علاج النرجسية في الإسلام‎

الإنسان اجتماعي بطبعه، وقد عزز إسلامنا الخالد هذه الصفة في الإنسان، فدعاه إلى الاختلاط بالناس، وحضور جمعهم وجماعتهم، والتعاون معهم، والاتحاد وإياهم. ومن ذلك: حضور مجالس الخير والذكر، وعيادة المرضى، وحضور الجنائز، ومواساة المحتاجين، وإغاثة الملهوف، ونصرة المظلوم، وإرشاد جاهلهم. وأمرنا إسلامنا الخالد بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والجدال بالحسنى، وأيضاً قمع النفس عن الإيذاء، والتدرب على الصبر، والاحتمال، والاختلاط بالناس في وجوه الخير والنفع، وهو الأمر الذي كان عليه رسولنا الكريم {،، وسائر الأنبياء عليهم السلام وكذلك الخلفاء الراشدون، ومن بعدهم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء المسلمين، وأخيارهم ويستمدون ذلك من النصوص القرآنية والنبوية ومنها قول الله تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى”(2) {المائدة: 2}.
وقول الله في القرآن الكريم مخاطباً رسولنا الكريم: واخفض جناحك لمن \تبعك من المؤمنين 215 {الشعراء: 215}.
دعوة للتواضع ونبذ الكبر والتعالي اللذين يقودان للنرجسية، وحب الذات، وفي ذلك أيضاً قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين 54 {المائدة: 54}.
فالمسلم مدعو للتواضع مع المؤمنين، ومعيار التفوق ليس في الأصل، أو الجنس، أو السلالة، أو الطبقة الاجتماعية، أو الجاه، والثراء، والسلطان وإنما هو التقوى، والخوف من الله تعالى كما في قوله تعالى: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى” وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم 13 {الحجرات: 13}.
والمسلم مدعو للبعد عن الغرور كما في قوله تعالى: فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن \تقى” 32 {النجم: 32}.
وفي الدعوة للبعد عن الكبر والتعالي يقول الله تعالى: ونادى” أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى” عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون 48 أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة \دخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون 49 {الأعراف: 48، 49}.
وفي الدعوة للتواضع يقول الرسول الكريم {: “إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد” (1).
فالبغي والفخر والكبر من السمات الذميمة في الإسلام. ولقد جاء الهدي النبوي المطهر: “ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله”(2) وكان الرسول { يسلم على الصبية، وكان في بيته في خدمة أهله. ومن باب التواضع كان أنبياء الله تعالى يعملون في مهن بسيطة كالرعي، أو النجارة، أو الحدادة وعن الرسول { قوله: “ما بعث الله نبياً إلا رعى الغنم، فقال الصحابة: وأنت؟ قال: نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة”(3).
وفي تحريم الكبر والعجب يقول الله تعالى: تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين 83 {القصص: 83}.

وقال تعالى: ولا تمش في الأرض مرحا 37 {الإسراء: 37}.
وفي الدعوة للتوسط والاعتدال يقول تعالى: ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور 18 {لقمان: 18}.
وفي بيان فضل التواضع يقول رسولنا الكريم { : “لا يدخل الجنة من كان في قلبه ذرة من كبر” وقد فسر عليه الصلاة والسلام الكبر بأنه: “الكبر بطر الحق وغمط الناس”(4) أي احتقار الغير. وفي هذا الصدد يقول النبي {: “ألا أخبركم بأهل النار، كل عتل جواظ مستكبر”(5) وقال {: “لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطراً”(6).
فنحن معشر المسلمين مدعوون لنبذ العجب والغرور والكبر، وهما مما يبعد الإنسان عن الكمال، وهما من أعظم المهالك في الحال والمآل، فكم من نعمة انقلبت بهما إلى نقمة؟ وكم من عز صار بهما ذلاً؟ وكم من قوة أصبحت بهما ضعفاً؟ ولذلك جاء الكتاب والسنة بتحريمهما، والتنفير منهما، والتحذير منهما؛ كما في قوله تعالى: وغرتكم الأماني حتى” جاء أمر الله وغركم بالله الغرور 14 {الحديد: 14}.
وقوله تعالى: يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم 6 {الانفطار: 6}.
وقوله تعالى: ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا 25 {التوبة: 25}.
وفي ذم الإعجاب بالذات يقول الرسول الكريم {: “ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه من الخيلاء”(7). وقوله {: “إذا رأيت شحاً مطاعاً، وهوى متبعاً، وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بنفسك”(8). وقوله {: “الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني”(9).
وعلى ذلك فالمسلم عليه أن يتواضع في غير مذلة ولا مهانة، والتواضع من أخلاقه المثالية، وصفاته العالية، كما أن الكبر ليس له، ولا ينبغي لمثله؛ إذ المسلم يتواضع فلا يرتفع ولا يتكبر؛ لئلا ينخفض؛ إذ إن سنة الله تعالى جارية في رفع المتواضعين له، فالتواضع يجب أن يتحلى به المسلم.

بقلم رقـــية أحمد

http://forum.al-wlid.com/t218073.html