1. قال السفير الفرنسي (برنار) باجولي للسفير الأمريكي أنه شخصيا، و الحكومة الفرنسية يشعرون بالقلق من أن الجزائر تتوجه اطّراديا نحو مزيد من عدم الإستقرار، لكنهم لا يرون بديلا لبقاء بوتفليقة في سدة الحكم لعهدة ثالثة مع مطلع 2009.
السفير باجولي الذي خدم هنا خلال الثمانينيات قال بأن المصالح الإستراتيجية الفرنسية في الجزائر تتعلق فوق كل اعتبار باستقرار الوضع في الجزائر والنمو الإقتصادي.
إن الضغوطات المتزايدة التي تدفع بالجزائريين للهجرة نحو فرنسا لانعدام الفرص داخل الجزائر، تلقي بثقلها على حساسيات فرنسا السياسية وتؤثر بذلك على الروابط الإجتماعية بين البلدين، وحسب باجولي دائما فإن الحكومة الفرنسية ترى أن التطورات الإجابية في الجزائر قليلة في الوقت الراهن:
– البلديات، التي تُتعبر أقرب مؤسسات الدولة إلى المواطنين، لا تملك أية صلاحيات أو موارد للإستجابة إلى المتطلبات محليا
– هناك عدم القدرة لدى جميع مستويات الحكومة على اتخاذ القرارات الصعبة، ما أسماه باجولي نوع من أنواع الجمود
– الأحزاب السياسية غائبة عن الساحة إلا قليلا، ومستعدة لتحصل مكاسب قليلة قصيرة المدى مقابل خسارة سياسية على المدى البعيد
– الإهتمام الشعبي بالنظام السياسي الرسمي تضاءل بشكل حاد وقد لوحظ ذلك في انتخابات 2007.
– مناخ الأعمال صعب جدا و لا يتحسّن؛غياب استحداث الإستثمارات و الوظائف (نوه السفير باجولي بأن جمعية الأعمال الفرنسية قامت بتحضير ملف عن المشاكل التي تواجهها الشركات الفرنسية في الجزائر وكيفية معالجتها، وقد لاحظ باجولي مخاوف وزير الداخلية يزيد زرهوني و الحكومة الجزائرية من أن يتم نشر الملف علنا)
– استشراء الفساد وصل إلى أعلى هرم في السلطة بما في ذلك إخوة بوتفليقة، وقد بلغ مستويات جديدة تتداخل مع التطور الإقتصادي.
السفير الفرنسي السابق في الجزائر برنار باجولي
طموح بوتفليقة لعهدة ثالثة:
2. قال باجولي بأنه فهم بأن قيادة الأجهزة الأمنية منحت موافقتها على تعديل الدستور من أجل إفساح الطريق أمام بوتفليقة للترشح لانتخابات 2009.
وقال باجولي أيضا أن صحة بوتفليقة تحسنت نحو الأفضل و أنّه احتمال بقائه على قيد الحياة وارد لسنوات عديدة. ويرجح باجولي بأن صحة بوتفليقة المتحسنة ونشاطاته منحته نفوذا أكبر من من نفوذ الجيش.
وعلى الرغم من ذلك يرى باجولي بأن الإجماع الحاصل بين كبار قادة الأجهزة الأمنية حول العهدة الثالثة لبوتفليقة قائم جزئيا على نظرة مشتركة مبنية على أساس أن بوتفليقة لن يُكمل عهدته الثالثة بسبب مشاكله الصحية.
لاتزال علاقة بوتفليقة بالأجهزة الأمنية تكتنفها الحساسية، فعلى سبيل المثال استنتج الفرنسيون أن الأجهزة الأمنية شجعت وزير المجاهدين عبادو على انتقاد سركوزي عشية زيارة الرئيس الفرنسي للجزائر من أجل إحراج بوتفليقة ودفع الفرنسيي لإلغاء الزيارة.
3. صرح باجولي بأن الفرنسيين يحتاطون بشدة في ما يتلفظون به للجزائريين حول تعديل الدستور و تمكين بوتفليقة من الترشح لعدة ثالثة يعلم الجميع أنه سيفوز فيها.
