في حوار مع الصحفي المقتدر عبد الغني مهدي، على قناة المغاربية، و بمشاركة مو سى تواتي وهو رئيس حزب، و الصحفي النشيط فيصل مطاوي، تركز النقاش أساسا على ما إذا كان بوتفليقة قد قضى أخيرا على المخابرات التي تحكمت في الجزائر بشكل لم يسبق له مثيل في العشرين سنة الأخيرة.
شخصيا، أعتقد أن الذي تخلص من جنرالات المخابرات، وليس المخابرات في حد ذاتها التي تبقى عسكرية وبإدارة جنرالات آخرين، هو السعيد بوتفليقة، شقيق عبد العزيز الأصغر، و الذي يدير الرئاسة نيابة عن عبد العزيز، الذي أصيب بسرطان في 2005 و أنهكته الأمراض و الصراعات على السلطة.
الشقيقين بوتفليقة وقد تأكدا من أن المعركة هي معركة بقاء، بعد أن طالتهما ملفات الفساد التي سُربت للصحافة المقربة، بشكل أو بآخر، من جماعة توفيق، فكان التحالف المفيد و المتصاعد مع جنرالات آخرين، و على رأسهم قايد صالح قائد الأركان، وبدعم قوي من فرنسا و الولايات المتحدة.
كنا سنتفاءل بإبعاد جنرالات مجرمين عن السلطة، وإعادة جهاز المخابرات لدوره الطبيعي و الدستوري، و هو حماية المجتمع و الدفاع عن الوطن وليس خنق المجتمع و إختزال الدولة في بضعة جنرالات كما ظل عليه الأمر خاصة منذ إنقلاب 92، إلا أن الصراع هو من أجل السلطة و التفرد بها من قبل عصابة لا تقل فسادا و نهبا عن توفيق، طرطاق، مهنا، عطافي و غيرهم…
و ليس تخليص الحياة المدنية من هيمنة العسكر، و لأدل على ذلك أن جهاز المخابرات يقسًم الآن بين الأركان و الرئاسة و يظل عسكري الطابع، في حين أنه كان يجب حلَ الدي أر أس و إستبدالها بمخابرات مدنية و إخضاعها لمؤسسات منتخبة، حقا و صدقا، بعد أن تحولت لسرطان حقيقي أنهك المجتمع و الدولة والوطن على حد سواء.
و الأبشع من ذلك و الأخطر، وسيتبن ذلك في المستقبل الفريب جدا، أن الشقيقين بوتفليقة، و من معهما من جنرالات الأركان ورئيس البوليس، إستعانوا بقوى خارجية كان دورها حاسما في تغليب كفًة الصراع لصالحهم، و إن كانت الحرب لم تضع أوزارها بعد بين المتشاكسين على نهب البلاد و إخضاع العباد.
إن أي جيش يتدخل في شؤون الناس اليومية، هو جيش آئل إلى الضياع و إلى إضعاف الوطن الذي كان يفترض فيه الدفاع عنه، و كلما إبتعد الجيش عن السياسة كلما كان قويا في عقيدته القتالية و قادرا على حماية الديار و قهر الأعداء.
محمد العربي زيتوت