بسم الله الرحمن الرحيم أحداث مصر منذ 25 يناير الى الانقلاب على الشرعية سوف تحدث ثورة في المفاهيم بحكم طابعها السلمي لما يتيحه للجماهير من كافة أصقاع العالم وبمختلف عقائدهم ومشاربهم الفكرية من تتبع تفاصيلها والتفاعل معها وفرصة تحسين فهمهم وتحليلهم وأدائهم بل حتى تلك النخب التي تملك شهادات نظرية في السياسة والحقوق والإعلام والاقتصاد وو…بأرقى الجامعات من تمحيص وتدقيق معلوماتهم ميدانيا وكسب الحنكة والمناعة الكافية لكشف المكائد وإدراك المؤثرات الحقيقية والحاسمة في مسرح الأحداث الدولية والإقليمية والتي كانت تتيح لها طبيعة الصراعات العنيفة والدموية كالعراق وأفغانستان فرصة التخفي والتستر ومسح الآثار والظهور بصورة الحكيم والناصح والداعم والمساعد لكل جهود الإصلاح فالتعامل الصارم والمتشدد للمجتمع الدولي وعلى رأسها قوى الغرب في ثورات أوروبا الشرقية تجاه دور المؤسسة العسكرية وكفها عن ممارسة أي هيمنة أو سطو وإلزامها الحياد وفسح المجال التام أمام المؤسسات المدنية لاقتحام الحياة السياسية وطرح بدائلها الديمقراطية وشخصياتها بل تشجيعها في بعض الأحيان على الاستيلاء عن مؤسسات دستورية كالبرلمان والرئاسة في أوكرانيا وجورجيا مثلا والتعامل السلبي مع ما يحدث في دول الربيع العربي في التملص من لعب نفس الدور أحيانا والتواطؤ والتآمر في أحيان أخرى مع العسكر لعدم جاهزية أو قدرة بديلها الديمقراطي مما يجعل القيم الديمقراطية تهتز كما اهتزت الشيوعية من قبل ويفسح الطريق أمام البديل الإسلامي السلمي والخالي من التشويه بالإرهاب لتحتضنه الشعوب. أما الأطراف الإقليمية فسلوكياتها تصطدم مع الحركة الطبيعية للتاريخ فكل الأيديولوجيات في العالم وعبر التاريخ تساعد وتؤيد من يقاسمها ويشاركها في الاعتقاد والفكر في الوصول الى السلطة في بلده أما الحكومات العربية والإسلامية وعلى رأسها الخليجية والتي ترفع شعار الإسلام والعروبة فتتآمر ضد من يقاسمها تلك المبادئ في مصر وتونس وليبيا لإبعاده وإقصائه من السلطة والتحالف مع خصومهم وكذا ابتزاز الانقلابيين بتجميد أو إلغاء مشروع السوق الحرة بقناة السويس الذي شرع فيه الرئيس مرسي خشية المنافسة الشريفة لأسواق دبي والرياض والعقبة ويعد ضرب لاقتصاد مصر وليس لجماعة الإخوان والذي يغض عنه الطرف ديمقراطيو مصر والشيء الذي تنص عليه مبادئ التعاون والأخوة والمصالح المشتركة في الجامعة والبرلمان والسوق العربية المشتركة ويناقض الدور الذي يلعبه الإتحاد والبرلمان والبنك المركزي الأوروبي في نمو وتطور الشعوب الأوروبية. بالإضافة الى الإساءة والتشويه الفاضح للديمقراطية نفسها من طرف أولائك اللذين يرفعون لواء الدفاع عنها وتجسيدها فالتنكر لنتائج الصندوق وحملات التشويه الإعلامية المغرضة والتعتيم وتحريض العسكر على خنق أصوات وسحق وإقصاء الخصوم وكذا التآمر لحد فبركة أزمات مع الفاسدين من نظام مبارك في الإعلام والقضاء والأمن كسيناريو السولار والبلاك بلوك لإثبات فشل وعجز الخصوم وكذا تبديد أكبر وأعظم إنجاز حققته ثورة 25 يناير ليس لمصر فحسب بل للأمة العربية والإسلامية في عزل العسكر المحتكر والمتفرد والمهيمن عن السلطة ومعالجة أم الأزمات والتي عانت منها الأمة منذ قرون وإرساء نظام مدني يتم التداول فيه على السلطة عن طريق الصندوق مما يؤسس لنهضة ونمو وتطور شعوبنا. فكل هذا التحالف الرهيب المتربص بأمتنا وطموحاتها المشروعة في النهوض والتطور والتقدم جعل ليس الشعب المصري فقط