هذا مقتطف من خطاب الرئيس بن يوسف بن خدة، بتاريخ 03أوت 1962، يحذر فيه من المتربصين بالثورة، و الذي كان أغلبهم يقيم على الحدود و لم يشارك في القتال إلا قليلا، بل أن بعضهم لم يلتحق بالثورة إلا في أيامها الأخيرة، كالجنرال محمد التواتي والجنرال محمد العماري و الجنرال إسماعيل العماري…وكلهم ظلوا يقاتلون من أجل الجزائر الفرنسية، ولكن بعد أن تبين لهم أن فرنسا قد هزمت و آن لها أن تندحر من أرض إستعبدت شعبها لما يزيد عن 130 عام،”فروا” من صفوف العدو و “إلتحقوا” بالثورة التي لم يؤمنوا بها يوما بل و لم يؤمنوا بالجزائر المستقلة أبدا.
يقول بن يوسف بن خدة رحم الله،
: يُطرح هنا مشكل إدماج جيش التحرير الوطني وخاصة جيش الحدود. هذه المسألة الحساسة التي تُعد إحدى أهم النقاط الأساسية في عملية التحول، لم يكن ولن يكون من الممكن الفصل فيها إلا في إطار إنشاء الجيش الوطني الجزائري. فقط ضمن ذلك الإطار وتحت رعاية السلطة المركزية سيكون من الممكن إدماج جيش الحدود و جيش الداخل. في مقابل ذلك، فإن عددا من الضباط الذين أقاموا بالخارج، لم يعرفوا الحرب الثورية كما كان عليه حال إخوانهم في الجبال…حرب اعتمدت أساساً على الشعب، ولم يكن فيها جيش التحرير الوطني إلا بمثابة رأس الحربة. كان الشعب هو الصانع الأساسي للإستقلال. إن أولئك الضباط الذين بقوا طوال مدة الحرب في الحدود المغربية والتونسية، يميلون في أغلب الأحيان إلى الإعتماد فقط على قوة السلاح. هذا التصرف الخطير يؤدي حتما إلى الإستهانة بدور الشعب بل إلى احتقاره، ويؤسس لخطر بروز طبقة إقطاعية أو طغمة عسكرية مثل تلك الموجودة في عدد من الدول المتخلفة وفي أمريكا اللاتينية تحديدا. هنا يكمن داء الإغتراب. الثورة ليست إنجاز فئة من الشعب، ولكنها قامت على تعبئة كل الجزائريين…إن العمود الفقري، و الحارس اليقظ للثورة…هو المناضل، سواءاَ كان بالزي النظامي أو بدونه، أو كان من جبهة التحرير، من جيش التحرير، من النقابات…أو من أية منظمة وطنية أخرى. الجيش في خدمة الأمة، أي أنه خاضع للسلطة المباشرة و المطلقة للحكومة، التي تعبر عن السيادة الوطنية. ليس الجيش مصدرا للحكم وفق الفكرة المبسّطة التي تخلط بين الحكم بالقوة المسلحة وبين مصدر التشريع و الحكم. هذا المصدر لا يمكن أن يكون إلا الشعب! وذلك مبدأ في أساس ثورتنا وفي كل ديموقراطية.