أحس باجولي بأن الجزائريين مرروا الفكرة بوضوح على العلن قبل زيارة سركوزي في ديسمبر من أجل تحسس ما إذا كان الرئيس الفرنسي سيتحدث ضد ذلك، ولذلك تعمد تجنب ذلك.
لقد لاحظ باجولي بأن الفرنسيين لا يعرفون أي خليفة ظاهر لبوتفليقة. رئيس الحكومة السابق حمروش، حسب رأيه، يتحدث عن الإصلاحات لكن الفرنسيون غير متأكدين من أنه سيكون قادرا على تطبيق برنامجه الإصلاحي.
أيضا رئيس الحكومة السابق أحمد أويحي، وجه آخر من وجوه السلطة لكن شعبيته هو الآخر متدنية.
في الأخير ختم باجولي بأنّه في غياب أي خليفة مناسب لبوتفلية، فإنّ الدفع ضد بوتفليقة سيفتح أسبابا أخرى لعدم الإستقرار.
وبدلا عن ذلك، قرر الفرنسيون أن أفضل رسالة عليهم إيصالها هي أنّهم على الحياد بخصوص مسألة عهدة بوتفليقة الثالثة، لكن على الحكومة أن تبدأ في النظر في المشاكل الإقتصادية و السياسية الخطيرة التي تعصف بالجزائر. (يهتم برنار باجولي على الخصوص بتفعيل اللامركزية على سبيل المثال)
الأمن:
4. عبّر باجولي عن انشغاله الكبير حول الوضع الأمني و طرح الكثير من الأسئلة حول رسائل الولايات المتحدة التحذيرية لمواطنيها، أي توصياتنا حول تجنب الأمريكيين لزيارة الجزائر؟
معترفا بأنّ المدارس الغربية وضعه في بؤرة صعبة نظرا لوجود مدرستين رسميتين فرنسيتين في الجزائر العاصمة.
باجولي أيضا أكّد أن تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي يبدو مقتصرا في الأساس على مهاجمة الحكومة الجزائرية ويستهدف الأجانب فقط من أجل إحراج الحكومة.
السفير (الأمريكي) لم يتفق مع هذا الطرح، معبرا عن وجهة نظره بأن القاعدة تستهدف الطرفين لأسباب مختلفة. تستجف القاعدة الحكومة الجزائرية لإحراجها وردا على خسائر القاعدة. وتستهدف الأجانب لطردهم خارج الجزائر ( وهكذا تساهم في تقويض استقرار الحكومة الجزائرية).
أقر باجولي أيضا بوجود عدد من نقاط الضعف الفرنسية، بما فيها مقرات المركز الثقافي الفرنسي في عدد من المناطق الجزائرية إضافة إلى الإقامات الدبلوماسية المتفرقة.
ولحد الآن، عالجت الأجهزة الأمنية الجزائرية التهديدات ضد الفرنسيين بطريقة مناسبة و تفانت في إحاطة السلطات الفرنسية بالمعلومات.
5. تعليق: رأى باجولي بأن الضغوط الخارجية على الحكومة هنا لمحاولة ثنيها عن التخلي عن فكرة العهدة الثالثة لبوتفليقة لن تجبر حكومة الجزائر على إسقاطها. بل على العكس حسب ظنه، ستصعّب تلك الضغوطات من مهمة العمل مع الجزائريين أكثر فأكثر، و بناءا على ذلك يتصور الفرنسيون الآن أنّه يجب أن يتعاونوا مع الجزائر في قضايا الأمن والملف الإقتصادي الإجتماعي.
و بسهولة أقر باجولي بأن التوقعات على المديين المتوسط و البعيد لا تبدو جيدة مالم تبدأ الحكومة في إصلاح جدّي للنظامين الإقتصادي و السياسي. لم يبدُ واثقا من أن الحكومة ستفعل ذلك، لكنه لا يملك فكرة واضحة عن ما يجب عمله حينها.
توقيع روبرت فورد.
http://internacional.elpais.com/internacional/2010/12/16/actualidad/1292454012_850215.html