/node/567
من اجمل ما قرأت عن الثورة ومعنى الثورة