ولنا في “إتفاقيات إيفيان” أكبر شاهد..

في الوقت الذي يزداد فيه التحدي الشعبي للجماعة الإنقلابية،على الرغم من حالات قتل وإعتقالات وتدنيس مصاحف وغلق مساجد وطرد بعض الموظفين من مناصبهم وإحالة آخرين على التحقيق كما حدث مع 75 قاضيا إعترضوا على الإنقلاب وضغوطات أخرى، في هذا الوقت تركزت الأضواء على “الوساطة” الأمريكية التي يقودها مساعد وزير الخارجية الأمريكى والذي إلتحق به اليوم إثنين من كبار قادة الكونغرس الأمريكين وهما “غراهم” و”ماكين”.
فقد تضاربت الأنباء حول اللقاء الذي جرى مع بعض كبار قادة الإخوان المعتقلين وعلى رأسهم “الشاطر” و”الكتاتنى” وحول مادار فيه.
المؤكد أن الشاطر حسب مصادر الإخوان، ذكّر كبارزواره، “أن مرسى هو الرئيس الشرعى الذي يحسم أي نقاش عندما يعود لمنصبه” وانه لايملك إتخاذ أي قرار خارج إطار مطلب ساحات الإعتصام الرافضة لأي حل لا يضمن عودة الشرعية لما كانت عليه قبل الإنقلاب.

على الجهة الأخرى تفاقمت الخلافات بين مكونات الإنقلاب، فبعد الهجومات التي طالت أحد كبار مهندسي الإنقلاب قبل أيم وهو”البرادعي” أعلن عمرو حمزاوي رئيس “حزب مصر الحرية” وهوعلى الأرجح، أشهر شخصية “ليبرالية” مصرية، أعلن عن تعرضه لهجومات غير مسبوقة من “أصدقاءه” المساندين للإنقلاب، بعد أن أبدى مراجعة لمواقفه السابقة التي كانت تصب في خانة الإنقلاب العسكري، فقال “أتعرض لحملة تشويه بسبب مواقفي الرافضة للمساومة على الديمقراطية وحقوق الإنسان” مضيفا بإستنكار شديد “وقد بات واضحا أن هذه الحملة يحركها جناح داخل النظام له أدواته المتنوعة، ويريد إعادة عقارب الساعة في مصر إلى ما قبل ثورة يناير المجيدة”.
فهل إنتبه أخيرا إلى أن ماسمي بالموجة الثالثة للثورة، ما هي في الحقيقة إلا ثورة مضادة برعاية بلطجية مبارك ودعم خليجي واضح وصريح؟ أم أن قربه من صانعي القرار الأمريكي، جعله يُدرك، و ربما يُبَلغ، أن الإنقلاب في طريقه للفشل، فآثر القفز من المركب الذي يترنح والآئل، وإن بعد حين، حتما للغرق، و أراد أن يظهر بمظهر ضحية مواقفه”الديمقراطية”؟

أيا كانت أوضاع الجماعة الإنقلابية المتضعضعة، والتي زادها تعثر الإقتصاد سوءا خاصة بكساد سياحي غير مسبوق، وهروب كثير من الإستثمارات، فإن أوضاع قادة الشرعية بالغة الحساسية أيضا، وإذا أخطأوا في التعامل مع هذه المرحلة الحرجة المتسمة بضغوطات هائلة من أجل قبول “تسوية”، فإنهم سيخاطرون بماحققوه في 35 يوما من “معركة الساحات و الإعتصامات” .
ولذلك يجب أن يدركوا أن مرحلة التفاوض، إذا كان ولابد منه، هي أخطر مرحلة في حياة الصراع. فكم من قضية كبرى فقدت البوصلة، وأضاعت الثمار لأن المفاوضين بإسمها خدعوا أو إستعجلوا الوصول إلى إتفاق، ولنا في “إتفاقيات إيفيان” التي أنهت رسميا الإحتلال الفرنسي للجزائر أكبر شاهد حي على ذلك.

محمد العربي زيتوت