يتفطن بل الشعب التونسي والليبي وحتى التركي وأضحت عودة الشرعية قضية كل الأمة بل كل أحرار العالم وتجذر الشعور عند المعتصمين لحد تبوأ الشهادة فراح يواجه بسلميته وبصدور عارية الرصاص الحي وكأنه تحرير الأقصى وانهالت الملايين عن الساحات وأنشدت أنظار العالم الى تلك المشاهد المزلزلة وآمن الناس بنظرية (سلميتنا أقوى من الرصاص) أو كما يسميه إخواننا الشيعة (انتصار الدم على السيف). يجدر بنا في هذا المقام أن نوجه الخطاب للذين يرفعون لواء المعارضة في الجزائر أن يعتبروا واللذين برروا للسلطة ما فعلته في التسعينات أليس ما يقوم به الأخوان اليوم حسب فهمهم هو التهور والتهلكة التي أرادوا إنقاذنا منها والانبطاح والخضوع والمشاركة هي الحكمة والمساعدة على إخراج البلاد من الأزمة إن الإيمان والصمود والتضحية التي تحلى بها البطل خيرت الشاطر عندما جمدت أمواله(ليست كأموال شكيب خليل أو ساو ريس أو ربراب) وفقد حريته بل انضباطه التام بالمبادئ وخضوعه لسلطة الرئيس المنتخب حتى وهو معزول ورفضه التفاوض باسمه هو السحر الذي يجذب الملايين ويحركها وليس كما فعل عمار غول التمرد على مواقف وقرارات حزبه وآخرون من قبله هل هذه الكوادر الانتهازية هي التي تعد بها أحزابها الشعب الجزائري لإحداث التغيير إنها تقاسم السلطة نفس الفهم للغنيمة ولهذه الهوة السحيقة بين النموذجين يكمن قصور وعجز هذه الأخيرة في تحريك حشود التسعينات رغم الغضب والتذمر الواضح عن ملامحها ثم إن هذه النخبة التي كسرت جدار تهميشها الأحداث الأخيرة كصفوة حجازي وعصام سلطان ونفين ملك وو…..أثبتت بإخلاصها ووعيها وثقافتها وانضباطها وتماسكها وإصرارها أنها المحرك والوقود لكل تغيير جاد وليس ما يفعله الإنقلابيون من لهث وراء كل المنابر المحلية والإقليمية وحتى الغربية كBBC وfrance24 لتلميع صورتهم وبث سمومهم هذه الأخيرة فهي التي ترسل إشارات التحرك الأولى للثورات المضادة في مصر وتونس وليبيا وو….وإن كانت مشفرة وهي لا تعطيهم إلا بعد إفراغهم من محتواهم وتكييفهم وفق أهداف ومخططات دولهم ومجتمعاتهم وثقافاتهم لا ما تصبوا إليه أمتنا العربية الإسلامية ونجحت تلك النخبة الواعية في تمرير رسالتها وشد انتباه العالم وكشف وفضح التآمر والضغط عن رؤوسه لتغيير مواقفه بتلك الوسائل البسيطة والمنبر المتواضع رابعة العدوية بعد خنق والتشويش عن ما تبقى من تلك المنابر الإعلامية الشريفة والمخلصة لمبادئ الأمة وهنا تجدر الإشارة والتنبيه لإخواني المنخرطين في مسار التغيير السلمي والجاد في بلدنا لمدى عمق التأثير لا الى بساطة الوسائل فرغم الوسائل والتقنيات المتطورة والهائلة التي يمتلكها معسكر الانقلابيين إلا أنها عجزت عن وقف النزيف البشري المتدفق من معسكرها نحو معسكر الشرعية وصد تلك الجاذبية بل بلغ حد الضغط على الرأي العام الدولي مما جعل أشتون وألفا كوناري وبرنز وغرا هام والعطية وغيرهم يهرولون الى القاهرة. بل أن ما نكرره من صلوات خمس في اليوم يمتد عمقه الى 14 قرن لم يكن رسولنا الكريم (ص)يمتلك كل هذه الوسائل التكنولوجية المتطورة والمتاحة اليوم لترسيخها فينا لذا لا يجب أن يكون التهافت على تلك المنابر على حساب المضمون فنفقد التأثير والعمق فالصدق والإخلاص والجد والذي تفتقده منابر الإنقلابيون جعل تلك الدعاية السوداء بتكرار الكذب لا ينطلي سوى لأيام قليلة ويخطأ من يعتقد بأن الشعوب بما فيها شعبنا الجزائري تتفرج على ما يحدث في مصر بل تتأثر وبعمق وستظهر إرهاصاته عاجلا