طريقة معالجة الجماعات الحاكمة لتمرد الشرطة سيفتح عليها أبواب الجحيم، خاصة وأنه أبان جليا عن مجموعة من الحقائق، ومنها:
1- خضعت السلطة لمبدأ تمرد الشرطة، أو قل”العصا”، التي ظلت تستعملها بقسوة ضد أبناء الوطن، فقبلت أن تتفاوض على المطالب بعد أن تعاظمت حركة الإحتجاج.
فظهرت كسلطة خائفة ومرتبكة وهي التي كانت تعطي الإنطباع دائما أنها لا تخشى أحدا.
خوفها سيغري آخرين على مواجهتها كانوا يخشون سطوتها وقمعها ويظنون، جهلا أو جبنا، أنها سلطة متماسكة وقوية.
2- إستجابت من اليوم الثاني للإحتجاجات، لكثير من المطالب المهنية والمالية لعناصر الشرطة، وهي التي كانت تظل تماطل لأ سابيع وأحيانا لأشهر، لمطالب فئات أخرى كالسلك الصحي، والسلك التعليمي، والحرس البلدي…الذين إنتفضوا على مدار أعوام بشكل شبه مستمر.
ذلك سيدفع آخرين، كثيرين، في وضع أشد بؤسا، للإحتجاج والثبات على موقفهم، وقد بدأت فئات كثيرة تلمح أو تتحضر لذلك كالحماية المدنية، وموظفي المجلس الدستوري، الطلبة…
3- ستضطر، السلطة المتهالكة، وفي سوق بترولية متهاوية الأسعار، لإعطاء زيادات معتبرة لعناصر الدرك و الجيش، خشية من أن تنتقل الإحتجاجات إليهم خاصة أن البسطاء منهم وضعهم المادي والمهني أسوأ بكثير من عناصرالشرطة، فمثلا، يتواجد عشرات الآلاف منهم على الحدود، في صحاري خالية يكاد يكون العيش فيها مستحيل.
مما رفع من حالات الأمراض العصبية بينهم، بل وحتى الإنتحار والجنون في بعض الأحيان.
4- سيكون من الصعب على عصابات الحكم إعطاء الأوامر للشرطة لقمع أي إحتجاجات مطلبية، وهي التي ستتكاثر وتتجدر، كما سيشعر بعض عناصرالشرطة حتما بالخجل، وربما بالألم، وهم يقمعون آخرين يتظاهرون لأسباب مشابهة…
5- ظهرت “القوة الإقليمية”، كما يحلو للبهلواني سلال أن يصف جماعات الحكم، أمام الداخل، وخاصة أمام الخارج الذي يهمها أكثر من أي شيء آخر، من أنها، في الواقع، متهالكة ولا تستطيع حتى أن تتحكم في” عصاها”، التي ظلت تبطش بها، وكانت مبعث فخرها، خاصة وأن من بين المطالب تنحية أحد أقوى الجنرالات، عبد الغني الهامل، وهو في نفس الوقت رأس البوليس ومن أكثر عناصر جناح بوتفليقة ولاء وقوة.
6- ومما أظهر أن صراع أجنحة النظام لازال متواصلا على أشده، قيام السلطة بطرد بعض كبار قادة جهاز الشرطة ومن بينهم المفتش العام للشرطة وأيضا رئيس شرطة العاصمة، الذي نادى المحتجون بإسمه ليكون خلفا للجنرال العسكري.
وستشهد الأيام القادمة قطف المزيد من “رؤوس المحرضين” داخل الشرطة وخارجها.
7- سيكتب التاريخ أن “إنتفاضة” الشرطة، التي لم يسبق لها مثيلا في تاريخ الجزائر، قد ساهمت في إنهيار حكم عسكري باطش وطاغ يتخفى وراء رئيس عاجز ومريض، نفسيا، قبل أن يكون جسديا.
رئيس آثر أن يموت على الكرسي، المتحرك، حتى ولو أدى ذلك لإنهيار بلد يزعمون أنهم سيحتفلون بذكرى ثورته ال60 بعد أيام.
محمد العربي زيتوت