لا نملك إلا أن نقول عجبا و سبحان الله مقلب الأحوال والأمريكيين و…الأمراء…

تسارعت التطورات اليوم في أرض الكنانة، فقد تفاقمت صراعات الإنقلابيين فيما بينهم و إستمر الجدل الصاخب وتبادل الإتهامات فيما بدا يتجلى وكأنه صراع أجنحة متشاكسة، زادها إنقلاب الموقف الدولي توترا و صداما. فتواصلت الهجومات الإعلامية عى لكل أولئك الذين تحفظوا، ولو قليلا، على خطاب الإلغاء والإستئصال الذي يطبع خطابات كبار كهنة الإعلام و بارونات السياسة المصرية، وبدأت الهجومات تطال “الجنرال” نفسه، فقد أتهم اليوم بأنه “فتح أبواب التدخل الخارجي على مصرعيه” و أنه “ظهر هزيلا والخوف على محياه في الصور التي ألتقطت له مع عضوي الكونغرس الأمريكي”.

عضوي الكونغرس و هما “ماكين” رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي و”غراهم” أحد أبرز اعضاء مجلس الشيوخ، واللذان قال صراحة أن “غير المنتخبين هم الذين يحكمون بينما المنتخبون معتقلون” وأن ” عزل الرئيس محمد مرسي كان إنقلابا”.

مما شكل ليس فقط تراجعا هاما على الموقف الأمريكي الذي ظل يناورلأسابيع، مدعيا أنه لايدري كيف يصف ما يحدث في مصر، في محاولة منه لإعطاء مزيد من الوقت للإنقلابيين، بل و صفعة قوية في وجه عصابة الإنقلاب، والتي تأكد اليوم، بهذا الوصف من أكبر شخصيات القرار الأمريكي، واللذان جاء أيضا بصفتهما مبعوثي الرئيس أوباما، أن الغطاء الأمريكي قد سحب، و أن”البراغماتية” هي التي ستطبع الموقف الأمريكي من هنا فصاعدا، بعد أن تأكد الثبات الخرافي للمعتصمين. ثباتا لم يهتزطيلة ما يزيد عن خمسة أسابيع، في شهرالصوم والحر الشديد.

الغرب عموما والأنجلوساكسون، وعلى رأسهم الأمريكيين بشكل خاص، قوم براغماتيون بمعنى، كما يقول الفيلسوف وليم جيمس، وهو من أكبر أعلام البرجماتية “الموقف الذي يصرف النظر عن الأشياء الأولى والمبادئ، والمقولات، والضرورات المفترضة ويتجه إلى الأشياء الأخيرة، والأثار والنتائج والوقائع”.

كنت قد أشرت منذ الأيام الأولى أن الموقف الأمريكي سيتغير بعد مهلة الثلاثين يوما، والتى أعطيت للإنقلابيين لكي ينهوا “حلم الدولة الإسلامية الذي كان يحلم به مرسي”، على قول الجنرال السيسي “للواشنطن بوست”، ولكن، أما وقد تبخر أمل إسقاط الإخوان، فإن أمريكا فهمت، وخشيت، أن “تأتي هذه الدولة التي تقض المضاجع” أسرع بكثير مما لو ترك الأمر للإخوان والذين يفهمون أبجديات الراغماتية، وفي كثيرا من الحالات، لا يمانعون في ممارستها.

خشية عبر عنها قبل حوالي أسبوع أحد كبار قادة الكونغرس الذي قال محذرا أن الإنقلاب قد يأتي بنتائج عكسية مما يسهل على المتشددين الأصوليين الوصول للسلطة عبر الدماء، وهو مايرعب الغرب و الشرق في سوريا، فإذا به يصبح أقرب إلى الوقوع في مصر، بسبب إنقلاب كان يعتقد على نطاق واسع، أنه شبه نزهة للعسكر ومن معهم من جماعات الإستئصال العلماني.
براغماتية مارسها اليوم كعادتهم، بلا حياء ولا خجل، أمراء السعودية، حين قال أحد المتحدثين بإسمهم أن “لا حل بدون عودة الرئيس مرسي إلى منصبه و الشرعية إلى أصلها”
و لا نملك إلا أن نقول عجبا و سبحان الله مقلب الأحوال والأمريكيين و…الأمراء…