تصادف مظاهرات باريس اليوم المنددة بما يسمى الإرهاب، الذكرى 23 لإنقلاب ضباط فرنسا على الإرادة الشعبية في الجزائر.
إنقلاب فتح أبواب الجحيم على الجزائر والجزائريين وأدى إلى جرح وسجن ومقتل مئات الآلاف، ناهيك عن الملايين الذين شُردوا في الداخل والخارج، وما تبع ذلك من دمار للمجتمع والأخلاق والإقتصاد والسياسة …بعبارة واحدة دمار هائل للجزائر.
الجزائر التي كان يمكن لها أن تكون قوة حقيقية لا تقل، مثلا، عن تركيا وماليزيا اليوم، وهي التي كانت في الثمانينات تصنف أنها أفضل منهما من عدة جوانب بما فيها الإقتصاد.
إنقلاب عسكر فرنسا، الجزائريين إسما، ماكان ليتم لولا تواطؤ مفضوح من قوى غربية على رأسها فرنسا، شجعت الجنرالات على جريمتهم العظمى في حق الشعب الجزائري، كما كشفت كثير من الشهادات، ومن بينها تلك التي أدلى بها أحد كبار مسؤولي المخابرات الفرنسية حينها المدعو ماركياني.
إن المتباكين على مقتل 17 فرنسيا في باريس يتناسون أن ملايين المسلمين قد قتلوا في العشرين سنة الأخيرة وحدها، إبتداء من الجزائر التي شهدت أبشع المجازر إلى سوريا النازفة بحورا من الدماء مرورا بملايين القتلى و المشردين في العراق وأفغانستان وباكستان واليمن ومالي…
والقائمة طويلة وتطول.
إن الجزء الأكبر في دمار المنطقة الإسلامية، خاصة العربية منها، يتحمله، أساسا، ساسة الغرب وسياساتهم تجاه المسلمين التي، في مجملها، تتوزع بين إحتلال عسكري مباشر على شاكلة العراق وأفغانستان أو غير مباشر بدعم أنظمة حكم قهرية ، مفسدة، جاهلة وخائنة.
إن ثورات العرب في الأعوام الأربعة الماضية أثبتت، بما لايدع مجال لأدنى شك، أن الغرب لا يريد لنا أن نتحرر وهو الذي يزعم الحرية، وما دعمه المفضوح للثورات المضادة التي قادها حلفاء ه من حكام الخراب والدمار في السعودية والإمارات والأردن والجزائر…إلا دليلا آخر على القبضة الإستبدادية التي يراد لها أن تظل خانقة مئات الملايين من المسلمين.
ويكفي أن نذكر، أن الجنرال السيسي الذي قتل الآلاف من المسالمين في الساحات العامة ويسجن عشرات الآلاف من أحرار مصر، قد فُرش له البساط الأحمر في عدة عواصم غربية وعلى رأسها باريس التي تتظاهر اليوم ضد”الإرهاب”.
إننا ونحن ندين الإرهاب أياكان فاعله وتحت أي ذريعة كانت نتساءل اليوم أيهما أشد إرهابا وإجراما، الذين تحركوا بمفردهم فقتلوا 17 شخصا أم الإرهاب الذي تقوم به دول كبرى ضد المستضعفين الذين لا يريدون إلا حياة حرة وكريمة في أوطانهم التي دفعوا من أجلها ملايين الشهداء لتحريرها من إستعمار غربي بغيض ولعل الجزائر هي أكثر الأمثلة بروزا في هذا الصدد.
إذا كان ساسة الغرب صادقين حقا فيما يقولون ويدعون، عليهم أن يحبوا، حقا وصدقا، للآخرين ما يحبون لأنفسهم من حرية وسلام وآمان وتطور…
و عليهم أن يتوقفوا عن الكيل بمكيالين وعن محاولات إخضاعنا كما فعلوا في الماضي، لأن الزمن قد تغير وشعوبنا التي هي في طريقها لإسقاط الإستبداد لن تسمح للإستعمار أن يعود أبدا.
