أعلن قبل قليل عن وفاة نيلسون مانديلا عن عمر ناهز 95 عاما، الرجل الذي قهر الإستعمار الإستيطاني العنصري الذي استعبد شعبه لعقود طويلة.
ظل نيلسون مانديلا مقاوما، ثابتا على قناعاته على مدار عمر كامل، رغم القهر، ورغم التعذيب، ورغم السجن، ورغم كل أنواع الضغوط التي مورست عليه.
و أخيرا إنتصر، وانتصرت معه الإنسانية حينما سقط النظام العنصري في بداية التسعينات، وأعتبر زعيما، ليس وطنيا فقط ،بل إفريقيا وعالميا، و أصبح الذين كانوا يصفونه بالإرهابي، يفتحون له القصور، بما فيه قصر ملكة بريطانيا التي استقبلته استقبال الأبطال الفاتحين، بعدما كان البريطانيون يصفونه بزعيم الإرهاب و الإرهابيين في إفريقيا، وحياه زعماء العالم في كل مكان في حياته، وبكل تأكيد سيفعلون إما نفاقا و إما صدقا و قدرحل.
بالنسبة لنا نحن كجزائريين فإنه وهو يحارب العنصرية، فقد حارب من أجل الإنسانية جميعا، وما نذكره له أيضا أنه رفض الدعوات العديدة التي قُدِمت له من قبل الجنرالات في التسعينات ثم من قبل بوتفليقة لزيارة الجزائر، وقال أنها ليست الجزائر التي أعرف، ليست الجزائر التي جئتها في الستينات، إنها ليست جزائر الثوار التي أعرف، إنها جزائر أخرى، وإن حكامها اليوم يقهرون شعبهم، ولن أكون حتما سعيدا بزيارة بلد يحكمه الطغاة.
رحل الرجل وكلٌّ يرحل .. إنّما هي مواعيد مجهولة ، ونتائجُ ما هناك مقدماتُ ما هاهنا.. ومن عرف وعمل فذاك الكيّسُ.
بودّي أن أذكّر من يناضل – والذكرى نافعة – داخل الوطن وخارجه من أجل الحق والعدل والكرامة بأنّ مانديلا قضى أكثر عمره في السجن وخرج منه رئيساً لدولةٍ سلّم مفاتيح أبوابها لمن اختاره الشعب عبر الصندوق رئيساً خلفاً لرجل لا يشك أصدقاؤه وأعداؤه في إخلاصه للقضية وللوطن.
ليت – وهل تنفع ليت – من يلي أمر الوطن السليب يفهم أنّ النّضال من أجل الحقّ لا يقضي بالوصاية عليه ، ولكن أين من يفهم ؟