بدأت الأزمة الجزائرية بأحداث مضطربة قادها الشباب خلال عامي 1987-1988، مطالبة بانفتاح أكثر، في العمل، الحقوق والحريات العامة، وتم مقابلتها بكل وحشية وقتها من قتل واعتقالات. في مصر بدأت الأزمة بشباب انتفض من أجل الحرية ضد حسني الهالك وتم مقابلتها بالقوة والعنف والماء الساخن وكل أنواع الخطط لمحاولة إنهاء زعرطة الشعوب على حد وصفهم.
تستمر الأحداث وترتفع أصوات المطالبة بالحرية في الجزائر، في مصر كان المطلب واضح هو إقالة الرئيس، يعدل الدستوى في 1989 بالجزائر، بينما يين حسني مبارك نائبا له لأول مرة منذ توليه الرئاسة.
تحت ضغط العسكر وبعض القوى يستقيل حسني مبارك من منصبه، بينما كان الرئيس الجزائري الشاذلي وقتها يريد الإستقالة لكنه رفض طلبه من طرف الجنرالات، رغم أن كلا الرئيسين استعمل نفس المنطق بأنه لن يتخلى عن منصبه ومستعد لتحمل المسؤولية مهما كان الظرف.
هذا كله كان توطئة للذي حصل في الجزائر ويحصل في مصر الآن، بحيث عين الجنرال خالد نزار كوزير للدفاع، ويعين السيسي في مصر تحت غلاف لم يكن يتوقعه أحد لكن تحليلي للأمر وحسبما كان لنا أسبقية في الشهادة على وضع الجزائر فإن تعيين السيسي كان مفروض على الدكتور محمد مرسي.
في الجزائر يعلن عن توقيف المسار الإنتخابي بالتعاون مع قوى إسلامية تمثل تيار الإخوان المصري مع بعض القيادات العلمانية والأصولية، كذلك في مصر تحالف بين زعماء الكنيسة، وأحزاب إسلامية، وقوى علمانية في عزل الرئيس المنتخب.
تحذر الداخلية في الجزائر من الإنجرار للعنف، ويبدأ الرشاش بقتل الإسلاميين وكل من يقف ضد قرار توقيف المسار الإنتخابي بعد أيام قليلة من الإعلان عن ذلك، في مصر وعلى ضوء الصبح ينطلق السيسي وجماعته في إعدام المتظاهرين ميدانيا.
تصخير الإعلام لصالح النظام الحاكم والإجرام الذي يقوم به كان في كلا الدولتين بنفس الطريقة ولم يختلف بتاتا وحتى في بقية الدولة الأخرى.
ربما قد يكون فاتني الكثير في تحليل هذه الوقائع ولكن الذين نريد توضيحه هو ليس التقارب العسكري في الأحداث ولا الدماء التي تسيل في الشوارع كالمياه، فكلا الشعبين قدما نموذج استقلالي على مستوى رفيع، ولكن الأجدر لأن نجيب على التساؤل لماذا هذا التقارب لدى المؤسسات العسكرية العربية والأجهزة الرئاسية؟
للإجابة على هذا السؤال يجب مشاهدة الأحداث من زاوية عالمية، فالذي هو خارج دائرة الغمام يستطيع رؤية كل شيء بما فيه من داخل الغمام.
إن التشابه المستمر في تعامل الأجهزة العسكرية والسلطات المدنية والإعلام على هذه الشاكلة في كل الدول العربية وتقارب وجهات التصرف والقرار، كله يثبت أن المهندس لهذه الأحداث هو واحد لم يتغير الآن ولم يخرج عن طواعيته طواغيت العرب.
هي ليست مؤامرة كونية بقدر ما هي دروس إسرائيلية تقدمها لولاة أمور العرب المعينين بموافقتها، لأنه في كل دولة اختل الأمر تجد إسرائيل وهيئاته تساند طرف الدولة خاصة فيما يخص القضايا الإعلامية بحكم سيطرتها المحكمة عليه من طرف مؤسسة أندمول العالمية لتمويل الإعلام في العالم هذا إن كنا نعلم أنه تمول ما يفوق الـ 60% من القنوات العربية.
إذن إسرائيل تكرس مبدأها المعتاد في قمع التظاهر عن طريق سفاحي العرب، فالمتتبع للقضية الفلسطينية مثلا، يلاحظ أنه من وقت لآخر يتم ارتكاب مجازر مروعة، ومع تصاعد أصوات الحرية تجدهم يقمعونها بكل قوة لأن هذا منطقهم في تسيير الشؤون هناك، ويستحيل أن يكون هذا التشابه مع ما يحدث في العالم العربي مجرد صدفة، بل هو هندسة صهيونية خالصة وبدعم منهم أصلا.
على الشعوب العربية رؤية المستقبل التحريري بالهدف العميق المتمثل في القضاء على الكيان الصهيوني بكل مفارغه، لأنه بالأساس هو الذي يسير هذه الأقطاب في الدول العربية للقضاء على الشعوب المسلمة.
ط.عمار