محمد العربي زيتوت
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته:
أخي محمد العربي,
مرة أخرى تتزعزع أفكاري و قيمي و تنقسم مشاعري و أحاسيسي بين السيف و الجلاد….
أول ما سمعت الخبر لم يصل أذني إلا عبارة “قتل من أساء إلى الحبيب المصطفى (ص). فكبرت و هللت ” جاء الحق و زهق الباطل إن الباطل كان زهوقا”. ثم أسرعت إلى حاسوبي أ ستقصي الأخبار الكاملة. طبعا لم أكن أنتظر من المحطات التلفزيونية و الإخبارية أن تنبئني بأن الفاعل مسلم . فهذا أصبح من البديهيات….. أ يقتل غير المسلم في زماننا هذا؟!! كلا و الله فالقتل و الإجرام و الإرهاب أصبحت كلمات مرادفة لمعنى المسلم… أنا فقط أردت أن أعرف ردود الفعل …. و يا ليتني ما فعلت……..
فبغض النظر عن الأسباب و المنفذون و.. و…و….. فالعملية فيها عنف و دماء …. و من مبادئي التي لن أتخلى عنها أني أنبذ العنف و لا أريده….
و لكن كيف تحل المعادلة؟ … إن اتبعنا الطرق السلمية لم نجني سوى السخرية و الدمار باسم الديموقراطية و الحرية والمساواة ….. أسس وضعها الغرب تطبق علينا ليس إلا أننا نعتبر بشر من الدرجة الثانية و ربما الثالثة إن أقررنا أن للحيوانات حقوق مصانة و محفوظة في بلدان الديموقراطية و الحرية و المساواة…..
و إن قررنا الثأر لأنفسنا و ردع الظلم عن شعوبنا و أخذ زمام أمورنا بأيدينا و تطبيق ا”لسن بالسن و العين بالعين و البادئ أظلم” , فإنه الإرهاب بعينه و ما أدراك ما الإرهاب…..
فالكل سيتكالب ضدنا و لن يشفع لنا ظروف نفسية أو طفولة بائسة ولدت فينا النقمة على كل شيء أو غضب أعمى أفقدنا الصواب و البصيرة عند رؤية قيمنا , شرفنا , ثوابتنا تداس و تهان…..
فالإرهاب من طرف المسلم ذنب لا يغتفر و الثمن يدفعه الجميع……
إذن أين السبيل و أين الحل ….. مع كل عملية تتشتت أفكارنا أكثر فأكثر و المعادلة تتعقد أصعب و أصعب…..
أنبذ العنف و لكني لا أريد الذل و الهوان……. أحب الحرية و لكن الحرية تؤخذ و لا تعطى و باعتراف الغرب نفسه بهذا…..
و مما زاد في حيرتي و خيبتي ردود فعل المسلمين أنفسهم أو بالأحرى “حكام المسلمين” و نخبتهم و مثقفيهم و أئمتهم و إعلامهم إلا من رحم ربي…… تعالت أصواتهم أعلى من كل صائح….. و تسابقوا فرادى و جماعات يقدمون الطاعة و الإنبطاح….. علا عويلهم فوق كل صوت ….نددو ا و توعدوا و قدموا التعازي و الإعتذار…… يا للإنبطاح……
حتى تلك القناة التي كنت أعتبرها TOPفوق كل مصداقية و تشتغل على حاسوبي 24 ساعة على 24 ساعة…… فإذا بها مثلها مثل الآخرين….. أحد مقدميها لم يقل فقط “رحمهم الله ” عن القتلى الذين يسميهم الجميع “ضحايا”…… الضحايا يا سادتي من لا حول له و لا قوة و هؤلاء القتلى إختاروا طريق التحدي لأمة بأكملها…… مقدم آخر كان يذكر المشاهدين بين الحين و الآخر أن هؤلاء القتلى لم يرتكبوا جريمة حين فعلوا و قالوا ما فعلوا و قالوا لأنهم محميين تحت قانون “حرية التعبير” في فرنسا……و يذكرهم بأن هذه الجريدة تسخر من عيسى (عليه السلام) أيضا….فيجب علينا تفهم مواقفهم ….. نحن لا نقبل أن يسخر من أي من الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين……… أ يصل بنا الإنبطاح إلى هذا الحد؟!!…. فالكل يعلم أن القانون لا يطبق إلا ضد المسلمين….. و لهذا فهو باطل إلا إذا غيروا في صيغته و قالوا “حرية التعبير ضد المسلمين” فهنا الأمر يصبح أوضح…… أما أن نطبقه على فئة دون أخرى فهذا هو الظلم و الإرهاب بأم عينه….
