مصر.. مسار بداية إنحسار الإنقلاب

تكملة لحديثي بالأمس تأكد اليوم مسار بداية إنحسار الإنقلاب، فقد وقعت جملة من الأحداث تؤكد كلها أن وضع الإنقلابيون إهتز إهتزازا شديدا، على مدار الساعات الماضية ومن بين هذه الأحداث:

1- تراجع وزارة الداخلية عن خطابها التهديدي السابق، الذي تحدثت فيه على أنها قد تلقت التفويض “لفض الإعتصامات بالقوة وأنها على وشك أن تقوم بذلك”، فقد عادت اليوم لتتحدث بلهجة “ودية” غير مسبوقة حتى و إن إعترى بيانها كثير من الأكاذيب و التضليل كالعادة.

2- إكتمال إنسحاب قوات الجيش من الأماكن الأساسية التي كانت ترابط فيها في المدن الكبرى، و على رأسها القاهرة، مما يؤكد التوقع بأنها تريد أن تنأى بنفسها عن التصادم مرة أخرى مع المتظاهرين السلميين، حتى لاتزيد من الإحتقان بين أفرادهاالرافضين لقتل المدنيين.

3- إنخراط مجموعة جديدة من بعض”القوى السياسية” التى كانت تساند بشكل أو بآخر الإنقلاب، إنخراطها في الدعوة لضرورة إيجاد حل سلمي و سياسي “للأزمة”، ورفضها فض الإعتصامات بالقوة، على غرار ما قالته جهات أخرى بالأمس، وكانت مؤيدة إجمالا للإنقلاب ومنها 10 جماعات حقوقية مصرية وشيخ الأزهر.

4- ظهورالبرادعى المتزايد على الإعلام للتأكيد من “أن الحل السلمي الذي لا يقصى أحد هو الأفضل لديه ولدى السيسي أيضا”، على الرغم من أن ذلك كلفه هجومات متصاعدة من طرف “الكتيبة الإعلامية” الأكثر تطرفا، هجوما وصل حد الشتائم بكلمات بذيئة.

5-لقاء “بيرنز” مساعد وزير الخارجية الأمريكية، وهو من أكثر الديبلوماسيين الأمريكيين معرفة بقضايا “بالشرق الأوسط”، بوفد ممن يمثل القوى الشرعية وسماعه لعبارات قوية منددة بسياسة بلاده تجاه الإنقلاب وبماقاله “كيري” بالأمس، وتمديده زيارته بعد أن إستنجد بهم “السيسي” علنيا “للضغط على الإخوان لقبول الحوار”.

6- وربما الأهم و الأبرز، شكوى السيسي في حديث مع “للواشنطن بوست”، من أن أمريكا خذلتهم وأن أوباما لم يتكلم معه وأنه كان يعتقد أن ما فعله يخدم السلم ومصالح الجميع خاصة وأن “مشروع مرسي هو استعادة الامبراطورية الإسلامية “.
بكل وقاحة ودناءة يستعدي الغرب على رئيسه وعلى قيم ودين شعبه.

كل هذا يؤكد أن الجماعة الإنقلابية في وضع سيء وتحت ضغط شعبي و دولي متزايد، بعد أن إنقضى أكثر من شهر على الإنقلاب دون نتيجة تذكر، وقد يسوءأكثر مع تزايد الإنشقاق بين مكوناتها الإعلامية والسياسية، وربما الأهم العسكرية على حسب بعض المعلومات التى راجت.

مما لايستبعد معه أن تلجأ القوة الأكثر تطرفا إلى القيام “بعمل جنوني” حتى توقف تسارع الإنحسار هذا، وقد يكون تفجيرا مدويا أو مجزرة أخرى.

محمد العربي زيتوت