قوى الثورة المضادة تبلغ مداها، فبعد إغراق سوريا في الدماء وهدمها على ساكنيها، لأن شعبها أراد الحياة الكريمة، وبعد إختراق الثورة اليمنية وتسليم أمرها لأمراء الخليج، يعبثون بها كما شاءوا، وبعد أن إنقلبوا على إرادة الشعب المصري الثائر وإنقضاض الجنرالات على الوطن… بعد ذلك كله وصل الأمر إلى بلد مهد الثورة العربية، تونس.
لم تتوقف أبدا محاولات الإنتقام من أرض بداية ثورة الكرامة العربية، فقد توالت عمليات الإجهاض منذ اليوم الأول لهروب المخلوع ولم تتوقف. ولكن إمتداد الثورة الشعبية إلى المنطقة العربية كلها أضعف إلى حين تلك المخططات و المآمرات، قبل أن تعاود الإنبعاث والسعي إلى توجيه ضربة قاصمة للشعب الذي دمر مصالح قوى النهب والسلب والقهر والخيانة.
قوى فقدت صوابها بضياع قصور شامخة، وأموال طائلة، ونفوذا طاغيا، وسلطانا عظيما، وهي ليست مستعدة أن تتنازل على مجدها المنهار، ولو أحدثت الطوفان الذي يعصف بالجميع إلى الهاوية.
قوى الشر الداخلية، تعاونها قوى الفساد والإستبداد الإقليمية، التي ترى في الثورة العربية حريقا سيمتد إليها إن هي لم تهرول نحوه لتخمده بكل ما أوتيت من قوة، فالقضية حاسمة وفارقة و مصيرية، إنها قضية وجود وليست حدود أو نفوذ.
ومن ورائهما قوى الإستكبار العالمي، التي تدرك يقينا أن تحرر هذه الشعوب والأوطان من حكامها، سيعيدها إلى دائرة الفعل الحضاري، بل أعظم من ذلك، إلى رأس قيادة الحضارة الإنسانية وريادتها كما فعلت لما يزيد عن ألف عام.
في هذا الوقت العصيب والمصيري لا يزال كثير من المستضعفين، بعد أن تلاعبت قوى المكر والتضليل و الخداع بعقولهم، لم يفهموا حقيقة المعركة الجارية، ومدى خطورتها وتأثيرها الكياني والوجودي عليهم وعلى أوطانهم.