أما الأئمة الضيوف فحدث و لا حرج……. قالوا لو كان الرسول (ص) بيننا فلن يرضى بهذا الإرهاب و لن يعاقب أي أحد سبه و اعتدى عليه… أ لم يقل لقومه اذهبوا فأنتم الطلقاء….. أ لن يقول يوم الشفع أمتي أمتي….
و نسوا أنه لو كان صلى الله عليه و سلم بيننا لما رضي لنا الذل و الهوان ….. لما رضي لنا الرضوخ و الإنبطاح…… أ لم يطرد (ص) يهود بني قينقاع لما نهكوا حرمة امرأة مسلمة و لم يعاقب الرسول الرجل الذي قتل اليهودي نجدة لشرف المسلمة ….. كلا و ألف كلا…. لو كان بيننا اليوم لما رضي أن تنهك حرمات المسلمات و يقتل أطفال المسلمين و تصرف أموالهم في الملاهي و الألعاب النارية في ليلة رأس السنة بينما كان أطفال في سوريا و غزة و ليبيا و..و…و….. يمزق الجوع أحشائهم و يقطع الرصاص أشلائهم……. بأبي أنت و أمي يا رسول الله ….. جئت رحمة للعالمين….. فانظر حال أمتك……. أئمتنا: ” أ تؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض”….. الرسول (ص) جاهد بالكلمة كما جاهد بالسيف حتى يظهر دين الله و لو كره الكافرون ….
عذرا إخوتي, أنا لا أقصد أن تقف هذه القناة أو غيرها تصفق إعجابا للفاعل….. أو تقدم التهاني أو… أو….. بل عاملوهم على الأقل بالمثل….. لما تحدث مجزرة ضد المسلمين …. إعلام الغرب يمر عليها مرور الكرام…..فقط بعض الصور الباهتة لأمهات يلطمن وجوههن أو رجال تهاونوا مثل الحريم فراحوا يندبون و يبكون على الملأ…. و انتهى الأمر….. فلماذا إعلامنا يقوم بتغطية خاصة على مدار الساعة؟!!!! و يبث صور التعاطف …… و الأدهى و الأمر يبثون ” الكاركاتور ” الذي قامت عليه كل الحكاية؟!!!
يا إخوتي عاملوهم بالمثل……. لماذا تقوم الدنيا و لا تقعد عند المسلمين لأمر عند الفرنسيين؟!!…. لماذا كل هذه الضجة؟!!!! طبعا الكل خائف…..لأنه لم يعد لدينا أوطان نعود إليها ….. أوطان ننتمي إليها….. لأنهم شردونا و زعزعوا ثقتنا …. زرعوا فينا الرعب حتى أصبحنا نخاف من كلمة “إرهاب” و هم الإرهاب بعينه….
يا للعار….. يا للإنبطاح ….. مثل هذه العمليات كانت تسمى قديما “عملية فدائية” و اليوم “أصبحت ” عملية إرهابية” …. رحم الله زمانا صرخت فيه امرأة مسلمة أهينت من طرف الصليبيين “وا إسلاماه” , “وا معتصماه” فلبى النداء و كان فتحا مبينا…..
و ختاما…. و الحديث طويل …. و لكن أظن أن الحل بيد حكامنا…. فلو أنهم ردوا لنا كرامتنا , اعتبارنا , عزتنا, لما ضاعت قيمنا و أخلاقنا و حقوقنا …… و لا تجرأ أيا كان أن يتعدى علينا …..